سجن الوادي الجديد الشهير بأسماء عدة ، منها ( المنفى ،الواحات، المحاريق، توكر)، هو أحد أقدم وأشهر السجون السياسية في مصر، ويقع في قلب الصحراء الغربية، في مدينة الخارجة بالقرب من قرية الشركة بمحافظة الوادي الجديد، ويبعد نحو630 كيلو متر عن القاهرة.

تم إنشاء السجن عام 1956، في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وكان مخصصًا للمعارضين السياسيين، قبل يتم تجديده واعادة بنائه من جديد في عهد الدكتاتور الأسبق محمد حسني مبارك. وأُعيد افتتاح السجن مرة أخرى بعد تجديده  في فبراير 1995، في فترة تولي اللواء محمد الألفي لوزارة الداخلية.

يضم السجن 216 زنزانة مقسمة على 12 عنبرًا، منها 11 عنبرًا للسجناء السياسيين، وعنبر واحد للسجناء الجنائيين. ويضم كل عنبر 18 زنزانة تأخذ شكل حرف H. ولا تزيد مساحة الزنزانة الواحدة عن 24 مترًا مربعًا بارتفاع 4 أمتار. وجدران الزنزانة والأرضية والسقف من الخرسانة المسلحة.

وبكل زنزانة دورة مياه مساحتها لا تزيد عن 1 متر مربع، وبها خمسة شبابيك مساحة كل منها 60 سم ×40 سم، وترتفع عن أرض الزنزانة مسافة 3 أمتار، وشبابيك الزنزانة لا تسمح بدخول أشعة الشمس أو الهواء النقي لأنها تطل على المناور الداخلية التي تحتوي على مواسير الصرف الصحي.

تبلغ الطاقة الاستيعابية للسجن نحو ألفين ومائة سجين، بمعدل 10 مساجين في الزنزانة الواحدة، إلا أنه وفي ظل حالة التكدس في فلا تستطيع الشبكة العربية أن تجزم بعدد السجناء المحتجزين به حاليا.

تاريخ السجن وأهم نزلائه

اختارت السلطات المصرية في عهد عبد الناصر هذه المنطقة في الصحراء الغربية والتي تكون شديدة الحرارة صيفا لما يزيد ،وفي الشتاء شديد البرودة ، لتكون منفى للسياسيين ، لاسيما من الشيوعيين وجماعة الإخوان المسلمين الذين صدرت عليهم أحكام من المحاكم العسكرية في خمسينات القرن الماضي. وأطلق أهالي المعتقلين على السجن اسم “توكر” نظرا لأنهم اعتبروا من يذهب إليه مفقوداً ومن يعود منه مولوداً.ومع بداية التسعينيات صدر قرار بترميم وتجديد السجن، حتى لا يظن أحد أن الدولة تنشئ معتقلات جديدة.

من أشهر سجناء سجن الوادي الجديد (الواحات القديم)، الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم الذي أمضى خمس سنوات من حياته في الفترة من 1959 ـ 1964، في سجن الواحات، حيث دخل “صُنع الله” السجن في سياق حملة شنّها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ضدّ اليسار؛ ورغم تأييد الشيوعيين لثورة يوليو وزعيمها، ولكن ذلك لم يشفع لهم، لأنه كان مطلوب منهم التراجع عن مواقفهم، وأن يقوموا بحل إطارهم التنظيمي.ويعتبر صُنع الله إبراهيم أن السنوات الخمس التي قضاها في سجن الواحات قد صنعت منه روائيًا متميزًا، حيث سجل تجربة سجنه ورفاقه من الشيوعيين المصريين في كتاب “يوميات الواحات”، الذي يعتبر أحد مؤلفات أدب السجون، وقام بتسريبها من معتقل الواحات حسين عبدربه الذي أهدى إليه صنع الله إبراهيم هذا الكتاب.

أيضا و في أوائل الستينيات ضم السجن نخبة من الأدباء والمثقفين المصريين منهم يوسف ادريس، عبد الحكيم قاسم، شوقي خميس، سامي خشبة، شهدي عطية الشافعي، محمود أمين العالم، عبد العظيم انيس، لويس عوض، الفريد فرج، محمد صدقي، صلاح حافظ، شريف حتاتة، لطفي الخولي، الشاعر الفلسطيني معين بسيسو، فؤاد حجازي، حسن فؤاد، وعبد الرحمن الخميسى وفؤاد مرسي وكمال عبد الرحيم ومحفوظ عبد الرحمن والفنان على الشريف وأحمد نبيل الهلالي وعبد الستار الطويلة وعادل حسين وآخرين.

وتناولت الحياة في سجن الوادي الجديد (معتقل الواحات) العديد من السير الذاتية للشعراء والكتاب والمؤلفين منهم معين بسيسو.

أشهر الانتهاكات عن سجن الوادي الجديد

اشتهر عن سجن الوادي الجديد أنه احتفظ بمكان الصدارة في الموت البطيء، فخلال أقل من 6 أشهر، توفى 10 سجناء، نهاية 2014، وبداية 2015، وغالبًا ما يكون السبب واحد في جميع حالات الوفاة التي تحدث أسبوعيًا، فلا يمضي 7 أيام إلا ويحلق الموت في سماء سجن الوادي الجديد، وعادة ما يُعلن أن سبب الوفاة هو “هبوط حاد في الدورة الدموية” أو شدة الحرارة والتي يطلق عليها الاعلامي الرسمي وشبه الرسمي “الاجهاد الحراري” .

