السجن 

الاسم الرسمي له في الأوراق هو “سجن شديد الحراسة 992″، لكنه يعرف لدى السجناء وذويهم وغيرهم باسم “العقرب” نظرا  لسمعته الصعبة  وبسبب الانتهاكات القاسية التي تقع في حق سجناءه قديما وحديثا.

ويقع سجن”العقرب” بمنطقة سجون طره (ب) على بعد نحو 2 كم من بوابة منطقة سجون طرة الرئيسية، بطريق الاوتوستراد المتجة الى حلوان، بالقاهرة.

تاريخ إنشائه

تم انشاء السجن  لسد ما اعتبرته الداخلية نقصا في السجون ، عام 1991 خلال تولي وزير الداخلية الأسبق “حسن الالفي” خلال الصراع الحاد بين الحكومة و الجماعات الاسلامية المسلحة “الجهاد والجماعة الاسلامية”.

وقد استغرق بناء سجن العقرب عامين ليُفتتح في صيف 1993م.

السجن من الداخل

بحسب تقرير نشره موقع “المصري اليوم”، فإن السجن يتكون من 320 زنزانة مقسمة على 4 عنابر أفقية، تأخذ شكل الحرف«H»، بكل زنزانة مصباح تتحكم بها إدارة السجن، ويحتوي كل عنبر على 80 زنزانة على شكل حرف «H» ومساحة الزنزانة 2.5م × 3م، وارتفاعها 3.5م، وبكل زنزانة شباك 90 سم × 80 سم، وارتفاعه عن الأرض 2.5 م، ويطل الشباك على طرقة مسورة أعلاها سقف خرساني، ويوجد بالسور فتحات على ارتفاع 3م من سطح الأرض، يدخل منها الهواء والشمس بطريقة غير مباشرة، لأن شباك الزنزانة ينحرف عن فتحات السور بمسافة 1.5م، وللزنزانة باب حديدي ارتفاعه 2م وعرضه واحد متر، وبه فتحة على ارتفاع  1.5م طولها وعرضها 25 سم × 15 سم، وبداخل كل زنزانة كشاف كهربائي به لمبة 100 وات، ويتم التحكم في إضاءتها عن طريق غرفة التحكم الخارجية (1).

كما يوجد بالسجن مكان مخصص لـ«التريض»، عبارة عن قطعة أرض خرسانية مغطاة بالرمال على شكل حرف «L»، وتقع في مؤخرة الزنازين، وهي خاصة بـ20 زنزانة ومساحتها 25 م × 15 م، والزنزانة معدة للحبس الانفرادي.، تعد عنابر تأديب خاصة بالمعتقلين السياسيين، يمنع عنهم فيها الإضاءة وتبادل الحديث».

وفي حوار للواء مصطفى باز، مدير مصلحة السجون مع جريدة  للمصري اليوم، ذكر أن سجن العقرب يتسع لـ “1500” سجين (2).

نزلاء العقرب

إكتسب سجن “العقرب” سمعته بدءا من عام 1994 حينما تم ايداع السجناء السياسيين به، وتم منع الزيارة ، عنهم ،  ثم ضم جنائيين لاحقًا.وفي الوقت الحالي يقبع به سجناء سياسيون وجنائيون صدرت بحقهم أحكام، وآخرون محبوسون احتياطيًا ، ورغم أنه سجن شديد الحراسة ، اي مخصص لايداع سجناء صدرت ضدهم أحكام ، لكن قرار انشاءه نص على “جواز” ايداع مسجونين احتياطيا به ، ممن قد يشكلون خطرا على الامن القومي.

ومن بين أشهرنزلاء “العقرب” السابقين، قيادات الجماعات الإسلامية، كطارق وعبود الزمر، وناجح إبراهيم.

وحديثا تم حبس الباحث الصحفي هشام جعفر، رئيس مؤسسة مدى للتنمية الإعلامية (أُخلي سبيله في مارس 2019م)، وعبد الله الشامي، مراسل الجزيرة.أما النزلاء الحاليين، على سبيل المثال لا الحصر، فمنهم بعض قيادات جماعة الإخوان، مثل خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، وسعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة المنحل، ورشاد البيومى نائب المرشد، وحسن مالك رجل الأعمال،وحلمي الجزار.

