قبل أن تبدأ

هذه قصة شاب مصري ، ضمن غيره من الالاف الغير مشهورين 

اختفى قسريا مرتين ، حوكم مرتين وحصل على البراءة ، ومازال مجتجزا ، مازال سجين ، مازال أسير،

كل الاوصاف تنطبق عليه.

إغتيال العدالة والمستقبل بالاخفاء القسري والتلفيق،،

“قصة سجين مصري ”

من هو خالد عاطف؟

شاب مصري حاصل على مؤهل متوسط “دبلوم صنايع” يعيش مع أسرته المتوسطة الحال ، وباعتباره اكبر الابناء ، يساعد اسرته في كفالة أخوته الاربعة ، عبر العمل في احدى شركات الاغذية.

بلغ من العمر حين تم اقتحام منزل اسرته التي تقطن في عزبة الوالدة بمنطقة حلوان جنوب محافظة القاهرة، والقبض عليه 25عاما.

أولا : فصول القصة “المأساة”

  • قبض وإخفاء قسري

بدأت سلسلة الانتهاكات التي تعرض لها خالد عاطف ، في 18 مايو 2019 باقتحام قوات أمن بزي مدني منزل اسرته في حلوان لتقوم هذه القوات بتفتيش المنزل وتحطيم محتوياته دون إبراز إذن النيابة،  وإلقاء القبض عليه هو وشقيقه واقتيادهم إلى مكان غير معلوم، فسارعت أسرته بارسال برقيات تلغرافية بتاريخ 19 مايو 2019 إلى كلا من ( النائب العام، وزير الداخلية، وزير العدل) ، ونتيجة لتجاهل  هذه الجهات الثلاثة للبرقيات التي وصلتهم ،  قامت والدة خالد بتحرير محضر بنيابة حلوان قيد برقم 7042 لسنة 2019 إداري حلوان.

  • تحقيق وحبس احتياطي:

في 21 يوليو 2019 أطلقت قوات الأمن سراح شقيق خالد عاطف من مكان احتجازهم الغير معلوم، وتم اقتياد خالد إلى قسم شرطة حلوان وتحرير محضر ضبط قيد برقم 20398 لسنة 2019 جنح حلوان، وتم عرضه بتاريخ 22 يوليو 2019 على نيابة حلوان وبحضور محاموا وحدة العدالة الجنائية بالشبكة العربية، واتهمته النيابة العامة بالانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها وقررت حبسه احتياطيا لمدة أربعة أيام.

  • إخلاء سبيل لم ينفذ 

في 25 يوليو 2019 قرر قاض المعارضات في محكمة جنح حلوان إخلاء سبيل خالد عاطف بضمان مالي قدره 10 آلاف جنيه، الا أن النيابة العامة قامت بالطعن على القرار بالاستئناف ، الذي رفضته محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في تاريخ 27 يوليو 2019 وتأيد قرار إخلاء السبيل، ليصبح قرارا نهائيا واجبا النفاذ عقب قيام أسرته بتسديد الضمان المالي.

  • إخفاء قسري جديد

لم يطلق سراح خالد عاطف ، عملا بقرار المحكمة ورغم تسديد الكفالة ،   حيث قام ضابط الأمن الوطني باقتياده مرة أخرى الى مكان غير معلوم و اخفاؤه قسريا للمرة الثانية ، مما دفع أسرته إلى إرسال برقيات تلغرافية جديدة إلى وزير الداخلية، النائب العام والمحامي العام لنيابات جنوب القاهرة ، ومرة أخرى  كان مصير هذه البرقيات الصمت التام وعدم اجراء اي تحرك قانوني ، الأمر الذي دفع محاموه من تحرير بلاغ بمكتب المستشار/ النائب العام حمل رقم 11727 لسنة 2019  الذي قابله هو الآخر بالصمت وعدم فتح تحقيق في الواقعة على الرغم من مرور أكثر من شهرين على واقعة اخفاؤه عقب قرار إخلاء سبيله وفشلت كافة المحاولات للاستدلال علي مكان احتجازه .

