• النشأة والموقع:

 

إنشأ سجن دمنهور العمومي  ، والذي إشتهر باسم سجن الأبعادية، وأطلق عليه بعض أهالي السجناء اسم “جوانتانامو البحيرة” عام 1908 على مساحة عشرة أفدنة، أهداها الخديو عباس حلمي، إلى رئيس وزرائه الجديد بطرس باشا غالي، أحد أشهر رموز فترة الاستعمار الإنجليزي، وقاضي محكمة دنشواي، وأثناء تولي مصطفى فهمي، وزارة الداخلية.

يقع السجن في منطقة الأبعادية التابعة لمركز دمنهور بمحافظة البحيرة، ويبعد عن القاهرة بحوالي 165 كيلو متر على الطريق الزراعي، وعن اﻻسكندرية بـ 45 كيلو متر.

 

  • مبنى السجن:

 

يحيط بالسجن من الخارج سور حجري مزود بنقاط حراسة مكثفة ويصل ارتفاعه إلى 8 أمتار. يليه من الداخل على مسافة 10 أمتار سور داخلي سلك يصل ارتفاعه نحو 7 أمتار، وبه بوابة حديدية.

و يعتبر سجن الأبعادية بدمنهور من أكبر السجون المصرية، حيث يضم 12 عنبر كبير ( 5 منها للمساجين السياسيين، و3 للسجناء  الجنائيين، وعنبر للتأديب، و3 عنابر للنساء).

كما يعد هو السجن الوحيد فى مصر الذى توجد به عنابر للنساء مع عنابر للرجال داخل نفس السور العمومى،

ويضم كل عنبر  من العنابر جناحين متقابلين، كل جناح يحتوي على 9 زنازين بسعة واحدة مساحتها 4 × 5 متر وبكل زنزانة فتحة للتهوية تبلغ مساحتها 30 سم × 90 سم، وكل زنزانة مزودة بباب حديد به فتحة واحدة مساحتها 10 × 30 سم، وبكل زنزانة دورة مياه، وتضم الزنزانة نحو  24 سجينا، رغم أنها لا تتسع سوى لعشرة مساجين على الأكثر.

وبكل عنبر فناة يفترض أن يكون للتريض تبلغ مساحته 120 متر، وسقفه مغطى بشبكة حديدية، وطرقات العنابر مزودة بفتحات تهوية تطل على حوش التريض، وحمام يستخدم به 6 وحدات كل وحدة مزودة بستائر قماش.

ويسكن النزلاء في الزنازين وفقا لنوعية الجرائم فهناك زنزانة للأموال العامة وزنزانة لجرائم النفس وهكذا في كل الجرائم حيث يتم وضع المسجونين في كل جريمة في زنزانة مستقلة.

أما عنبر عنبر التأديب فإنه يتكون من عدد 6 غرف فردية مساحة كل منها 1.5 × 3 متر موجودة في طرقة مساحتها 7 متر بها حمام يحتوى على عدد 6 غرف بأبواب خشبية ثﻻثة منهم لقضاء الحاجة  واثنين للاستحمام  وواحد فقط غير مستخدم، وكل غرفة من غرف التأديب بها فتحة تهوية 30 × 70 سم مغطى بسلك شبكي وقضبان حديدية ، وابواب حديدية بها فتحة واحدة، وﻻ يوجد بالغرف اية أجهزة كهربائية أو مراوح وإضاءتها خارجية فقط.

يعاني نزلاء سجن الابعادية من التكدس حيث صمم السجن ليستوعب ما لا يزيد عن 1800 نزيلا ولكن تتزايد الشكاوي تكديس النزلاء ليصل عدد النزلاء إلى نحو 3500 نزيلا مما يعرض حياتهم للخطر نتيجة سوء التهوية والزحام.

كما يضم السجن عيادة يعمل بها 2 طبيب ممارس عام (ضابط) و3 أطباء مدنيين (مكلفين) وتتعاقد إدارة السجن مع أطباء استشاريين، وهناك غرفة ﻻستقبال المرضى واﻻدوية التي يتم صرفها وجهاز لقياس الضغط، تضم العيادة غرفة عمليات مجهزة بإمكانيات تمكن من إجراء عمليات بسيطة ولكنها لا تعمل.

ويضم السجن أيضاً صيدلية ، ومبنى للزيارة وغرفة تفتيش الزيارة، ومطبخ ومكتبة.

 

  • السجناء:

 

كان هذا السجن إحدي محطات تجميع الشيوعيين عام 1951 و1959 على التوالي ونقلهم إلى سجون أبو زعبل وطرة والواحات، كما استعملت وزارة الداخلية سجن دمنهور كمحطة لتجميع معتقلي الإخوان عام 1954.

