خميس والبقري بعد 66 سنة من إعدامهما

مقدمة بقلم: إلهامي الميرغني

بعد أقل من ثلاثة أسابيع على حركة الضباط الاحرار عام 1952، كان عمال مصر يتطلعون للحرية مع الإطاحة بحكم الملك الفاسد. وفي مدينة كفر الدوار بالبحيرة وعلى  بعد بضع كيلومترات من الإسكندرية التي غادرها الملك فاروق يوم 26 يوليو تحرك عمال شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار التي تضم 12 ألف عامل، وهي أحدي شركات بنك مصر وأعلنوا إضرابهم عن العمل يوم 12 أغسطس 1952.

ظن عمال كفر الدوار أن حركة الجيش حصن للعمال والفلاحين وكان سخطهم على ظلم إدارة الشركة ومجلس إدارتها الذي كان يضم في عضويته حافظ باشا عفيفي رئيس الديوان الملكي.

شارك في الإضراب أكثر من ثمانية آلاف عامل  يوم 31 أغسطس بدأ العمال مظاهرة داخل أسوار الشركة مرددين مطالب الإضراب وكان العامل مصطفى خميس 19 سنة على رأس هذه المظاهرة .

تم اعتقال مصطفى خميس وأكثر من 567 عاملاً من عمال المصنع. وفي اليوم التالي وأثناء تجمع العمال وهتافهم انطلقت أعيرة نارية من الضفة الأخرى لترعة المحمودية وسقط عدد من العمال واثنين من رجال الشرطة.

يوم 17 سبتمبر وبعد شهر واحد من الأحداث تم تنفيذ حكم الإعدام في سجن الحضرة بالاسكندرية ضد مصطفى خميس ومحمد البقري.

كان الحكم قاسى المحاكمة غير عادلة و منحازة ورفضت المحكمة الاستماع لشهود النفي ولم تسمح لمصطفى خميس بتوكيل محامي . وظلت المحكمة العسكرية لعمال كفر الدوار وصمة عار في جبين نظام يوليو منذ 66 سنة وحتي الآن .

وتوالت أحداث قهر الطبقة العاملة وحصار حرياتها النقابية واعتقال قياداتها علي مدي السنوات التالية. ولكن بعد 33 سنة من الأحداث أعاد صديقنا الراحل الاستاذ أحمد شرف الدين المحامي إحياء هذه القضية من خلال مجلة عمالية كانت تصدر في الثمانينات من القرن الماضي اسمها “صوت العامل”، وعبر ثلاثة أعداد أعاد أحمد شرف وصوت العامل الي الذاكرة الوطنية قضية إعدام خميس والبقري، وأحداث كفر الدوار في أغسطس 1952.

عام 2013 وبعد 61 سنة من الأحداث قدم المخرج الراحل محمد كامل القليوبي فيلم سينمائي بعنوان “اسمي مصطفى خميس” ووثق فيه جوانب كثيرة من أحداث كفر الدوار وشهادات حية على الأحداث.

لذلك ونحن نحتفل بذكرى أحداث كفر الدوار واعدام مصطفى خميس ومحمد البقري. رأينا أهمية أعادة نشر ما كتبه صديقنا الراحل الأستاذ أحمد شرف المحامي عن الاحداث والحملة التي تبنتها جريدة “صوت العامل”. لقد مرت سنوات علي إعدام الأبرياء ولكن دمائهم الطاهرة لازالت تصرخ فينا لإظهار الحقيقة.

لذلك نطالب باعادة محاكمة عمال كفر الدوار واستخدام كل الأدلة والقرائن التي اٌكتشفت وظهرت على مدى السنوات الماضية لتبرئة ساحتهم. إن خميس والبقري لقوا ربهم منذ 66 سنة وجلاديهم من قضاة المحكمة العسكرية كذلك. ولكن من حق الطبقة العاملة المصرية ومن حق المصريين جميعاً تصحيح وقائع التاريخ التي تم تزويرها.

وإذا كانت احتفالات الدولة بذكرى 23 يوليو 1952 هذا العام قد توجت بمنح بطل ثورة 23 يوليو العقيد يوسف صديق قلادة النيل وهو نوع من تصحيح تزوير التاريخ الذي تم بحق أحد قادة ثورة يوليو. ولا يكتمل ذلك إلا بإعادة محاكمة عمال كفر الدوار وإثبات الحقيقة للتاريخ وللأجيال القادمة.

