إعداد : احمد قناوي المحامي بالنقض

توطئة :

109أعوام هي عمر إنشاء نقابة المحامين التي تأسست عام 1912 ، في هذا المسيرة الطويلة ، فإن نقابة المحامين في جزء واسع من تاريخها تعكس تماماً تطور حالة الحقوق والحريات العامة وتراجعها ، وكجزء فاعل في تركيبة مؤسسات المجتمع المدني المصري ، ساهمت نقابة المحامين  وخاضت معارك ، انتصرت ، تراجعت ، كانت دائما السلطة حاضرة  إما برفق أوبصناعة ترتيب مرضي لها  أو بالتدخل المباشر، الهدف دائماً تطويع نقابة المحامين وجعلها ضمن المؤسسات المطيعة حتى لو تعارض ذلك مع دورها الأصيل في الدفاع عن حقوق ومصالح أعضائها .

 مرحلة ما قبل ثورة 1952

منذ تأسيسها انخرطت نقابة المحامين في أحد أهم أدوارها ، في القضايا التى تتصل بالوطن وبالحريات ، في ثورة 1919 حضرت نقابة المحامين واحتضنت رموز ثورة 19 واعلنت أول إضراب لها عام 1919 إحتجاجاً على نفي الزعماء الوطنيين، وكان أول إضراب تقوم به نقابة في مصر.

وليس من قبيل المصادفة أن أول نقيب لها هو من شارك في وضع أول دستور عرفته مصر ، كانت نقابة المحامين رافداً هاماً من روافد الحركة الوطنية في مصر ، منها كان العديد من الوزراء ورؤساء الوزراء في مرحلة ما قبل 1952 . كما تولى  منصب النقيب فيها مكرم عبيد ومرقص باشا حنا كنموذج على صدقها في تبني المواطنة المصرية ليس على مستوى الخطاب ولكن على مستوى التطبيق أيضاً  .

من عام 1946 حتى عام 1949 سجلت نقابة المحامين مشهدين  الاول يتصل بقضية الحقوق والحريات والثاني يتصل بقضية الاستقلال،  وتعلق الاول فيها بصدور أمر بالقبض على عدد من الرموز الوطنية ومصادرة عدد من الصحف وتم توجيه اتهام بالتخطيط لانقلاب مسلح لهؤلاء الرموز، حضرت نقابة المحامين ومثلت هيئة الدفاع عن المتهمين من خلال نقيب المحامين وقتها النقيب “عمرعمر”  وكانت النيابة العامة تستند الى مجرد تحريات آجراها البوليس السياسي ومع استجواب  شاهدين من هذا البوليس تبين انه لم يكن هناك إجتماع وأن القبض تم في الطريق العام وسقط الاتهام، أما الثاني فهي تلك المعركة التى خاضتها نقابة المحامين لإلغاء المحاكم المختلطة بإعتبار أن وجودها ينتقص من السيادة ومن المساواة ومن الإستقلال وانتصرت نقابة المحامين والغيت المحاكم المختلطة عام 1949 وبالتبعية ألغيت نقابة المحامين أمام المحاكم المختلطة .

مارس 1954 ونقطة تحول الى التطويع 

يشار إلى هذا التاريخ بأزمة مارس 1954، وفيه كان صراعاً بين محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة  حول عودة الحياة النيابية وعودة الجيش إلى ثكناته أو الدخول في نظام حكم يراه البعض عسكريا أو ثوريا أو دكتاتوريا ، لم تقف نقابة المحامين منعزلة في هذا الصراع الذي بدا أنه صراع بين دولة القانون ودولة العسكرة، وإنحازت نقابة المحامين وقتها الى دولة القانون وجاء هذا الإنحياز ليس بمجرد بيان أو موقف لمجلس النقابة بل من خلال جمعية عمومية عقدت في 26/3/1954 وفي هذا الإجتماع صدر قرار يطالب بإعادة الحياة النيابية المصرية وكان الرد سريعاً حل مجلس نقابة المحامين من قبل مجلس قيادة الثورة.