ويوضح خبر منشور في جريدة اليوم السابع المقربة من الحكومةىأنه في شهر أغسطس 2015 ، أثر شدة الحرارة في هذا السجن ، حيث جاء عنوان الخبر “ارتفاع عدد وفيات سجن الوادى الجديد إلى11 حالة بينهم 5 بالإجهاد الحرارى

 ” كما نشرت العديد من المواقع اخبار اخرى عن وفاة سجناء بنفس السجن نتيجة شدة الحرارة.

وهو ما  يؤكده المدافعون عن حقوق الإنسان من أن ضمن أسباب الوفاة تكدس عدد الأفراد بمعدل غير طبيعي داخل الزنزانة الواحدة وعدم تأهيل مستشفيات السجن لعلاج الحالات الحرجة والمتوسطة.

التغريبة

كما يعد سجن الوادي الجديد من السجون التي تستغلها وزارة الداخلية في “تغريب” المساجين السياسيين من القاهرة أو الاسكندرية أو غيرها، وتغريب المساجين هي عقوبة منحت لائحة السجون المسؤولين حق توقيعها وفيها ينقل السجين إلى سجن آخر في حالة قيامه بـ”إثارة الشغب”. ويمثل التغريب لسجن الوادي الجديد خطورة على كبار السن، لأنه يتم ترحيلهم لمسافة تزيد عن 600 كيلو متر في أقل تقدير، في سيارة ترحيلات أشبه بالصناديق المعدنية .

رسالة سجين الوادي الجديد

بعث أحد المعتقلين السياسيين في سجن الوادي الجديد، رسالة تحكي عن معاناتهم التي يتعرضون لها داخل السجن، ويقول في رسالته:

يعاني المعتقلون السياسيون معاناة شديدة نتيجة تعنت إدارة سجن الوادي الجديد معهم منذ اللحظة الأولى التي تطأ أقدام المعتقلين [أرضه] حيث يتم تجريدهم من ملابسهم بالكامل ما عدا الشورت الداخلي وإجبارهم على قضاء حاجتهم أمام مخبرين المباحث إمعانا في إهانتهم وجرح انسانيتهم كما يتم حلق رؤوسهم تماما بماكينة حلاقة كهربائية يتم بها حلق رؤوس كل المساجين دون أدنى مراعاة للحالة الصحية للمعتقلين وإمكانية نقل العدوى بين مسجون وآخر دون أي أسلوب أدمي أو صحي.

يلي ذلك عملية التفتيش الرهيبة حيث يتم الاستيلاء عادة على متعلقات المسجون

وفي أثناء استقبال المعتقلين من على بوابة السجن تبدأ رحلة الإهانات والسب والشتم من مخبرين المباحث بقيادة الضابط الجلاد “,,,,,,,,,” وباقي ضباط المباحث الذين يتفنون في إهانة وشتم وسب المعتقلين السياسيين وإهدار كرامتهم.”

يتم جمع كل المساجين السياسيين والجنائيين ويطلقون عليهم إسم الإيراد، ويتم تكديسهم في زنازين غير آدمية في عنبر 8 ليصبح في الزنزانة الواحدة أكثر من 24 مسجونا جنائيا وسياسيا. ويظل هذا الوضع حتى يتم تسكين المساجين في عنابرهم الأساسية بعد عدة أيام تصل إلى عشرين يومًا بهذا الوضع. وعند خروج المعتقلين من عنبر الإيراد للتسكين يتم تفتيشهم مرة أخرى وسرقة ما تبقى معهم من ملابس أو متعلقات أو بطاطين، يلي ذلك عمل تذكرة لكل مسجون مكتوب فيها اسمه وتاريخ سجنه وتاريخ الإفراج عنه وتهمته.

وأكد أن سجن الوادي الجديد ينفرد عن بقية السجون بأنه يتعامل مع المعتقلين السياسيين على أنهم جنائيين، ويتم توزيعهم على عنابر السجن ليتم تسكينهم مع المساجين المتهمين في قضايا القتل والشروع في قتل وحيازة السلاح والمفرقعات ليصبح المعتقل السياسي هو الوحيد في زنزانة بها 24 مسجونا جنائيا في قضايا قتل وغيرها.ويستطرد قائلا:

يعاني المعتقل السياسي في هذه الزنازين أشد المعاناة من انتشار التدخين بين المساجين الجنائين وانتشار الأمراض الجلدية وخاصة مرض الجرب الذي يعتبر المرض الأساسي الذي يصاب به أي أحد يدخل إلى سجن الوادي الجديد نظرًا للتكدس الشديد داخل الزنازين وعدم الخروج من الزنزانة نهائيًا إلا دقائق معدود يتم فيها فتح الزنازين للتريض في طرقة العنبر وانعدام الرعاية الصحية والبقاء داخل الزنازين أكثر من 23 ساعة في اليوم، وإذا أصيب مسجون بمرض معدي أو خطير فقد يلقي حتفه قبل أن يفكر أحد بنقله لمستشفى السجن التي تفتقر لأبسط الإمكانيات الطبية والرعاية الصحية.