ورقة موقف عن الحبس الاحتياطي والاتهامات المرسلة الفضفاضة

اعداد : كريم عبد الراضي

يحدث:

س: انت متهم بالانضمام لجماعة محظورة؟

س: انت متهم بنشر أخبار كاذبة؟

س: انت متهم بالترويج والتحريض على ارتكاب اعمال ارهابية؟

تكاد هذه الاتهامات أن تصبح القاسم المشترك لأغلب القضايا التي يُباشر فيها التحقيقات هذه الايام ،

الحبس الاحتياطي بات أمر طبيعي للمتهمين ، لكن الامر الغير طبيعي وغير قانوني ، ان المتهم دائما ما يسأل عن ماهي الجماعة المحظورة التي يُزعم انه متهم بالانتماء اليها ، وما هي الاخبار الكاذبة التي نشرها ، وما هي الاعمال التي يروج لها أو يحرض عليها ،، دون اجابة !! فلا تحديد ما هي الجماعة أو ما هي الاخبار الكاذبة ، ولا الاعمال الارهابية ،، ويتم الحبس انتظار لتحريات الأمن الوطني !!

أي أن المواطن اصبح مسجون ، لحين تحديد الاتهام.

تقديم

القاعدة أن المتهم برئ حتي تثبت ادانته، في محاكمة عادلة تكفل له فيها كافة الحقوق والضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه، فالأصل في كل إنسان البراءة، ولا يجوز الانتقاص من هذا الأصل إلا بتوافر أدلة أو قرائن كافية علي ضلوعه في أرتكاب أي افعال معاقب عليها قانوناً، ويكون هذا الإنتقاص في اضيق الحدود ووفقاً لضرورات تقتضيها محاكمته العادلة والمنصفة، وقرينة البراءة منصوص عليها في الدستور المصري، والمعاهدات الدولية، ولا يمكن تصور الإلتفات عنها أو تجاهلها في أي نظام قضائي يحترم التشريعات الوطنية والدولية.

حيث نص الدستور المصري في مادته رقم 96علي أن “المتهم برئ حتي تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه…”

كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مادته رقم 14علي أن “…..2. من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم  ” قانونا

  1. لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:

(أ) أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها،

وايضاًَ كفل الدستور المصري في مادته 54الحرية الشخصية كحق طبيعي، وحظر المساس بها إلا بأذن قضائي والزم الجهات القائمة علي انفاذ القانون بضرورة ابلاغ كل من تقيد حريته بالاتهامات الموجهة له ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه، وأن  يقدم لسلطات التحقيق خلال 24ساعة من وقت تقييد حريته.

كما وضع المشرع  ضوابط وشروط محددة لحبس كل متهم احتياطياً، لما يشكله الحبس الإحتياطي من  تقييد لقرينة االبراءة.

حيث نصت المادة 134من قانون الإجراءات الجنائية علي “يجوز لقاضي التحقيق، بعد استجواب المتهم أو في حالة هربه، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، والدلائل عليها كافية، أن يصدر أمراً بحبس المتهم احتياطياً، وذلك إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعي الآتية:

1 – إذا كانت الجريمة في حالة تلبس، ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره.

2 – الخشية من هروب المتهم.

3 – خشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجني عليه أو الشهود، أو بالعبث في الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باقي الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها.

4 –  .توقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة

ومع ذلك يجوز حبس المتهم احتياطياً إذا لم يكن له محل إقامة ثابت معروف في مصر، وكانت الجريمة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس.”

كما وضع المشرع بموجب نص المادة 143من قانون الإجراءات حد أقصي للحبس الأحتياطي بالنص علي “..وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام…”

ولكن في مصر في الآونة الأخيرة ظهرت منهجية تتبعها نيابة أمن الدولة العليا وبعض النيابات العادية في حالات محددة تعصف بكافة الحقوق سالفة الذكرة، وتثير الشكوك حول مدي احترام جهات التحقيق لدورهم الأساسي في حماية التشريعات وتطبيقها، وايضاًَ تطرح التساؤلات هو مدي مشاركة جهات التحقيق في استهداف اصحاب الرأي والمعارضين السياسين.

