مقدمةزادت الأوضاع السياسية واﻻقتصادية المتردية في الجزائر من التأثير السلبي على أوضاع حرية الرأي والتعبير في الجزائر.

ولعبت سوء الحالة الصحية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالإضافة إلى وجود التيارات السلفية المتشددة، وإصرار السلطات الجزائرية على فرض رؤيتها السياسية وتوجهها الديني على المعارضة السلمية، والمؤسسات اﻻعلامية المستقلة ونشطاء حقوق الإنسان  مما كان له دورا ملحوظاً في تضييق المساحة المتاحة لحرية التعبير عن الرأي.

وتضم الساحة الإعلامية في الجزائر  الآن 140مطبوعة، وأدت الأزمة الاقتصادية إلى توقف 60صحيفة عن العمل منذ عام 2014، وأعلنت الصحف المتوقفة إفلاسها بسبب عدم قدرتها حتى على دفع أجور الصحفيين وتكاليف الطباعة، في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية وتقليص الإعلانات الحكومية لبعض الصحف، وقطعها نهائيا عن الصحف “المارقة”.

ولجأت السلطات الأمنية إلى منع اﻻحتجاجات، وقابلت بالقمع محاولات الخروج للتظاهر في الميادين ضد استمرار حكم الرئيس بوتفليقة البالغ من العمر ثمانين عاما والذي لا يظهر إلا نادرا منذ إصابته بجلطة في عام 2013.

أ. حجب مواقع الإنترنت:

* حجب موقع “كل شيء عن الجزائر”:

قامت السلطات الجزائرية بحجب موقع “كلشيءعنالجزائر“، الإلكتروني بنسختيه العربية والإنجليزية على الرابطين (www.tsa-arabi.com) و(tsa-algerie.com) على شبكات “ألجيري تيليكوم” و”موبيليس”

وأوضح بيان صادر من المسؤولين عن الموقع أنهم يجهلون سبب الحجب، الذي تم منذ الخميس 5أكتوبر الماضي دون إعلان أسباب. ويرجح أن يكون الحجب مرتبطا بالخط التحريري للموقع الناقد للسلطات الجزائرية.

ب.ملاحقة نشطاء المجتمع المدني:

عرقلت السلطات الجزائرية ترخيص إشهار الجمعيات ومنعت منظمات مجتمع مدني من القيام بالدور المنوط بها في خدمة مجتمعها المحلي وممارسة نشاطها بشكل طبيعي.

1- استهداف طائفة الأحمدية ومنعهم من تسجيل أنفسهم كجمعية :

في مارس 2016، رفضت محاولة الأحمديين تسجيل أنفسهم كجمعية تخضع لأحكام القانون الجزائري. ومنذ ذلك الحين أقامت السلطات الجزائرية دعاوى قضائية ضد أكثر من 280من الأحمديين تتهمهم فيها بـ”عضوية جمعية غير معترف بها، وجمع تبرعات دون تصريح، وممارسة العبادة في أماكن غير مرخص بها، ونشر دعاية أجنبية تسيء إلى المصلحة الوطنية وتستهزئ بعقيدة الإسلام ومبادئه”.

واستهدفت هذه السلطات أفراد الطائفة الأحمدية منذ شهر يونيو 2016، وألقت القبض على ما يزيد عن 50منهم في ولايتي البليدة وسكيكدة، ومناطق أخرى بسبب عقيدتهم كما قضت محكمة اﻻستئناف في عين تادلس بولاية مستغانم الجزائرية (355كلم غربي العاصمة) يوم 12سبتمبر 2017، بحبس محمد فالي، زعيم الجماعة الأحمدية في الجزائر ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ بزعم “جمع أموال دون ترخيص والإساءة للنبي”.

واعتقلت قوات الأمن محمد فالي، منذ 28أغسطس 2017بعد صدور مذكرة توقيف بحقه إثر حكم غيابي سابق صدر ضده من المحكمة نفسها في فبراير 2017، بالسجن ثلاثة أشهر .

