السجن ومكانه

سجن 15 مايو هو سجن مركزي لمديرية أمن القاهرةويتبعها، ويقع بآخر طريق الأوتوستراد، قبل طريق الكريمات في نطاق مدينة 15 مايو جنوب القاهرة. أنشئ السجن بموجب قرار وزير الداخلية رقم 1030 لسنة 2015، المنشور في العدد 118 من الوقائع المصرية، وجاء قرار إنشاء السجن لاستيعاب الزيادة في عدد المتهمين والمحتجزين بأقسام الشرطة بالقاهرة، بعد التكدس الشديد في السجون ومقار الاحتجاز.وأسندت وزارة الداخلية أمر إنشاء السجن إلى شركة المقاولين العرب المصرية، والتي كان يرأس مجلس إدارتها المهندس إبراهيم محلب، قبل توليه منصب رئاسة الحكومة المصرية.

تاريخ إنشائه

لم يستغرق بناء السجن سوى 8 شهور، بتكلفة تقدر بنحو 160 مليون جنيه، وتم افتتاحه يوم 4 يونيو 2015، وقد صاحب افتتاح السجن ضجة إعلامية كبيرة ساهم فيها حقوقيين مقربون من أجهزة الأمن، ساهموا في تقديم السجن للجمهور على أنه سجن نموذجي وإنجاز يحسب لوزارة الداخلية.

أقيم السجن على مساحة 12 فدان، ويتكون من عنابر ومباني الإدارة والعيادة والسرية والزيارة والخدمات والمغسلة والمطبخ وأسوار السلك والمعسكر وأبراج الحراسة والبوابات. وتم تزويد مباني السجن بشبكة إطفاء ولوحات ضغط متوسط ومحولات وكابلات ولوحات توزيع وأعمال إنارة وقوى وكابلات تليفون وإنذار وغيرها.

يبلغ عدد عنابر السجن ثمانية، وينقسم كل عنبر إلى عدد من الزنازين، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للسجن نحو 4 آلاف نزيل، وهو أمر ليس معتادًا في السجون المركزية، التي جرت العادة أن تكون طاقتها الاستيعابية بضع مئات.

يستقبل السجن المسجونين المحكوم عليهم بعقوبة تصل إلى ثلاثة أشهر، والمحتجزين لأكثر من 4 أيام للحبس الاحتياطي. وبلغ عدد المحبوسين فعليا وقت افتتاحه نحو 3020 سجيناً.

ولأول مرة في السجون تم تخصيص بعض الغرف لوكلاء النيابة العامة، والهيئات القضائية والمحامين؛ وهو ما يمكن من خلاله تجديد الحبس الاحتياطي للمحبوسين دون الحاجة إلى نقلهم، رغم الحاجة لقرار رسمي من وزير العدل مع كل تحقيق أو محاكمة تعقد بسجن وخارج المحكمة.

واشتهر السجن الجديد بالإهمال وسوء المعاملة وعدم وجود استراحة للزوار، إلى جانب استغلال بعض أفراد الأمن لوظيفتهم للمتاجرة بالمواد المخدرة والأقراص المحظور تداولها بين المساجين، وقد ألقي بالفعل القبض على أمين شرطة مسؤول عن تفتيش الزيارات وإدخالها للمساجين، متلبساً أثناء قيامه بتهريب أقراص مخدرة وحشيش وبانجو للمحجوزين، وأثناء التحقيق في القضية ألقى أمين الشرطة نفسه من الطابق الرابع فسقط صريعاً.

شهادات على الانتهاكات

من أشهر ما تم توثيقه من شهادات المحبوسين في سجن 15 مايو شهادة أحمد محمد حسن الشهير بـ”استاكوزا”، بعد الإفراج عنه بكفالة يوم 3 أغسطس 2016. وكان أحمد حسن، والدكتور طاهر مختار، قد أُلقي القبض عليهما في يناير 2016 في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، من منزلهما، وأحيلا إلى النيابة العامة بتهمة حيازة مطبوعات تهدف إلى إسقاط نظم الدولة الأساسية وتغيير مبادئ الدستور.