فبجانب عدم تمكين المحامين من الحضور في أول جلسة تحقيق في الكثير من  القضايا التي تنظرها نيابة أمن الدولة، وحرمانهم من الإطلاع علي اوراق التحقيقات المنظورة،يتم إستخدم الحبس الإحتياطي ضد معارضين وأصحاب رأي لسنوات طويلة تجاوزت الحد الأقصي للحبس الأحتياطي كما في حالة الصحفي هشام جعفر والباحث اسماعيل الاسكندراني وغيرهم، وذلك بعد توجيه تهم غير مكتملة وفضافضة وبالإستناد تحريات الأمن الوطني الغير مكتملة أيضاً في كثير من الأحيان، وذلك بالرغم من أن محكمة النقض قد تواترت أحكامها علي أن التحريات وحدها لا يمكن ان تشكل دليلاً اساسياً للإدانة، ومن الأمثلة علي تلك الأحكام :

“ …وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة….”

محكمة النقض – جنائي – الطعن رقم 2421 – لسنة 58قضائية – تاريخ الجلسة 3-11-1988 – مكتب فني 39 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 1012

وقد تنوعت تلك الإتهامات التي واجهها أصحاب الرأي ما بين الإنضمام لجماعة محظورة أو نشر الأخبار الكاذبة، او الترويج والتحريض علي القيام بأعمال إرهابية، وفي كثير من الأحيان يتم توجيه تلك الإتهامات بدون تبيان ما هي الجماعة ؟! او الأخبار ؟! أو الاعمال؟! التي شكلت الجريمة  ويتم تعليل ذلك بأن القضية لازالت قيد التحقيقات وأن التحريات لازالت غير مكتملة وهو ما يشكل عصفاً لنصوص الدستور والقانون والتي يجب علي النيابة احترامهاً بل وحمايتها.

وفي أحيان كثيرة يواجه المتهمين في تلك القضايا أكثر من اتهاماً من تلك الاتهامات المذكورة، ودون أيضاً توضيح لماهية الاتهامات، ودون التحقيق من توافر اركان الجريمة.

وفي ظل تلك الممارسات التي نسوق الأمثلة عليها في السطور التالية فقد تحولت القاعدة القانونية في هذا النوع من القضايا لتصبح المتهم مدان إلي أن تَثبُت برائته وليس العكس.

الأمر الذي تراه الشبكة العربية خطراً داهماً علي الحرايات وعلى مرفق العدالة، ويحوله في بعض الأحيان إلي اداة لتكميم الأفواه والتنكيل بالمعارضيين بسبب عدم احترام بعض المحققين للنصوص القانونية والدستورية التي تعد الأطار الأساسي المنظم لعملهم.

أولاً : جريمة تأسيس او إدارة أو الإنضمام لجماعة محظورة أو لجماعة إرهابية:

المادة 86مكرر من قانون العقوبات نصت علي “يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار, على خلاف أحكام القانون, جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة, يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها, أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون, أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي. ويعاقب بالسجن المشدد كل من تولى زعامة, أو قيادة ما فيها, أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات, أو العصابات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو شارك فيها بأية صورة, مع علمه بأغراضها…”

كما نصت المادة 12من قانون الإرهاب علي أن“يعاقب بالإعدام او السجن المؤبد كل من أنشاء او أسس او نظم او ادار جماعة إرهابية، او تولي زعامة أو قيادة فيها. ويعاقب بالسجن المشدد كل من أنضم الي جماعة إرهابية او شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها….”