ثم جاءت النقلة الثانية في سبيل تطويع نقابة المحامين عام 1968 م حيث تقرر ضم محامين القطاع العام الى نقابة المحامين ومن ثم أصبح لهم صوت إنتخابي وأصبحوا أعضاء في الجمعية العمومية لنقابة المحامين جاء ذلك في محاولة لدعم النقيب أحمد الخواجة في مواجهة خصم  نقابي مستقل ، وبالفعل نجح أحمد الخواجة نقيبا للمحامين وكان ذلك إيذانا بتحول بقدر لايستهان به في جدول الجمعية العمومية ثم أجري تعديل على قانون المحاماة  في ذلك الوقت بالقانون رقم 56 لسنة 1970 بتعديل قانون المحاماة رقم 61 لسنة 68 بضم أعضاء من القطاع العام لعضوية مجلس نقابة المحامين .

معارك خاضتها نقابة المحامين في مواجهة السادات وكامب ديفيد

خاضت نقابة المحامين أهم معاركها ضد اتفاقية كامب ديفيد التي عقدها السادات مع إسرائيل ، كان رأس الحربة في تلك المعركة نقيب المحامين في ذلك الوقت “عبد العزيز الشوربجي”، حيث عقدت مؤتمرات وصدرت بيانات وصيغت مطالب وشعارت ، منها رفع شعار مليون علم فلسطيني في مواجهة علم إسرائيل ، لم يجد السادات بداً من إحالة الشوربجي للمدعي العام الاشتراكي بتهمة الدعوة الى قلب نظام الحكم وكان خطاب السادات في المنصورة يتضمن تلميحا الى عبد العزيز الشوربجي بإنتقادات سلبية إيذاناً بالتخلص منه والتجهيز لإعادة النقيب أحمد الخواجة مرة آخري.

انتهت حقبة الرئيس السادات وقد سبقتها اعتقالات سبتمر 1981 الشهيرة ، وكان ضمنها عددا من أعضاء مجلس نقابة المحامين، حيث كانت لجنة الحريات في تلك الفترة هي التي قادت مع نقيب المحامين في ذلك الوقت نشاطاً متواليا ومتصاعداً ضد السادات واتفاقية كامب ديفيد .

تجليات أزمة نقابة المحامين في يناير 1989 

في عام 1985 إبان تشكيل مجلس نقابة المحامين قرر النقيب أحمد الخواجة أن النقابة في حاجة الى لجنة حريات داعمة وليست لجنة حريات ضاغطة ولهذا دعي وحشد لإبعاد القطب الوفدي أحمد ناصر عن قيادة لجنة الحريات في محاولة واضحة لتطويع  لجنة الحريات باعتبارها أهم لجان النقابة والمعبرة عنها في القضايا القومية والوطنية ، حتى أن الأمر انتهي بأنأمين عام نقابة المحامين وقتها قد تولي الدفاع عن قيادات في وزارة الداخلية متهمة بتعذيب مواطنين وهي القضية الشهيرة التى أحالها النائب العام السابق محمد الجندي ، كانتالهوةتتسع شيئا فشيئا  إلى اتجاهين،   إتجاة يحاول الحفاظ على تراث نقابة المحامين ، وآخر قبل بعد تردد أن يتم تطويعه وتجريده من أدبيات منحازة للحقوق والحريات العامة حتي أصبحت ملمحاً هاماً في كيان نقابة المحامين سواء لدي السلطة أو في الأوساط الشعبية .