وآخرين كالصحفي معتز ودنان، وحازم صلاح أبوإسماعيل، وعصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط.

الداخل مفقود

يشهد سجن العقرب شكاوي من انتهاكات عديدة تجعله  من  أسوء السجون حاليًّا في مصر، وتتراوح الشكاوي الشائعة ما بين الإهمال الطبي، والإفراط في العقوبات التأديبية، مثل الحبس الانفرادي الممتد، إلى منع زيارات الأهل .

يقول اللواء إبراهيم عبد الغفار، مأمور سجن العقرب السابق، في لقاء تليفزيوني، عقب ثورة يناير 2011 ” العقرب مصمم على إن الي يخشه، ميرجعش منه ألا ميِّت”! ثم يضيف: “السجن مش بيدخل له شمس ولا هوا، والمفروض يتحط في الزنزانة الواحدة شخصين، بس إدارة السجن ممكن تحط فيها عشرة” (3)

وأشار المحامي “حافظ أبو سعدة”، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للحكومة ، إلى بعض الانتهاكات التي لاحظها والتي علم بها فيما يخص “العقرب”، أثناء زيارته مطلع يناير 2016م، ضمن وفد المجلس إلى مجمع سجون طره، كسحب الأسرة والمراتب من السجناء، بالإضافة إلى قصرمدة زيارة العائلات والتي لا تتجاوز الـ 10 دقائق، وتتم من خلال حاجز، مضيفًا: “وده مخالف للقانون”.والتعنُّت في إدخال الأدوية، والنقطة الرابعة هي إغلاق الكانتين (منفذ بيع مواد غذائية داخل السجن) (4)

ذكرت زوجة أحد المعتقلين “للمصري اليوم” أن الأمر يتطلب قضاء الليل أمام أبواب مجمع السجون بطرة، لتتمكن من تسجيل اسمها فى كشوف الزيارة صباح اليوم التالي، لمحدودية عدد من يسمح بدخولهم (30 زيارة فى اليوم الواحد بحد أقصى)، فى مقابل أعداد الأسر التى تزيد على ذلك كثيراً، ما يحرم عدداً كبيراً من فرصتهم فى زيارة ذويهم(5).

رسائل من العقرب

في منتصف نوفمبر 2019م، خرجت رسالة إلى الإعلام، يشتكي فيها السجناء من انتهاكات جسيمة، كحرمانهم من الشمس والهواء، والإهانات المتكررة التي يتعرضون لها، بالإضافة للإهمال الطبي، كما يشتكون من ضيق الزنازين الانفرادية، وسوء التهوية.

وأشارت الرسالة التي حملت عنوان “الحرمان من الشمس والهواء”، إلى أن “مقابر العقرب” تفتح (أثناء التريض) ويخرج المعتقلون إلى طرق مسقوفة بالخرسانة لا منفذ فيها إلى شمس أو هواء، وعرضها لا يزيد عن مترين فقط بطول العنبر، مؤكدة أن التريض يفُتح ويُغلق حسب الأوضاع السياسية والأمنية للبلاد.

وتساءل المعتقلون في رسالتهم: “لماذا نحرم من هذه النافذة على الحياة، هل كما قال لنا الضابط محمد عبدالجواد في عام 2015: ’ إحنا وراكم لغاية لما ينسوكم خالص’؟ وهل كما كان يدخل مفتش المباحث أحمد أبو الوفا إلى كبائن الزيارة ويهين المعتقل أمام أهله لكي يطلب المعتقلون من ذويهم عدم المجيء ليتجنبوا الإهانة لهم؟ (6)

سجناء فارقوا الحياة

نظرًا لظروف الحبس السيئة في زنازين العقرب، وحرمان المساجين من كثير من حقوقهم، تزداد المعاناة، ويصبح الأمر أكثر حرجًا خاصة على المرضى وكبار السن، ومن ثم تتكررحالات الوفاة بين المساجين.