وبالنظر لنصوص المواد السابقة نجد أنه يجب لتوجيه تلك الإتهامات  توافر 3أمور هما المكونين لأركان الجريمة المادية والمعنوية، وبعدم توافرهم فلا مجال او مبرر قانوني لتوجيه الإتهام من الأساس، الأمر الأول هو أن يكون هناك جماعة، الأمر الثاني هو أن يكون هناك غرض محظور أو إرهابي من تلك الجماعة، الأمر الثالث هو أن يتوفر العلم بأغراض هذه الجماعة، فلذلك لا يمكن من الناحية القانونية قبول أن يتم توجيه الإتهام دون تحديد أسم الجماعة وماهيتها، وتدون مواجهة المتهم ودفاعه بالأفعال الدالة علي الاغراض الغير مشروعة للجماعة، وهو ما حدث ويحدث في حالات عديدة في القضايا المنظورة أمام نيابة أمن الدولة، وكان مجرد توجيه الإتهام مبرر لحبس المتهمين لفترات طويلة دون وضوحه او توافر أي أدلة كافية عليه.

*    أمثلة علي حالات تم توجيه فيها تهمة الإنضمام لجماعة محظورة أو إرهابية دون ذكر ماهية تلك الجماعة :

1 – إسلام زكريا الرفاعي وشهرته “خرم”متهم بالإنضمام لجماعة محظورة في القضية رقم 977لسنة 2017حصر أمن دولة عليا

خرم هو مدون ساخر يعمل في مجال تقنية المعلومات  القي القبض عليه من منطقة وسط البلد في يوم 16نوفمبر 2017وأختفي لأيام قبل أن يظهر متهماً في نيابة أمن الدولة علي ذمة القضية رقم 977لسنة 2017حصر أمن دولة عليا، ومثل للتحقيق في غياب محاميه، بعد أن حرم من التواصل مع أسرته ومحاموه.

وجهت له النيابة تهمة وحيدة وهي الانضمام لجماعة محظورة، استنادا فقط علي تحريات الأمن الوطني،ولم يتضح حتى الآن ما هي الجماعة التي أتهم إسلام زكريا بالانضمام لها، لا سيما وانه ناشط ساخر ولا ينتمي لأي جماعات أو مجموعات سياسية. كما حرم محاموه كما هو معتاد في نيابة أمن الدولة من الإطلاع علي أي أوراق في القضية، وكل المعلومات التي حصلوا عليها، هي معلومات شفاهية علي لسان المحقق، ولا يزال إسلام محبوس احتياطياً بقرارات تجديد متتالية من نيابة أمن الدولة العليا.

2 – عمال هيئة النقل العام أيمن عبدالتواب ومحمد عبدالخالق المتهمان في القضية رقم 745لسنة 2016حصر أمن دولة

في يوم 23سبتمبر 2016قامت قوة أمنية بإلقاء القبض علي كلاً من أيمن عبدا لتواب ومحمد عبد الخالق العاملين بهيئة النقل العام من منازلهم علي خلفية إعلان الدخول في إضراب في أول أيام الدراسة، وتم تقديمهم لنيابة أمن الدولة العليا في يوم 24سبتمبر ووجهت لهم النيابة تهم تستند إلي تحريات الأمن الوطني بالانضمام لجماعة أسست علي خلاف أحكام القانون، والتحريض علي الإضراب وذلك في القضية رقم 745لسنة 2016حصر أمن دولة عليا، ولم يتم مواجهتهم باسم الجماعة التي اتهموا بالانضمام لها، ثم تقرر بحبسهم احتياطاً بقرارات متتالية من نيابة أمن الدولة وفي 23مارس 2017تم إخلاء سبيلهم من محكمة جنايات القاهرة بتدابير احترازية. وظلوا قيد التدابير حتي صدر قرار بإخلاء سبيلهما في يوم 11إبريل 2018، بعد أن حبسوا احتياطياً لنحو 6أشهر، وظلوا قيد التدابير لنحو 11شهر، دون أن يعلما ما هي الجماعة التي اتهموا بالإنضمام لها.