على الصعيد المهني في ذلك الوقت إكتظ جدول نقابة المحامين باعداد كبيرة جدا وذلك إستجابة لسياسات تعليمية خاطئة وتصاعدت حدة الاعتداءات على المحامين وبقي اداء النقابة متواضع ، يعمل بذات الطريقة التى كانت تعمل بها نقابة المحامين حينما كان جدولها يضم بضعة الاف ، لامئات الالاف ، على الجانب القومي تراجعت نقابة المحامين ومعها لجنة الحريات، فتم الاتفاق على سحب الثقة من نقيب المحامين واعضاء مجلس نقابة المحامين تطبيقا لنص في قانون المحاماة وقتها يسمح بذلك ، ونجحت جمعية سحب الثقة في 19 يناير 1989 ، وخرجت الصحف  شبة الرسمية في اليوم التالي معلنه نجاح جمعية سحب الثقة للمرة الاولي في تاريخ النقابات المهنية المصرية ، لم تكن هناك رؤية رسمية تشكلت بعد ، كون حدث سحب الثقة جاء مفاجئاً ، ولم تمر ايام معدودة الا وقد قررت تلك الرؤوية بضرورة ضرب فكرة تلك الجمعية ، على المستوي القضائي حصلت جمعية 1989 على العديد من الاحكام القضائية ، على المستوي الرسمي تم حبس عدد كبير من المحامين ، وتم شطب عدد اخر وتقديم دعم حكومي غير محدود للنقيب أحمد الخواجة ، إستمر ذلك جتى عام 1992 في هذا العام اصدرت محكمة النقض حكما ببطلان مجلس النقيب أحمد الخواجة ومن ثم لم تعد هناك شرعية سوى للجنة  المؤقتة برئاسة الدكتور محمد عصفور ، لكن السلطة كانت حاضرة بقوة لمنع ذلك فإجتمع مجلس الشعب في ليلة صدور الحكم وعدل قانون المحاماة بعد ساعات من صدور حكم محكمة النقض ، وجعل رئيس محكمة إستئناف القاهرة هو صاحب الولاية في نقابة المحامين ، وذلك بموجب القانون رقم 98 لسنة 1992 بإضافة فقرة ثانية للمادة 135 مكرر من قانون المحاماة والذي جري نصها على النحو التالي (تضاف فقرة ثالثة إلى المادة 135 مكررا من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 نصها الآتى:”ويشكل مجلس مؤقت برياسة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وعضوية أقدم ستة من رؤساء أو نواب رئيس بهذه المحكمة، يختص وحده دون غيره بإجراء الانتخابات فى مدة لا تجاوز ستين يوما من تاريخ القضاء بالبطلان، فإذا اعتذر أى من هؤلاء أو قام به مانع حل محله الأقدم فالاقدم، وتكون لهذا المجلس – إلى حين تشكيل المجلس الجديد – جميع الاختصاصات المقررة لمجلس النقابة، وتكون لرئيسه اختصاصات النقيب، وتختص محكمة النقض، دون غيرها، بالفصل فى الطعن على قراراته فى المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها فى الفقرتين السابقتين) وأجريت إنتخابات  النقابة ونجح بالكاد أحمد الخواجة بسبب تحالف الاخوان المسلمين  معه  ولم يوفق أياً من اعضاء مجلسة، لكن ذلك ابرز إمكانية المصالحة مع إنتخابات شفافة حتي لو جاءت النتائج في جزء منها غير مرضية.

الحراسة القضائية على نقابة المحامين …. الخواجة من نقيب الى حارس قضائي

لإنقاذ نفسه اضطر النقيب المرحوم “أحمد الخواجة” الى التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين وتخلي عن قائمته ، فكانت النتيجة نجاح الخواجة ونجاح قائمة الإخوان المسلمين وفوزها بأغلبية  مقاعد مجلس النقابة ، كان هذا الفوز داعياً الى إصدار القانون 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية حيث وضع قيوداً على صحة انعقاد الجمعيات العمومية ضمانا لمشاركة أكبر عدد من أعضاء الجمعية العمومية في الانتخابات بحسبان ذلك وسيلة ناجعة للحيلولة دون فوز الإخوان المسلمين ، فالسلطة ومعها الخواجة بدلاً من إحترام أحكام القضاء بشأن شرعية اللجنة المؤقتة بقيادة الأستاذ الدكتور محمد عصفور وهي لجنة اقرب للليبرالية المصرية حالت دون تمكينها من ذلك وكانت النتيجة نجاح جماعة الإخوان المسلمين في حصد أغلبية مقاعد مجلس النقابة .

لم يمر عام ونيف على مجلس النقابة المشكل من غالبية إخوانية إلا وصدر حكم شكل سابقة بفرض الحراسة القضائية على نقابة المحامين لأسباب بعضها نقابي والأكثرمنه سياسي وهو تحالف النقابات المهنية الذي رفع مطالب سياسية ، فجاء  الحكم الصادر بفرض الحراسة وجعل  من نقيب المحامين ومعه إثنين آخرين إعتذر أحدهما حراس قضائيين على نقابة المحامين .

تراجعت جماعة الإخوان المسلمين عن مقاومة فرض الحراسة كما رحب بها قطاع واسع ممن له خصومة مع الاخوان المسلمين ، ورفضها بعضا قليلاً مما يرفض الاثنين وشكل طريقا ثالثا رافضا سياسة الإخوان وما أطلق عليها وقتها القوى القومية في النقابة باعتبارهم متواطئين في فرض الحراسة على أهم النقابات المهنية في مصر ، نقابة المحامين ، استمرت الحراسة ثمان سنوات كاملة برزت فيها قوي خاضت معارك ضد الحراسة منها جبهة الإنقاذ ، ولجنة وحدة المحامين وغيرها من الأشكال حتى صدر حكم محكمة استئناف القاهرة برفع الحراسة عام 1999 م ، لتدخل نقابة المحامين المحامين مرة أخرى في خضم معارك إنتخابية وفقاً للقانون 100 لسنة 1993 ، وكان قد توفي قبل رفع الحراسة النقيب المرحوم أحمد الخواجة .