2- المدافع الحقوقي كمال الدين فخار يقضي عامين في سجن المدية:

قضى المدافع الحقوقي كمال الدين فخار، سنتين في سجن مدينة “المدية” الواقعة على بعد 90كلم جنوب غرب العاصمة، وتم الإفراج عنه يوم الأحد 16يوليو 2017، على خلفية اتهامات من بينها “تكوين جمعية من أجل المساس بسلامة الوحدة الوطنية وأمن الدولة، والدعوة إلى التمرد المسلح والدعوة إلى انفصال ولاية غرداية عن الدولة الجزائرية”، على خلفية أحداث طائفية بين العرب واﻻمازيغ شهدتها منطقة غرداية (600كلم جنوب الجزائر العاصمة).

و“غرداية” معروفة بانقسام سكانها العرب والأمازيغ بين المذهبين المالكي والإباضي، وعادة ما تنشب بينهما اشتباكات متفرقة، ولكن قبيل منتصف ليل الثلاثاء 7يوليو 2015، اندلعت اشتباكات مفاجئة بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة النارية والزجاجات الحارقة والحجارة مما زاد من عدد القتلى والمصابين.

واعتقل كمال الدين فخار في 9يوليو 2015، وصدر ضده ثلاثة أحكام بالسجن، وهى سنة سجن فى أكتوبر 2015وسنتان فى 24مايو 2017ثم 18شهرا فى 25مايو 2017أيضا. ودخل في إضراب عن الطعام لأكثر من 100يوم يوم احتجاجا على اعتقاله ، قبل أن ينهيه  فى 20أبريل 2017، بعد إلحاح من الأطباء.

كمال الدين فخار هو مؤسس “تيفاوت”، وهي مؤسسة تعمل على حماية وتعزيز حقوق الإنسان للأمازيغ، وكان سابقا عضوا في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH).

ب. الاعتداء على أئمة المساجد

شهدت المدن الجزائرية المختلفة العديد من حوادث اعتداء جمهور المصلين على أئمة المساجد الموالين للحكومة الجزائرية داخل المساجد وخارجها، ووصلت هذه الاعتداءات إلى حدود تهديد عدد من الأئمة لأول مرة في الجزائر بمقاطعة صلاة الجمعة احتجاجًا على الاعتداءات المتكررة ضدهم.

واﻻعتداء على أئمة المساجد ليست ظاهرة جديدة ولكنها أخذت في النمو بشكل متزايد خلال عام 2017، فقد اعتدى بعض الأفراد بالضرب المبرح على إمام بحي بئر الجير في مدينة وهران، كما جرى اﻻعتداء على إمام بولاية سكيكدة، ووصلت الاعتداءات إلى حدود التهديد بالقتل حيث قام مجهولون بوضع كفن عند مدخل مسجد عمر الفاروق بوهران، وقاموا بكتابات جدارية تصف الإمام بـ “الكافر”، واستدعى الأمر تأكيد من وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية على أنها اتخذت كل اﻻجراءات اللازمة لتوفير الحماية للأئمة.

ج.الصحافة والإعلام

قامت السلطات الجزائرية بالتضييق على بعض المؤسسات الإعلامية من خلال وضع لوائح وقوانين تحد من حرية النشر، ومن خلال منع الإعلانات عن المؤسسات الصحفية المستقلة ومنح تلك الإعلانات للمؤسسات التي توافق هوى الحكومة.

ورصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ما يلي:

1- وزير الإعلام يصدر وثيقتين يضيقان على حرية الصحافة :

توجه وزير الإعلام حميد قرين في 28مارس 2017، إلى مسؤولي وسائل الإعلام السمعية البصرية بوثيقتين ينتهك فيهما الحق في حرية التعبير عن الرأي، و يضيقان على حرية الصحافة، أحدهما ميثاق يسعى لتنظيم تغطية أخلاقية وعادلة للانتخابات التشريعية التي أجريت في 4مايو ، والآخر منشور تم توجيهه إلى مسؤولي وسائل الإعلام السمعية البصرية.

يمنع الميثاق وسائل الإعلام من إعطاء الكلمة للداعين لمقاطعة الانتخابات، ويمنع وسائل الإعلام من إعطاء الكلمة مباشرة للمواطنين أثناء الحملة الانتخابية أو من بث مناظرات و بيانات سياسية من الممكن أن تمس الأمن العام و الدولة أو من الممكن أن ينتج عنها انزلاقات مخالفة للأخلاقيات الصحفية والسياسية.

بينما ينص المنشور في مادته الأكثر خطورة أن مسؤولي الإعلام السمعي البصري يجب أن يسهروا على منع كل إساءة، إهانة أو قذف ضد شخص رئيس الدولة أو المؤسسة التي يمثلها.