    3 – المصور الصحفي محمد الحسيني حسن المتهم في القضية رقم 915لسنة 2017حصر أمن دولة

محمد الحسيني هو مصور صحفي بجردة الشوري القي القبض عليه هو وزميله له  في يوم 6سبتمبر 2017من قبل ضباط قسم شرطة الازبكية اثناء تصويرهم تقرير عن زيادة أسعار الأدوات المدرسية بمنطقة الفجالة قبل دخول العام الدراسي الجديد وظل رهن الاختفاء القسري بديوان قسم شرطة الازبكية لأيم قبل أن يظهر بنيابة أمن الدولة في يوم28سبتمير 2017ووجهت لهم تهم الإنضمام لجماعة اسست علي خلاف احكام الدستور والقانون ونشر الأخبار الكاذبة وقررت حبس محمد  لمدة 15يوما وإخلاء سبيل الصحفية انغام غنيم دون حضور محامين معهم، وظل محمد محبوس احتياطياً بموجب قررات متتالية بتجديد حبسه، دون أن يعلم هو او دفاعه ما هي الجماعة التي اتهم بالإنضمام لها حتي الأن.

4 – المعتز بالله شمس الدين وشهرته معتز ودنان والمتهم في القضية رقم 441لسنة 2018حصر أمن دولة عليا

معتز ودنان هو صحفي بموقع هافنغنبوست اجري حوار صحفي مصور مع المستشار هشام جنينه القيادي بحملة ترشح سامي عنان لرئاسة الجمهورية ونشر علي الموقع في يوم 11فبراير2017، وفي يوم 16فبراير تم إلقاء القبض علي معتز بمنطقة المنيب أثناء سفره خارج القاهرة، وظهر متهماً في نيابة أمن الدولة العليا في يوم 18فبراير 2018بتهم الانضمام لجماعة محظورة ولم يتم تسميتها، ونشر الأخبار الكاذبة، وذلك في القضية رقم 441لسنة 2018حصر أمن دولة. ولم يتم الإفصاح عن الجماعة التي اتهم بالانضمام لها، واستندت النيابة في اتهامها إلي تحريات الأمن الوطني.ولا يزال محبوساً احتياطياً بقرارات متتالية من نيابة أمن الدولة العليا.

ثانياً: جريمة نشر الأخبار الكاذبة التي من شأنها تكدير الأمن العام :

نصت المادة 102مكرر من قانون العقوبات علي أن “يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائتين جنيه كل من أذاع عمداً اخباراً او بيانات او أشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام او القاء الرعب بين الناس أو الحاق الضرر بالمصلحة العامة…”

ويتضح من النص السابق أنه لكي يتم توجيه جريمة نشر الأخبار الكاذبة التي من شأنها تكدير الأمن العام، يجب أن يكون هناك أخبار ومعلومات منشورة من الأساس، وان تذاع عمداً، وأن يكون من شأنها تكدير الأمن او القاء الرعب بين المواطنين او الاضرار بالمصلحة العامة، فلا يمكن ان يوجه الاتهام بدون مواجهة المتهم بتلك الأخبار، ولكن هناك العديد من القضايا التي وجه فيه الاتهام بدون توضيح الاخبار والمعلومات محل الاتهام، وغالباً ما يوجه هذا الإتهام برفقه اتهام الإنضمام لجماعة محظورة، او الترويج لجماعة محظورة او ارهابية.

*    أمثلة علي حالات تم توجيه فيها تهم الانضمام لجماعة محظورة او ارهابية ونشر الأخبار الكاذبة :

1 – محمد احمد عشري وشهرته اسلام عشري المتهم في القضية رقم 977لسنة 2017حصر أمن دولة

اسلام عشري هو عضو بحزب العيش والحرية تحت التأسيس تم القاء القبض عليه في يوم 7ديسمبر 2017من أمام نقابة الصحفيين بالتزامن مع تنظيم وقفة للإحتجاج علي قرار الرئيس الأمريكي ترامب بنقل سفارة أمريكا في اسرائيل الي القدس، ومثل للتحقيقات أمام نيابة أمن الدولة العليا في يوم 9ديسمبر 2017ووجهت له تهم الإنضمام الي جماعة أسست علي خلاف أحكام القانون، ونشر اخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، ولم يتم مواجهته هو أو محاموه بالاخبار التي شكلت الجريمة، كما لم يتم الافصاح عن الجماعة المتهم بالإنضمام لها، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات تمديد حبس متتالية.