الدكتور عصام العريان لم يكن أخر المتوفين داخل سجن العقرب ، وبالطبع ليس أولهم ، فقد سبقه ، نبيل المغربي الذي توفي نتيجة أزمة قلبية حادة في يونيو 2015م، و عصام دربالة، الذي دخل في نوبة تقيؤ مصحوب بدم لساعات، وقبلهم الرئيس الأسبق محمد مرسي ، والعديد من السجناء للاسف الغير معروفين ، والذين يتم التعتيم على اسباب وفاتهم ، مثل الشاب أحمد محمد عبد الله، وكان مريض وحين  تم نقله إلى المستشفى، تم اعادته مساءا ، وتوفي في نفس الليلة في عام 2018.

وكانت أخر وفاة علمت بها الشبكة العربية تمت في 6سبتمبر 2020 ، هي وفاة الدكتور “عمرو أبو خليل” أخو الاعلامي المقيم في تركيا ” هيثم أبو خليل،  والسجين في سجن العقرب منذ أكتوبر 2019 وتتهم أسرته أجهزة الامن الوطني بممارسة لإهمال الصحي الذي تسبب في وفاته.

دعوى قضائية لإغلاق “العقرب”

في عام 2017 ، أقام أحد المحامين ” أسامة ناصف” دعوى في مجلس الدولة  تطالب بإغلاق سجن العقرب شديدالحراسة، وكيلًاعن آية الله علاء حسنى وآخرين، وفي اكتوبر من نفس العام ، أوصت هيئة مفوضي الدولة  بإحالة الدعوى إلى رئيس جامعة القاهرة لينتدب بدوره لجنة ثلاثية من الخبراء المختصين بمجالات الطب والهندسة وحقوق الإنسان لإعداد تقرير حول السجن.

واختصمت الدعوى، كلًا من رئيس الجمهورية بصفته، ووزيرالداخلية، وذكرت أن التصميم الهندسي لمباني السجن نفسه ضاربصحة الإنسان، حيث إنها عبارة عن مبانٍ خرسانية تمنع دخول الشمس والهواء، فضلاعن وجود تعنت من قبل إدارة السجن تتمثل في منع دخول أدوية إلى المرضى ودخول الطعام ومنع التريض، والزيارة ،  والقضية التي تم رفعها منذ ثلاثة أعوام ، اقتربت من اكمال عامها الرابع دون حكم حتى الان.


المصادر:

1- سجن «العقرب» نظام أمريكي تحول من «قبلة المعتقلين» إلى «نهاية الإسلاميين»، الإثنين 10-08-2015،زيارة 4سبتمبر 2020 

https://www.almasryalyoum.com/news/details/790126

(2)  اللواء مصطفى باز مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون يتحدث عن «مساجين الإخوان» و«تهديدات الاقتحام»: رموز «الجماعة» مطيعون.. وينفذون التعليمات بـ«حذافيرها» في 4 أغسطس 2013 ، زيارة 4 سبتمبر 2020

https://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=392228&IssueID=2947

(3) لقاء تليفزيوني متوفر باليوتيوب ، منشور في 7 فبراير 2012 ، مشاهدة 5سبتمبر 2020

https://www.youtube.com/watch?v=TeOXBib-nbU

(4)  وثائقي بعنوان “سجن العقرب 992 شديدالحراسة”، بداية من الدقيقة 38، 2 سبتمبر 2017م ، مشاهده 7سبتمبر 2020.

https://www.youtube.com/watch?v=EIA7wdnNwco&t=1262s

(5) «العقرب» أنشئ كسجن شديد الحراسة.. ويواجه انتقادات حقوقية واتهامات بمخالفة القوانين ، الأحد 06-03-2016 ، زيارة 4سبتمبر 2020.

https://www.almasryalyoum.com/news/details/905295

(6) معتقلون مصريون بسجن العقرب يشكون حرمانهم من الشمس والهواء،، موقع عربي21، الأحد، 17 نوفمبر 2019 ، زيارة 8سبتمبر 2020

https://arabi21.com/story/1223477/%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B3%D8%AC%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%B1%D8%A8-%D9%8A%D8%B4%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%A1