سامح عاشور … طريق الخواجة في التطويع 

قدم سامح عاشور نفسه في 2001 كمعارض للحكومة وجماعة الإخوان المسلمين معاً ، فالحكومة دفعت برجائي عطية مرشحا لها والإخوان أعلنوا دعمه ، وجاءت  نتيجة الانتخابات معلنة فوز عاشور نقيباً للمحامين  مع عدد كبير من أعضاء مجلس النقابة الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين ، كانت الانتخابات قد كرست ما عرف وقتها بالقائمة القومية في مواجهة قائمة الإخوان المسلمين ، والقائمتين بناء غير نقابي، عضوية ايهما لا تحتاج الى نقابي بقدر ما تحتاج الى شخصية تتمتع بالولاء الكامل.

ثم جاءت انتخابات 2004 تقريبا بذات النتيجة لصالح النقيب سامح عاشور ، واستمر تراجع النقابة في المساهمة في المجال القومي كما هو الحال عليه في فترة النقيب الخواجة ، النقيب الذى فاز معارضا  كان اداؤة  أقرب للنقباء الحكوميين ، وجاءت انتخابات 2008 وفاز النقيب حمدي خليفة كرد فعل على حالة الغضب من النقيب سامح عاشور وممارساته ، فإذا كان حكوميا فما الفارق بينه وبين حمدي خليفة هكذا كان التصور وقتها .

حمدي خليفة نقيب أدركته ثورة يناير والمحكمة الدستورية معاً

حمدي خليفة عضو الحزب الوطني في نقابة تاريخياً جبلت علي اختيار نقيب معارض حتى بالإدعاء ، لكن اداء من ادعى انه معارضا وفي خندق تراث نقابة المحامين الوطني ثم ممارساته الحكومية الفجة وهو النقيب سامح عاشور ضيق الفارق بين الادعاء  بالمعارضة وبين الحكومي الواضح والصريح فاختار المحامين الواضح والصريح ، لكن مع ذلك لم تستطيع نقابة المحامين بتكوينها هضم فكرة الحكومى الفج ، كان لكل ذلك تجليات منها تعليق لافتات يمكن وصفها بأنها حزبية حكومية علي جدران نقابة المحامين  فنزعها المحامين عنوة، كان الطعن على القانون 100 لسنة 1993 بشأن ديمقراطية النقابات المهنية قد قطع شوطاً في طريقه  الى المحكمة الدستورية ، في هذه الأثناء اندلعت ثورة  25 يناير واعتبر حمدي خليفة وقتها أحد فلول النظام السابق  خاصة وان نقابة المحامين انخرطت من خلال المحامين العاديين في خضم الثورة ومنها كانت المسيرة الهائلة لقصر عابدين في 10/2/2011 ولم يسعف الوقت حمدي خليفة  فقد صدر حكم الدستورية العليا بعدم دستورية القانون 100 لسنة 1993 والذي جرى انتخابه وفقا له وبالتالي أصبح وجوده كنقيب غير قانوني بعد صدور حكم القضاء الاداري بذلك وانتهت فترة النقيب حمدي خليفة .

نقابة المحامين وثورة يناير 

كانت نقابة المحامين هي النقابة الوحيدة في مصر التى فتحت ابوابها يوم 24 يناير2011 إستعداداً للمشاركة صبيحة اليوم التالي 25 يناير 2011  ، وذلك بفضل عدد من المحامين وليس بفضل مجلسها الذى كان يخوض آخر معركة خاسرة للبقاء في نقابة المحامين ، في صبيحة 25 يناير 2011 كان المحامين قد رفعوا الشعارات من خلف الأبواب التى أغلقها عليهم الامن عنوة ، ومع الظهيرة ومع العديد من المظاهرات التى مرت من شارع رمسيس ،  أعادت النقابة فتح أبوابها ليلتحم المحامين مع باقي طلائع ثورة يناير .