2 – الصحفي محمد حسن مصطفي المتهم في القضية رقم 15060لسنة 2016جنح قصر النيل

محمد حسن هو صحفي بموقع النبأ القي القبض عليه من أمام نقابة الصحفيين في يوم 26سبتمبر 2016بعد نشوب مشادة بين 2من زملائه واحد الأشخاص، وتدخله لمحاولة حلها، فتم عرضه علي نيابة وسط القاهرة الكلية في ذات اليوم، ووجهت له تهم الإنضمام لجماعة أسست علي خلاف احكام القانون، ونشر الاخبار الكاذبة، ولم يواجه هو ومحاموه بأسم الجماعة المتهم بالإنضمام لها، او ماهية الاخبار التي تشكل جريمة الاخبار الكاذبة، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات تجديد حبس متتالية حتي الأن.

3 –  احمد علي عبدالعزيز المتهم في القضية رقم 1102لسنة 2017حصر أمن دولة

احمد علي عبدالعزيز يعمل صحفي حر وعضو بحزب غد الثورة، اطلق حملة ساخرة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بعنوان “لا والنبي يا عبده”عقب اعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي الترشح فى الانتخابات الرئاسية لفترة ولاية ثانية، والقي القبض عليه من منزله في شهر نوفمبر 2017واختفي لأيام قبل ان يظهر متهماً في نيابة أمن الدولة في يوم 29نوفمبر 2017وتم توجيه له تهم تستند لتحريات  الأمن بنشر الأخبار الكاذبة والانضمام لجماعة محظورة، وذلك بعد أن ورد بالتحريات أن المتهم على تواصل مع مؤسس إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”وتدعى “المجلس المصري من أجل التغيير”وذلك بهدفالترويج لأفكار تلك الصفحة، ولم يتم توضيح ما هي الأخبار التي تشكل جريمة أخبار كاذبة او مواجهته بها، كما انه لم يتم تسمية الجماعة التي اتهم بالإنضمام لها، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات حبس احتياطي متتالية.

4 – حسام عبد المنجي جلال محمد وشهرته حسام السويفي والمتهم في القضية رقم 977لسنة 2017حصر امن دولة

في يوم 7ديسمبر 2018القي القبض علي حسام السويفي اثناء مشاركته في وقفة علي سلم نقابة الصحفيين للإحتجاج علي قرار الرئيس الأمريكية ترامب بنقل عاصمة امريكا في اسرائيل الي القدس، وعرض علي نيابة أمن الدولة العليا في يوم 9ديسمبر ووجهت له تهم تستند علي تحريات الأمن بالإنضمام الي جماعة إرهابية ونشر الأخبار الكاذبة وتم حبسه احتياطياً علي ذمة القضية 977دون أن يتم مواجهته بأسم الجماعة المتهم بالإنضمام لها، او الأخبار التي شكلت جريمة الاخبار الكاذبة، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات متتالية لتمديد حبسه.

5 – اسلام عبدالجيد محمد وشهرته إسلام غيط والمتهم في القضية رقم 977لسنة 2017حصر أمن دولة

اسلام غيط هو عضو بحزب الدستور القي القبض عليه في يوم 13نوفمبر 2018من احد المقاهي بمنطقة وسط البلد وتم عرضه علي نيابة أمن الدولة متهماً في القضية رقم 977لسنة 2017حصر أمن دولة ووجهت له تهم بالإنضمام لجماعة إرهابية ونشر الاخبار الكاذبة، ولم يتم مواجهته باسم الجماعة المتهم بالإنضمام لها او الاخبار الكاذبة المنسوبة له، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات تمديد حبس متتالية.