ولكن منذ عام 1974، تغير وجه السجن ليصبح بتعليمات شفوية من وزير الداخلية في ذلك الوقت ممدوح سالم، حكرا على الجنائيين فقط، وظل السجن مخصصاً للجنائيين

وفي الثمانينات حين تولي اللواء زكي بدر وزارة الداخلية ، فتحت الداخلية جميع السجون ومن بينها سجن دمنهور لاستقبال المعارضين السياسيين، فحشر المعتقلون من كافة التيارات السياسية داخل زنازين دمنهور.

وظل السجن مقرا لأغلب قيادات الصفين الثاني والثالث بالجماعة الإسلامية منذ أواخر الثمانينيات.

ويعد الشقيقين عبود الزمر، وطارق الزمر، الذين أدينا بالضلوع في اغتيال السادات أثناء حضوره عرضا عسكريا في الذكرى التاسعة لحرب أكتوبر من أشهر النزلاء السياسيين في سجن دمنهور .

 

  • السجن عقب ثورة يناير:

 

وخلال أحداث ثورة يناير 2011، تعرض نزلاء سجن دمنهور للموت، حيث قال أحد السجناء “يوم السبت 29 يناير، قفلوا علينا أبواب العنابر، وسابونا ومشيوا. سابونا 10 أيام بدون مياه ولا أكل. وكان فيه ضرب نار وقنابل مسيلة للدموع كل يوم. فيه مساجين اتقتلت. لو شفت باب العنبر، شكله عامل زي المصفاة”.

ولاحقا شهد السجن يوم الأربعاء 2 مارس 2011، أحداث عنف راح ضحيتها 12 قتيلاً و16 جريحًا، واتهم المصابون وأسر الضحايا، رسميًا أمام نيابة دمنهور كلاً من مفتش مباحث السجن و رئيس مباحث السجن بإصابتهم.

ونشرت جريدة المصري اليوم  بعض اوراق عن الواقعة ونسبت إلى أمين شرطة اتهامه لضابط شرطة بالمسئولية عن مقتل الـ 12 سجين ضمنهم أخيه الذي كان نزيلا بالسجن

وتكررت شكوى المساجين في سجن اﻻبعادية من التكدس داخل الزنازين، وعدم تطابق الوجبات الغذائية مع جداول التغذية المقررة من الجهات المعنية للسجون، وعدم كفاية تلك الوجبات من حيث الكمية والنوع، وعدم إتاحة أوقات التريض بانتظام بالمخالفة للائحة السجون، وتكرر الشكوى من عدم توافر محامين للسجينات غير القادرات لمتابعة مراحل المحاكمة والطعن.

وعلى الرغم مما جاء ببيان المجلس القومي لحقوق الانسان التابع للحكومة من ثناء على السجن وادعاءه لتلقيه اشادة من السجينات ، فقد تضمن نفس البيان الذي اصدره المجلس توصيات منها:

 

  • تكدس بالغرف التى تمكن الوفد من رؤيتها.
  • عدم تطابق الوجبات الغذائية للسجينات مع جداول التغذية المقررة من الجهات المعنية للسجون وعدم كفاية تلك الوجبات من حيث الكمية والنوع.
  • وجود حالة فاقدة للنطق والإدراك وعدد من الحالات المرضية التي تحتاج الي رعاية طبية لا تتوافر في مستشفى السجن.
  • عدم إتاحة أوقات التريض بانتظام للسجنيات حيث لا يمكن البعض من التريض الا كل ثلاثة أيام تقريبا بالمخالفة للائحة السجون وفقاً لرؤية عدد من السجينات.

 

كما تقدمت نائبة البرلمان  “أمل زكريا قطب” عضو مجلس النواب عن قائمة دعم مصر في محافظة البحيرة بشكوى لمسئول لجنة حقوق الانسان بالبرلمان حول سجن دمنهور جاء فيها” ورد إلينا شكاوى من المواطنين في محافظة البحيرة من معاناة ذويهم داخل سجن الأبعادية في دمنهور، وتعرضهم للإيذاء الجسدي واللفظى، وحرمانهم من الزيارة فى كثير من الأوقات.

 

  • رسالة من السجن:

ومن رسائل نزلاء سجن الأبعادية رسالة الناشطة السياسية ماهينور المصري ، بعد مضي أكثر من أسبوعين داخل السجن بعد الحكم بسجنها عامين لخرق قانون التظاهر، ونشر الرسالة المحامي الحقوقي محمد رمضان في موقع البداية يوم 6 يونيو 2014

وجاء بها :

… لا أعلم كثيراً ما يحدث بالخارج بعد تأييد الحكم علي، ولكنى أكاد أتخيل ما كنا نفعله عندما يحبس أحد فى “دائرتنا”، يمتلئ الفضاء الإلكترونى بعبارات الحرية لفلان أو السجن للجدعان وما إلى ذلك، ولكن منذ دخلت سجن دمنهور للنساء وتم وضعى مع سجينات عنبر 1 المختص بجرائم الأموال العامة،

سجينات العنبر معي أغلبهن محبوسات بسبب إيصالات أمانة لم يستطعن تسديدها؛ من كانت تجهز ابنتها، ومن كانت تجمع أموالا لعلاج زوجها، ومن أخذت ألفى جنيه لتجد أن عليها غرامة 3 ملايين جنيه.