  • تدوير وحبس ومحاكمة

في 14 أكتوبر 2019 ظهر خالد -بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أشهر على اخفائه قسريا- داخل نيابة السلام الجزئية في محكمة القاهرة الجديدة للتحقيق معه في المحضر رقم 1502 لسنة 2019 جنح أمن دولة طوارئ السلام ،  والذي ادعى فيه الضابط محرر المحضر ان خالد تم ضبطه بذات اليوم وهو في حالة تلبس أثناء تواجده بمساكن الحرفيين في مدينة السلام وزعم احرزه سلاح ناري “فرد خرطوش” وعدد طلقتين خرطوش، وقررت النيابة حبسه احتياطيا لمدة 15 يوما، وتوالت جلسات تجديد حبسه حتى تاريخ 26 يوليو 2020 بقرار نيابة شرق القاهرة الكلية باحالة خالد عاطف محبوسا الى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بعد قيدها برقم 2404 لسنة 2020 جنايات أمن دولة طوارئ  السلام أول.

  • براءة جديدة  لم تنفذ 

في 30 مارس 2021 ابلغ محاموا الشبكة العربية الذين يتولون الدفاع عنه المحكمة بظروف الدعوي والمتهم وكم الانتهاكات التي طالته ، فقضت محكمة جنايات أمن دولة طوارئ شمال القاهرة ببراءة خالد عاطف مما هو منسوب إليه من اتهام، إلا أن الافراج عن خالد لم يتم.

  • اختفاء قسري جديد

رغم براءة خالد والتي تقتضي اخلاء سبيله فورا ، قام ضباط الامن الوطني باقتياده مرة أخرى من قسم شرطة السلام إلى نفس المكان المجهول الذي يقتاد إليه وإخفاؤه مرة اخرى، هذه المرة لم تتحرك أسرته بعمل أي تحرك قانوني املين ان يتم اطلاق سراحه بعد تلقيهم وعود بذلك الا أنه لم يتحقق وظل مختفيا.

  • تدوير آخر و محاكمة جنائية أخرى

اختفى خالد منذ البراءة الثانية التي حصل عليها في مارس 2021، حتى ظهر في 23 مايو 2021 داخل قسم شرطة مدينة بدر وتحرير محضر رقم 1409 لسنة 2021 إداري قسم بدر مع محضر تحريات كاذب ، يزعم ورود معلومات تفيد تردد خالد على منطقة الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر ويقوم بتحريض الشباب ضد مؤسسات الدولة ويقوم بتوزيع المنشورات ،  وان الشرطة نجحت في إلقاء القبض عليه وعرضه بتاريخ  24 مايو 2021 على نيابة بدر الجزئية بمحكمة القاهرة الجديدة ،  تم التحقيق مع خالد دون حضور محام معه ووجهت إليه اتهامات الانضمام الى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، حيازة وإحراز مطبوعات بغرض الترويج تحض على تعطيل أحكام الدستور والقانون، الترويج لفكر جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، إذاعة أخبار وبيانات واشاعات كاذبة، واحراز ذخائر (طلقتان) بدون ترخيص ،  وقررت نيابة أمن الدولة حبسه احتياطيا على ذمة التحقيقات، وتوالت جلسات تجديد حبسه حتى تاريخ 16 يونيو 2021 حينما قررت نيابة القاهرة الجديدة الكلية نسخ صورتان من الأوراق تقيد الأولى برقم جنح أمن دولة طوارئ عن تهم الترويج لأفكار جماعة الإخوان الإرهابية وإذاعة عمدا أخبار وبيانات كاذبة، وقيد الثانية برقم إداري عن واقعة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون وإرفاقها بالقضية رقم 43 لسنة 2017 إداري مدينة نصر لاستكمال التحقيقات والتصرف.

  • حكم جديد بالبراءة يتم اهداره

في 17 يونيو 2021 قرر المحامي العام لنيابات القاهرة الجديدة إحالة خالد عاطف محبوسا الى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بالقاهرة لمحاكمته عن الاتهام بحيازة وإحراز ذخيرة (طلقتان خرطوش) دون أن يكون مرخصا بحيازتها وتحديد جلسة 30 سبتمبر 2021 لنظر المحاكمة، وفي تلك الجلسة استطاع محاموه اثبات تلفيق الاتهام من قبل ضباط اﻷمن الوطني  فقضت محكمة أمن دولة طوارئ القاهرة ببراءة خالد عاطف مما هو منسوب إليه من اتهام ليكون الحكم الثاني له في قضايا ملفقة، إلا أن هذا الحكم أيضا لم يلقى قبول ضابط الأمن الوطني ،  حيث تم اقتياد خالد إلى ذات المكان المجهول وإخفائه مرة رابعة مما دفع أسرته إلى إرسال برقية تلغرافية الى السيد المستشار/ النائب العام والسيد اللواء/ وزير الداخلية.