ثالثاً:الترويج لأغراض جماعة محظورة او إرهابية:

نصت المادة 86مكرر من قانون العقوبات علي أن “…ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة السابقة كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى, وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات, أياً كان نوعها, تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لشيء مما تقدم, إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها. وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية, استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.”

كما نصت المادة 28من قانون الإرهاب علي “يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل من روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى.

ويُعد من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف. وذلك بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة من هذه المادة.

وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين، إذا كان الترويج داخل دور العبادة، أو بين أفراد القوات المسلحة، أو قوات الشرطة، أو في الأماكن الخاصة بهذه القوات.

ويُعاقب بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للاستعمال، ولو بصفة وقتية، بقصد طبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.”

وكما هو الحال في الجرائم السابقة فأن جريمة الترويج لاغراض جماعة محظورة أو لأعمال ارهابية تشترط أن يكون هناك مادة مكتوبة او مطبوعة او مسجلة، وأن يكون هناك جماعة أو افكار او افعال ارهابية او محظورة، ولا يمكن توجيه الاتهام دون تبيان ماهية المادة التي تحتوي علي التروويج، او ماهية الأفعال التي يتم الترويج لها، ولكن هناك حالات عديدة تم توجيه تلك الاتهامات دون توضيح ماهية الافعال او المواد المنشورة، وغالباً ما توجه جريمة الترويج رفقة جريمتي نشر الاخبار الكاذبة أو الإنضمام لجماعة محظورة.

*    أمثلة علي حالات تم توجيه فيها تهم االترويج لاغراض جماعة محظورة او إرهابية او الترويج لأعمال ارهابية دون تبيان ماهية تلك الأعمال:

    1 – احمد جمال علي مناع المتهم في القضية رقم 482لسنة 2018حصر أمن دولة

أحمد مناع هو عضو بحزب الكرامة القي القبض عليه من منزله في يوم 27فبراير 2018بزعم مشاركته في الدعوة لمقاطعة الإنتخابات الرئاسية واختفي لنحو 9أيام قبل ان يظهر متهماً في نيابة أمن الدولة بنشر الاخبار الكاذبة والانضمام لجماعة إرهابية واستخدام موقع علي شبكة الانترنت للترويج لأفكار ومعتقدات تدعو لارتكاب أعمل ارهابية، ولم يتم مواجهته هو او دفاعه بماهية الافعال الارهابية التي يروج لها أو الجماعة المحظورة التي يشترك فيها، ولايزال محبوساً احتياطياً بقرارات تجديد حبس متتالية.

2 – حسن حسين المتهم في القضية رقم 482لسنة 2018حصر أمن دولة عليا

حسن حسين هو ناشط ناصري قامت قوة أمنية باقتحام منزله في الهرم يوم 2مارس 2018والقاء القبض عليه على خلفية قيامه بالدعوى الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وظل رهن الاختفاء  لمدة ثلاثة ايام قبل ظهوره بنيابة أمن الدولة بتاريخ 6مارس ووجهت له النيابة تهم الإنضمام الي جماعة إرهابية والترويج لأفكار الجماعة عبر موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، ونشر الاخبار الكاذبة وقررت النيابة حبسه لمدة 15يوم على ذمة التحقيقات دون حضور محام معه بجلسة التحقيق الاولى، ودون مواجهته بأسم الجماعة المتهم بالانضمام لها، او الافكار التي روج لها، او الاخبار الكاذبة المنسوبة له، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات تمديد حبس متتالية.

3 – الصيدلي جمال عبدالفتاح المتهم في القضية رقم 482لسنة 2018حصر أمن دولة طوارئ

جمال عبدالفتاح هو طبيب صيدلي وناشط يساري يبلغ من العمر 72عاماً القي القبض عليه عقب اقتحام منزله بمنطقة حدائق الأهرام فجر يوم 28فبراير2018وتم اقتياده الى جهاز الامن الوطني بمدينة 6أكتوبر وظل رهن الاحتجاز الغير قانوني حتى تم عرضه على نيابة أمن الدولة بتاريخ 6مارس 2018وتم التحقيق معه دون حضور محام له وتوجيه تهم تأسيس جماعة ارهابية والترويج لأفكار جماعة ارهابية عبر موقع فيس بوك، ونشر الأخبار الكاذبة، وتقرر حبسه احتياطياً دون أن يواجه بأسم تلك الجماعة الارهابية التي اتهم بتأسيسها او الافكار التي روج لها، او الأخبار الكاذبة المنسوبة له، والتي لم يعرفها هو او محاموه حتي الأن، ولا يزال محبوس احتياطياً بقرارات تمديد حبس متتالية.

