القاهرة في 26 أكتوبر 2020م

أعربت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عن رفضها لما صرح به وزير العدل من البدء في تنفيذ جلسات تجديد الحبس الاحتياطي عبر تقنية الفيديو ، والتي تعني أن يقبع المواطن المحبوس داخل إحدى غرف السجن أمام شاشة تناظرها المحكمة ، ومحاولة إضفاء صبغة قانونية كاذبة ومحاولة تقنينها.

وقالت الشبكة العربية أن مثل هذا التقنين سوف يعصف بما تبقي من ضمانات المحبوسين احتياطيا لا سيما منهم المحبوسين على خلفية المعارضة السياسية أو لتعبيرهم عن آرائهم وأفكارهم التي لم تلقى هوى لدى الأجهزة الأمنية ؛ إذ كيف يسوغ للمحبوس وهو يرزح تحت وطأة الرقابة الشرطية التي تسيطر على كل مقار الاحتجاز أن يتقدم بشكواه من سوء المعاملة أو الاعتداءات التي تطاله مثل المعاملة القاسية أو منع المتابعة الطبية والأدوية وفي أحيان أخرى ما يسومونه من وقائع تعذيب بدني ونفسي وكذا  الحبس الانفرادي لأيام وشهور عدة.

كما سيحرم المحبوس من التواصل الخاص والمنفرد مع محاميه ودفاعه وكل ما سيخبره أو يطلبه سيكون مشاعا للكافة وقد يتخذ منه دليلا ضده ليساند إتهام نشأ مبتور بالأساس.

كما تؤكد الشبكة العربية بأن هذا المسلك حال تقنينه إنما يمثل هروبا من مواجهة أصل الداء حيث بات الحبس الاحتياطي اقرب للعقوبة الجنائية، ويقبع بموجبه ألاف الأبرياء لشهور  وسنوات داخل السجون دون تحقيقات عادلة ودون تقديمهم لمحاكمة عادلة وخرقا لنصوص الدستور والقانون التي حددت مدد قصوى للحبس الاحتياطي، فباتت السجون وزيادة أعدادها هي الشغل الشاغل لوزارتي الداخلية والعدل في ظل غياب رقابة حقيقية وفعالة علي تلك السجون وباتت الأجهزة الأمنية تستخدم معسكرات تدريب قوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية كمقرات احتجاز لكثير من المقبوض عليهم ويخضعون للحبس الاحتياطي.

وأكدت الشبكة العربية موقفها الرافض لهذا التقنين المزمع تطبيقه ، ووجهت لضرورة مواجهة منهجية التوسع الشديد في الحبس الاحتياطي، وخاصة المستند لمحاضر تحريات ضباط الأمن الوطني فقط ؛  وضرورة كف النيابة العامة عن اعتمادها كسبب وحيد لإصدار قراراتها المتتالية بحبس ألاف المواطنين ؛ على أن يكون ذلك بالتوازي مع إقرار تطبيق التدابير الاحترازية المتنوعة المتاحة أمام النيابة العامة كبديل قانوني للحبس الاحتياطي والذي عده المشرع والفقه القانوني – إجراء بغيض – مخلا بالمبدأ الدستوري بافتراض البراءة لكل متهم طالما لم يصدر حكم قضائي بإدانته.

وتطالب الشبكة العربية مجلس القضاء الأعلى للتصدي بقول فصل في أمر هذا التقنين المزمع وعدم التحجج بدافع الاحتراز من انتشار فيروس – كيوفيد١٩- حيث تعج أبنية المحاكم وساحات النيابات ومقرات الاحتجاز بزحام يفوق الوصف وبشكل يومي من المتقاضين وذويهم ، والإعلان بوضوح أن التنكيل بسجناء الرأي والمطالبين بالتغيير والحريات  هو الهدف.

كما تطالب النائب العام بوقفة جادة لدعم سيادة القانون ، بدراسة أوضاع المحبوسين احتياطيا على ذمة اتهامات مرسلة تفتقر إلى أي دليل رغم كونها اتهامات خطيرة كالانتماء لجماعة إرهابية أو نشر الأخبار الكاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ارتكاب جرائم النشر حيث وجهت الأجهزة الأمنية  للمواطنين الإتهام بارتكابها وهم قيد الحبس منذ سنوات وهو الأمر الذي يجافي العقل والمنطق القانوني السليم ومع ذلك قررت النيابة العامة حبس هؤلاء ترتيبا علي هذا الزعم المفضوح ، مما  يثير التساؤل حول حقيقة دور النيابة العامة في كبح جماح أجهزة الأمن وتنكيلها بالسجناء السياسيين.

وكررت الشبكة العربية موقفها بمناشدة المشتغلين بالقانون والمهمومين  بقيم الحرية والعدل التعاطي مع هذا التقنين الباطل باعتباره يهدر الضمانات الدستورية والحقوق المقررة بمواثيق حقوق الإنسان.