وخضم الثورة ، وتحديدا في 10 فبراير 2011 اندلعت أكثر المظاهرات أهمية في تاريخ نقابة المحامين والتى توجهت إلى قصر عابدين مطالبة برحيل مبارك .

وشهدت نقابة المحامين منذ يناير 2011 حتى 2013 حراكاً متنوعاً وهاماً لكافة القوى ما بين دعاة الدستور اولاً أو الموافقين على التعديلات الدستورية ، وتحولت نقابة المحامين الى منبر واسع تعبر فيه كل القوى وبحرية على أفكارها ورؤاها وكأنها تعيد تأكيد ما أنقطع وتصل مسارها الذى تعثر وتتجاوز عثرات نظم كبلتها بالتدخل الأمني تارة والتدخل القانوني أو حتى القضائي تارة آخري .

سامح عاشور مرة أخري سياسة التطويع مستمرة

19 عاماً مدة تبوأ سامح عاشور فيها منصب نقيب المحامين ، ادخل خلالها تعديلات على قانون المحاماة ، الاولي كانت  خاصة بالنقابات الفرعية وطريقة إختيار أعضاء مجالسها ، كان جوهر التعديل ان يتم الاختيار على مستوي الجزئيات ، تم تعديل أخر بعد ذلك بجعلها على كامل مساحة النقابة الفرعية ، ثم تعديل آخر منح مجلس النقابة وليست الجمعية العمومية صلاحية إصدار قرار بإنشاء نقابة فرعية حين يقرر وزير العدل إنشاء محكمة إبتدائية ، كان الهدف من التعديل الاخير هو تفتيت النقابات الفرعية وبالذات في القاهرة،  فبدلاً من نقابة واحدة أصبحت 4 نقابات مع بقاء إختصاصات النقابات الفرعية على حالها ، كان هذا التعديل شأن العديد لأسباب إنتخابية ، تهدفلسهولة سيطرة النقيب على الجمعية العمومية ، ساهمت طبيعة النقيب سامح عاشور الفردية في العمل النقابي لتحويل مجلس النقابة الى مجرد عدد قرر هو في التعديل ان يكون 54 عضوا ثم اعادة في تعديل أخر الى 28 عضواً دون أية صلاحيات اللهم الا توقيعات اغلبها بالتمرير .

أورد الجهاز الرقابي وهو الجهاز المركزي في تقاريرهوجود العديد من المخالفات ، جاءت افكارة النقابية للحد من القبول في جدول نقابة المحامين – وهو امر لم يسعي اليه في اى تعديل – الا بوضع قيود غير قانونية على تجديد القيد وسداد الاشتراكات بالمخالفة لقانون المحاماة ، كانت نتيجة ذلك احكام قضائية عديدة ، تم تذمر واضح بين صفوف المحامين ، ثم جاء التعديل الاخير لقانون المحاماة 147 لسنة 2019 الطامة الكبرى ، فالتعديل سمح ببقاء نقيب المحامين لمدد مختلفة بعد ان كان دورتين متصلتين ، ثم تعديل المواد الخاصة بسحب الثقة ووضع شروط تجعلها شبه مستحيلة ،وحين أجريت إنتخابات 2020 ، فكما إختار المحامين النقيب حمدي خليفة من قبل ، قاموابإختاروا  رجائي عطية نقيباً للمحامين لإسباب أقرب للإنتقام والغضب منها الى إختيار حقيقي قائم على رؤية نقابية .

رجائي عطية …… منافسة في التطويع 

  • خاض رجائي عطية إنتخابات نقابة المحامين على مقعد النقيب  ثلاث مرات سابقة،  قبل أن ينجح نقيباً في المرة الرابعة ، الذين أسقطوه ثلاث مرات هم ذاتهم من منحوا له أصواتهم ، المؤكد والمعلوم أن التصويت له كان عقاباً للنقيب السابق سامح عاشور على مجمل أداء نقابي ضعيفوفردي ، اعتاد على الاعتماد على جماعات مصالح تتصل بمخالفات لم تعد خافية.
  •  لم تكن المقارنة التي عقدها المحامين ، او اغلبهم هي مقارنة بين نقيب  محسوب على الحكومة وآخر لة رؤية مستقلة حتى لو تعارضت معها، بل كان الهدف الأهم لدي قطاعات واسعة من المحامين هو حتمية إسقاط سامح عاشور ، وقد حدث وبفارق أصوات كثيرة جدا .
  • لا يتميز رجائي عطية عن النقيب سامح عاشور إلا في أمرين ( الاول) ملاحقة الفساد المستشري في نقابة المحامين (الثاني ) عدم إعتماده على شلة أو جماعة تدافع عن قراراته في أوساط المحامين حتى لو خالفت القانون وخاصمت المنطق .
  • في المجال العام ينافس النقيب الحالي النقيب السابق في تطويع اكثر لنقابة المحامين ، ورفض محاولات العديد من المحامين لمجرد التعبير عن مواقف تتصل بالحريات أو في القضايا القومية ، كان هذا واضحاً فهو أحد المسوقين الى سعودية جزيرتي تيران وصنافير قبل أن يتقدم للترشح بوقت قصير وكان ذلك جوازاً للمرور …… لكن تبقى دائما مشاكل المحامين والقضايا المهنية الحقيقية غائبة في تلك العهود .