العنبر نفسه مجتمع صغير، فالأغنى ينال كل ما يحتاج إليه والفقير يبيع قوت عمله وهو محبوس.

العنبر مجتمع صغير، تتناقش فيه السجينات عن أحوال البلد… هنا وجدت داعمات للسيسى من منطلق إيمانهن بأنه إذا فاز سيصدر عفوا عن قضايا الإيصالات، وهناك من يردنه لأنه سيضرب بيد من حديد المظاهرات الإرهابية –رغم تعاطفهن معى وإحساسهن أننى فى الأغلب مظلومة- وهناك من تؤيد حمدين لأنه ابن بلدها الجدع وترى أنه وعد بإطلاق سراح السجناء، ليصرخن فيها أنه تعهد بذلك فقط لسجناء الرأى، وهناك من ترى أنها مسرحية وأنها لو كانت بالخارج كانت ستقاطع.

العنبر مجتمع صغير… أشعر أننى وسط عائلتي؛ كلهن ينصحنني بأن ألتفت إلى مستقبلى عندما أخرج، فأقول لهن إن الشعب يستحق الأفضل وأننا لم نصل للعدل بعد وأننا سنظل نحاول أن نبنى مجتمعا أفضل، لأجد نبأ عن حبس حسنى مبارك 3 سنوات فى قضية قصور الرئاسة لأضحك وأقول لهن إن النظام يرى أن أم أحمد المحبوسة منذ 8 سنوات وأمامها 6 أخرى بسبب شيكات لا تتعدى 50 ألف جنيه أخطر من مبارك، فأى مستقبل تريدن أن أبنيه فى مجتمع ظالم.

،،،،،،،،،، وفى النهاية إذا كان لابد من رفع شعار الحرية لفلان، فالحرية لسيدة وهبة وفاطمة… ثلاث فتيات قابلتهن فى المديرية متهمات بالانتماء للإخوان وتهم أخرى تصل للقتل، وقد تم القبض عليهن بشكل عشوائى ويتم التجديد لحبسهن منذ يناير بدون الوقوف أمام محكمة.

الحرية لأم أحمد التى لم ترَ أبناءها منذ 8 سنوات والحرية لأم دينا العائلة لأسرتها والحرية لنعمة التي قبلت أن تكون كحولة لتطعم أطفالها… الحرية لفرحة ووفاء وكوثر وسناء ودولت وسامية وإيمان وأمل وميرفت.

إن آلامنا بالمقارنة بآلامهن لا شيء، فنحن نعلم أن هناك من سيذكرنا من حين لآخر بفخر كونه يعرفنا وهن من يجد فخر بهن يتم التغاضي عن ذكرهن إلا في التجمعات العائلية فقط، فليسقط هذا المجتمع الطبقى ولن نستطيع إلا إذا لم ننسَ المظلومين الحقيقيين.

ماهينور المصرى – 22 مايو 2014

غرفة 8 ـ عنبر 1 – سجن دمنهور

 


[1]  تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعنوان “شهداء خلف القضبان” صـ 17

[2]  تقرير صحفي بعنوان “النيابة» تبدأ التحقيق في مقتل 12 من نزلاء سجن دمنهور” – صحيفة المصري اليوم 8 مارس 2011، أخر زيارة 23 فبراير 2020

https://www.almasryalyoum.com/news/details/117858

 

[3]  جريدة المصري اليوم في الجمعة 18-02-2011 ، زيارة 2يوليو 2020 https://www.almasryalyoum.com/news/details/114569

 

4  بيان “القومى لحقوق الإنسان” عن زيارة سجن دمهنور في 25 أغسطس 2015، أخر زيارة 23 يونيو2020

http://www.nchregypt.org/index.php/media-center/news-arabic/1614-a-statement-the-national-human-rights-for-prison-visit-dmhnor.html

جريدة الدستور في 2مارس 2017 ” نشر بموقع ثورة اليوم بتاريخ 27 نوفمبر ، أخر زيارة 20 فبراير 2020

https://www.dostor.org/1321451

5 تقرير بعنوان “ماهينور المصري في رسالة من سجن دمنهور: الحرية لأم أحمد التى لم ترَ أبناءها منذ 8 سنوات والحرية لأم دينا العائلة لأسرتها”  تاريخ النشر 6 يونيو 2014 – أخر زيارة 23 فبراير 2020

http://albedaiah.com/node/50464