رحم الله مصطفى خميس ومحمد البقري وكل شهداء كفر الدوار. ورحم الله صديقنا أحمد شرف الذي أعاد إحياء الذاكرة الوطنية تجاه الأحداث.
ومستمرين في مطالبتنا بإعادة محاكمة عمال كفر الدوار.

 

تقديم

لماذا ننشر هذه الدراسة فى هذا الوقت بالذات؟

رغم أن الأحداث التي تتناولها الدراسة قد مر عليها 66 عاماً بالتمام والكمال الا أن صوتى مصطفى خميس، ومحمد البقرى مازالا يصرخان فينا ويستحلفانا بأغلظ الأيمان وبأعلى الأصوات

“أعيدوا محاكمتنا .. نحن بُراء مما نسب إلينا” ..

فلعل هذا الوقت أن يكون مناسبة جديدة لتوصيل صوت الشهيدين، ونعيد تذكير الطبقة العاملة المصرية به ليعمل الجميع حتى يرى هذا المطلب النور .. ويتحقق لروحيهما الاستقرار والسلام

  • ونود – فى البداية – أن نؤكد أننا نتعامل مع هذه النصوص على أنها “وثيقة تاريخية” لا نملك أن نحذف منها أو نضيف إليها جملة أو رأيا .. لانها بهذا الشكل الذى كتبت به تعبير عن آراء وتوجهات ووجهات نظر صاحبها المحامى العمالى أحمد شرف الدين وحده، ونقدمها بنفس الشكل التى كتبت به احتراما لتاريخ الرجل واجتهاده.
  • المقالات الثلاثة المنشورة هنا سبق نشرها فى الأعداد الثالث والرابع والخامس من مجلة (صوت العامل) الصادرة فى أكتوبر 1985، ويناير 1986، وأبريل 1986 على التوالى، وهى مجلة غير دورية عكف على إصدارها كوكبة من أخلص أبناء الطبقة العاملة وأشرف قادتها وقت صدورها .. كان ذلك فى الفترة من فبراير 1985 حين صدر العدد الأول .. واستمرت فى الصدور حتى أغسطس 1989، حين وقعت أحداث شركة الحديد والصلب بحلوان .. التي ترتب عليها إلقاء القبض على عدد من هيئة تحرير المجلة بدعوى التحريض على الإضراب .. فتوقفت عن الصدور بعدها ..
  • كانت تجربة صوت العامل (تجربة ملهمة) فقد ضمت عدداً من قادة الحركة العمالية والحركة النقابية المصرية تعددت مشاربهم الفكرية وانتمائتهم الحزبية، وضمت شباب الحركة وشيوخها .. من بينهم الأعمام (طه سعد عثمان، عطية الصيرفى، وفتح الله محروس– رحمهم الله)، والمهندس أحمد الصياد – رحمه الله، وأيضا صابر بركات، الهامى الميرغنى، ومحمود مرتضى، صبرى زين العابدين، ومحمد عبد السلام ( بارك الله فى أعمارهم جميعاً)، واستكتبت العديد من القادة العماليين من بينهم أحمد عبد الرازق، ومصطفى عبد الغفار- رحمه الله، وغيرهم الكثير والكثير ..
  • المهم كانت التجربة رائدة حيث لم يدب بينهم خلاف فكرى أو مناقشات بيزنطية تلهيهم عن توجههم الأصيل لأن تكون المجلة (صوت من لا صوت لهم) ..

ونجحت المجلة فى أداء رسالتها بالرغم من القدرات المالية المحدودة للقائمين عليها.

  • ولأنه سوف تطل علينا بعد أيام قلائل الذكرى 66 للأحداث فإننا أردنا أن نذكر الجميع بنداء عمال كفر الدوار: أعيدوا محاكمتنا .. وبرأوا ساحتنا ..
  • فهل من سميع؟ .. وهل من مجيب؟

                                                                                           برنامج حق التعبير للعمال والحركات الاجتماعية

 

أعيدوا محاكمة شهداء كفر الدوار (مصطفى خميس، ومحمد البقري)‎ pdf
أعيدوا محاكمة شهداء كفر الدوار (مصطفى خميس، ومحمد البقري)‎word