جدول أعمال مهني غائب 

  • الإنقسام في نقابة المحامين قديم منذ عام 1992 حين أصبح هناك فصيلين غير نقابيين يسيطران على مقاليد الأمور في نقابة المحامين ، الإخوان المسلمين ، و جماعة سامح عاشور .

كان يمكن تجاوز هذا الانقسام بطرح برامج مهنية ونقابية باعتبارها هي هدف أى تنظيم نقابي ، وتلك البرامج أو الجدول المهني كان يمكن أن يجسر هوة الانقسام  الذى كان من مظاهره يوماً في نقابة المحامين أن النقيب سامح عاشور قدم تعديلا لقانون المحاماة وفي يوم مناقشته في مجلس الشعب كانت هناك وقفة مدعومة من جماعة الإخوان ضد المشروع ، ليس لان هذا القانون لا يلبي اهتمام وطموح المحامين وارتباطهبالقضايا الحقيقية للمحامين ، ولكن لانه ايضا لم يؤخذ فيه رأي مجلس النقابة الذى كانت غالبيتها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين .

  • غياب الجدول المهني والنقابي  دفع المحامين ثمناً باهظاً له حيث:
  • إستبدال قضايا المحامين بمظاهر الانقسام ، واستبدالت وحدة المحامين على قضايا نقابية حقيقية الى تنابز يومي وتحشيد لدعم أشخاص لا رؤي
  • الاعتداء على المحامين يتزايد ، وكذلك تتزايد معوقات عملهم المهني
  •  تدني الخدمات النقابية و غياب رقابة حقيقية على أموال المحامين
  •  تفتيت النقابات الفرعية وجعلها مجرد كنتونات صغيرة لا رؤية ولا موقف لها
  • التخاذل المتعمد عن الدفاع عن المحامين المحبوسين في قضايا الرأي أو المتصلة بحقهم في التعبير أو في العمل السياسي السلمي .

خلاصة:

إذا جاز لهذة الورقة البحثية المتواضعة أن تساهم فيما يعتقد أنه جدول أعمال مهني ونقابي فإنها تؤشر إلى :

1- ضرورة اقتصار جدول نقابة المحامين على المحامين في العمل الحر وان يلحق المحامين بالقطاع العام أو بقطاع الاعمال والهيئات والمؤسسات العامة الى هيئة قضايا الدولة أو تنشأ لهم نقابة مستقلة .

2- أن تصبح نقابة المحامين سيدة جدولها بأن تحدد كل عام عدد المحامين المقبولين وشروط ذلك بموجب قواعد عامة مجردة .

3- دمج النقابات الفرعية  التى تم تفتيتها ونقل الخدمات اليها واقتصار دور النقابة العامة على الدفاع عن سياسات المهنة .

4- ميكنة العمل النقابي وربط النقابات الفرعية بالنقابة العامة و تحسين جودة الخدمات وسرعتها بتطبيقات إلكترونية بسيطة و ملائمة .

5- جعل الدفاع عن استقلال القضاء أحد محاور العمل القومي في نقابة المحامين .

6- إعداد جدول كامل ومستقل للمحامين العاملين بالخارج يراعي مصالحهم ومساهماتهم في موارد النقابة وبالتالي المعاش الذي يستحقونه .

7- إعادة الدور القومي لنقابة المحامين والمتصل بالحقوق الدستورية الواردة في الدستور مثل حقوق التعبير وحق الدفاع وغيرها من الحقوق .


للنسخة word

للنسخة PDF