2- مدير صحيفة “التنوير” يضرب عن الطعام بسبب الفساد في توزيع الإعلانات الحكومية:

قرر مدير صحيفة “التنوير”، يعقوب بوقريط، الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداءً من 22أكتوبر 2017 بالتزامن مع اليوم الوطني للصحافة، وذلك احتجاجا على عدم حصول صحيفته على حصتها من الإعلانات الحكومية

الجدير بالذكر أن إعلانات هيئات ومؤسسات الدولة توزعها شركة النشر والإعلان الحكومية، التي تأخذ على عاتقها مهمة توزيع الإعلانات على الصحف الورقية. وترى المؤسسات المستقلة أن الإعلانات توزع على أساس مدى قرب الصحيفة ومالكها من السلطة عموما ومع شركة النشر والإعلان خاصة.

3- السلطات توافق على فتح قنوات تلفزيونية خاصة :

في خطوة للأمام وافقت الحكومة الجزائرية على إنشاء قنوات تليفزيونية خاصة وهو ما يفتح الأمل أمام امكانية عرض كافة وجهات النظر السياسية واﻻجتماعية، حيث أعلنت وزارة اﻻتصالات في 28أكتوبر عن وقف استقبال طلبات الترشح لفتح قنوات تلفزيونية خاصة بالجزائر بعد شهر من فتح باب القبول بموجب قرار نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 28سبتمبر 2017في العدد 56للسنة الرابعة والخمسون، وفيه يسمح الحكومة بتأسيس سبع قنوات فضائية تتعلق بمواضيع الأحداث السياسية والإقتصادية والإجتماعية (برامج تشمل أخبار وتقارير وتحاليل وتعليقات وحوارات وندوات)، إلى جانب الثقافة والشباب وفن الطبخ والإكتشافات والمسلسلات والترفيه والرياضة، وتبث على القمر الصناعي “أوتيل سات”.

4- مصادرة الكتب:

منعت إدارة “الصالون الدولي للكتاب” في الجزائر، مشاركة الباحثيْن الجزائريين:  دحو جربال وهو أستاذ محاضر في التاريخ المعاصر في جامعة الجزائر, ومدير تحرير حولية ” نقد ” مجلة الدراسات والنقد الاجتماعي ” التي تصدر في الجزائر باللغتين العربية والفرنسية،  والكاتب والباحث الجزائري عيسى قادري، في ندوة بعنوان “مكافحة الاستعمار”، كانت مقرراً لها الأول من نوفمبر ضمن أنشطة المعرض؛ وذلك على خلفية توقيع الباحثين على عريضة تطالب بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في الجزائر بسبب مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والغموض الذي يحيط قدرته على الحكم وإدارة شؤون البلاد.

5- التجمع السلمي :

اعتقلت الشرطة الجزائرية يوم 6سبتمبر ، عدد من الشباب خلال مسيرة طالبوا خلالها بتفعيل المادة 102من الدستور القاضية بإعلان شغور منصب الرئاسة في حالة استمرار المانع الصحي للرئيس مدة 45يوما، وذلك بسبب مرض الرئيس بوتفليقة وشكوك في عجزه عن أداء مهامه الدستورية، وارتدى الشباب خلال المسيرة قمصاناً تحمل نفس الرقم.

وأعلن حزب “جيل جديد“، أحد أبرز الأحزاب الداعية إلى إعلان شغور منصب الرئيس، أن العضو القيادي في الحزب نور الدين أوكريف اعتقل منذ صباح ذلك اليوم، في أحد مراكز الشرطة بالجزائر، مع عدد معتبر من المواطنين، بعد مشاركته في حملة ارتداء قمصان عليها إشارة المادة 102من الدستور.

وقد شهدت شوارع وسط العاصمة تواجدا أمنيا مكثفا منذ الصباح الباكر ليوم 6سبتمبر تحسبا لخروج مظاهرات تطالب بعزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

6- اعتداء على الناشط رشيد نكاز في باريس:

اعتدى شخص محسوب على عمار سعداني الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالجزائر على الناشط الجزائري رشيد نكاز، أثناء قيام الأخير بوقفة احتجاجية أمام مسكن سعداني بإحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس بدعوى “جذب انتباه الشعب الجزائري لقضايا الفساد، وتهريب الأموال للخارج”.