  • تدوير جديد وتجديد حبس إلكتروني وحرمان من المثول أمام المحكمة

في 18 أكتوبر 2021 ظهر خالد داخل نيابة الشرابية الجزئية في محكمة الجلاء والتحقيق معه في القضية رقم 4538 لسنة 2021 جنح الشرابية بدون حضور محام في مخالفة واضحة لقانون الإجراءات وتوجيه اتهام الانضمام الى جماعة ارهابية مع العلم بأغراضها وقررت حبسه احتياطيا على ذمة التحقيقات، ولم يكتفى بهذا الانتهاك قبل خالد من التحقيق معه دون محام، بل امتدت ايضا لحرمانه من المثول أمام قاضيه الطبيعي لنظر أمر مد حبسه لينال فرصة الحديث عن الظروف التي مر بها منذ إلقاء القبض عليه، ونظر تجديد حبسه عن بعد عبر ما يسمى “التجديد الإلكتروني” والذي يتم عبر نقل خالد من محبسه في قسم شرطة الشرابية إلى سجن 15 مايو العمومي وإيداعه في غرفة مجهزة الكترونيا وتكتظ بعدد من القيادات الأمنية حيث تنعقد الجلسة الأمر الذي يكون معه استحالة حديث خالد مع المحكمة عما تعرض له من انتهاكات على ايدي الأجهزة الأمنية، وهو الأمر المخالف لابسط قواعد وضمانات المحاكمة العادلة.

ثانيا : الاستخلاص

هذه قصة حقيقية لمواطن مصري ، لشاب يتعرض للتنكيل من قبل جهاز الأمن الوطني الذي يغتال العدالة ويقتل المستقبل ، بانتهاك القانون والدستور دون رادع ، مستندا ومطمئنا انه سيفلت من العقاب

نحن امام  تصرفات وممارسات لا تمت للقانون بصلة ، حيث تصبح نصوص القوانين والدستور مجرد حبر على ورق في كتب تزين المكاتب.

لم يتحرك النائب العام ولا الداخلية التي ينتمي لها قطاع الامن الوطني ، ولا وزير العدل لوقف هذه الانتهاكات التي علموا بها عبر البرقيات المرسلة اليهم من أسرة خالد ومحاموه منذ مايو 2019 بالقبض عليه دون إذن واخفائه قسريا وتجاهل أقواله أمام النيابات المختلفة التي مثل أمامها بتعرضه لوقائع قبض واحتجاز خارج إطار القانون، وكذا غياب دور النيابة فى التفتيش على أماكن الاحتجاز والرقابة على تنفيذ قراراتها وأحكام القضاء وهو ما أعطى صراحة الضوء الأخضر لاستمرار تلك الانتهاكات التي تعرض لها أكثر من مرة.

ثالثا : التوصيات

  • نرى قبل البدء في الحديث عن إطلاق استراتيجيات لحقوق الإنسان في محاولة لتجميل صورة النظام أمام المجتمع الخارجي تفعيل نصوص الدستور والقانون فى محاسبة من يهدر حريات المواطنين وينكل بهم ارضاءً لهواءه وغرضه الشخصي.
  • ونرى ايضا انه يجب على النائب العام ان يصدر قرارا باطلاق سراح المواطن خالد عاطف وإيقاف سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها منذ إلقاء القبض عليه في مايو 2019.
  •  يجب على السلطة التشريعية بالقيام بدورها الرقابي على أعضاء السلطة التنفيذية و محاسبة المتقاعسين منهم على تطبيق القانون ومن يسئ استخدام سلطته في تطبيقه.
  •  يجب أن يتم عودة الجلسات الى اماكن الانعقاد الطبيعية وتمكين المتهمين من حضور جلساتهم بأنفسهم وعدم الفصل بينهم وبين قاضيهم ومحاميهم.

للنسخة PDF