خلاصه :

تمثل الحالات السابقة أمثلة صارخة توضح كيفية العصف بالقانون والدستور في تحقيقات بتهم مرسلة، تستند فحسب علي اقوال وتحريات ضباط الأمن، حتي وأن كانت تلك التحريات غير مكتملة، وفي بعض التحقيقات يتم إخبار المتهم بأن التحريات والتحقيقات لازالت تجري والتي قد تثبت برائته من تلك الاتهامات بعد إكتمالها، وهذا يعد تحويراً للنصوص التشريعية التي كفلت لكل مواطن الحق في ان يكون بريئاً الي أن يثبت العكس،  الأمر الذي يعد مؤشر شديد الخطورة علي تحول الحبس الإحتياطي من أحدي ضمانات التحقيق الي وسيلة للعقاب في حد ذاته.

وفي الوقت الذي تواترت فيه أحكام محكمة النقض علي أن التحريات لا تشكل دليلاً مستقلاً بذاتها ولا يمكن ان تكون قرينة وحيدة للإدانة، فيتم الاستناد لها وحدها في توجيه التهم وحبس المعارضين وأصحاب الرأي استناداً عليها وحدها، وهو ما حول الحبس الاحتياطي وجعله اشبه باعتقال اداري مقنع.

حيث يمكن لأي جهاز امني يرغب في التخلص من خصوم سياسين أن يوجه لهم التهم جزافاً ثم يعد التحريات التي تدينهم بإرتكاب تلك الاتهامات دون أن يسوق ادلة اخري عليه، فيتم حبس اصحاب الرأي دون دلائل كافية.

وهو أمر شديد الخطورة يهدد مرفق العدالة بشكل كامل، ويهدد ثقة المواطنين بمنظومة العدالة بشكل كامل، ويعد مؤشرا علي ان هناك البعض من المسئولين عن تطبيق القانون يشاركون في العصف به، وتكميم افواه المعارضين والتنكيل بهم.

 

توصيات :

1 –علي النائب العام قبول شكاوي المتهمين ومحاميهم ، في اساءة استخدام الحبس الاحتياطي والإلتزام بما نص عليه القانون في هذا الشأن، والتحقيق فيها

2 – تفعيل أليات التفتيش القضائي والمراقبة علي اعضاء النيابة ومحاسبتهم علي اهدار القانون واساءة استخدام السلطات الممنوحة لهم.

3 – يتعين علي القضاء تطبيق القانون وعدم الاستجابة لطلبات تجديد الحبس الاحتياطي الغير جادة والتي لا تستند الي ادلة كافية ولا تراعي ضوابط ومبررات الحبس الاحتياطي.

4 – يتعين علي السلطات اطلاق سراح كل من تجاوز الحد الأقصي المحدد قانوناً للحبس الاحتياطي.

5 – يتعين علي النيابة العامة اطلاق سراح كل من وجهت له تهم جزافية بالانضمام لجماعة محظورة دون توافر الأدلة الكافية علي جدية الإتهام.

6 – يتعين علي نيابة أمن الدولة العليا تمكين المحامين من الحضور جلسات التحقيق مع موكليهم.

7 – يتعين علي نيابة أمن الدولة تمكين المحامين من الإطلاع علي اوراق الدعاوي المنظورة أمامها.

8 – يتعين علي نيابة أمن الدولة ودوائر الأرهاب بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة للماثلين أمامهم والإلتزام بنصوص القانون الذي يعد اساساً لعملهم.