وقال استاكوزا في شهادته:

20 يناير 2016 سيظل يوم من أسوأ وأثقل الأيام على قلبي إن لم يكن أكثرهم سوءًا وثقلًا، اليوم ده كل دقيقة فيه محفورة في ذاكرتي بكل تفاصيلها مهما حاولت نسيانها، في 20 يناير 2016كنت في قسم عابدين، وكان في اليوم ده رئيس الصين بيزور مصر، والسيسي كان بيستقبله في قصر عابدين، فقسم عابدين (مكان احتجازنا اللي في ضهر القصر على طول) قرر ينقلنا سجن 15 مايو كإجراء من إجراءات التأمين مع مجموعة من الجنائيين المحبوسين في القسم.

الترحيلة دي كانت أسوأ وأسخف الترحيلات اللي شفناها وقت حبستنا، رغم إننا شفنا بلاوي كتير، الترحيلة بكل تفاصيلها كانت قاسية جدًا، في الترحيلة دي قعدنا في عربية الترحيلات أكثر من 10 ساعات، 28 واحد بشنطهم وفرشهم عشان ظابط الترحيلة بيتحايل على السجن ياخدنا عشان تقريبا القسم خايف مننا.

لما نزلنا من عربية الترحيلات ضربوا راجل كبير جميل اسمه عم عادل، كان جاي معانا من قسم عابدين على قفاه، الراجل مسكتش على ضربه فزعق فيهم، فمخبرين وضباط السجن نزلوا فيه ضرب وهرسوه حرفيًا على الأرض، ونزلوا فيه ضرب بالأقدام والشلاليط والوقوف عليه لحد ما معالم وش الراجل ضاعت خالص، الضرب كان وحشي لدرجة إن ضابط الترحيلة اللي جاي معانا من قسم عابدين اعترض على ضباط السجن، فضابط مباحث من ضباط السجن قال له:’إنت إيه اللي مدخلك هنا بسلاحك؟ اطلع بره!’، وطلعوه فعلًا وكملوا ضرب في عم عادل.

بعدين لقينا شخص قصير لابس مدني (عرفنا بعدها إنه رئيس مباحث السجن) جاي بخطوات سريعة وقوية بيقول لهم:’فيه إيه؟’ فحكوا له، فقالهم:’ابعدوا’. للحظات قليلة افتكرناه هينقذ الراجل من ايديهم، فلقيناه بينط على دكة جنب عم عادل، وبينزل عليه ناطط بكل قوته على وشه، وبيرش بيبر سبراي على عينه ووشه، اللي كلهم دم، لدرجة إننا فكرنا عينه اتصفت! وبعدين وجهلنا الكلام بلهجة بلطجية الأفلام، وقال لنا: حد ليه شوق في حاجة؟!

خلال كل ده احنا كلنا باصين في الأرض بأوامرهم عشان اللي كان يفكر يبص على حفلة الضرب اللي شغالة من غير ما يعترض حتى كانت الحفلة هتتنقل عليه، دي كانت من أكتر اللحظات اللي حسيت فيها بالعجز في حياتي.

وفي شهادة عن فترة احتجازة في سجن 15مايو  في نهاية عام 2015 ، كتب الدكتور أحمد سعيد”

 تم نقلي في ليلة الحكم علي مع ثلاثة من زملائي في نفس القضية من قسم عابدين إلى سجن 15 مايو. كانت طقوس الاستقبال  التي توقعناهاعلى وشك البدء قبل أن يأتي صوت رئيس المباحث من بعيد يأمرهم بالتوقف. كنا قد هبطنا من سيارة الترحيلات نحن الأربعة وتم دفعنا دفعا عبر بوابة السجن تحت سيل من السباب الذي يأمرنا بالركض والنظر إلى الأرض ثم إن نجلس القرفصاء. جاء رئيس المباحث والمامور ومعهم طبيب السجن.

 سأل المأمور عن من هو “أحمد محمد سعيد فتحي غانم” فأجبت أنني هو، سألني إن كنت الطبيب الذي جاء من ألمانيا، فقلت نعم، سألني عن اسم أمي كاملا فأخبرته.

أمرونا بأن نخلع ملابسنا كاملة، ثم جاء ما يفترض ان يكون الفحص الطبي، حيث سألنا الطبيب عما إن كنا نعاني من أمراض مزمنة، فأجاب زميلي بأنه يعاني مرض رئوي مزمن.

أمرونا بأن ننحني جميعا إلى الأمام، ثم قام مخبر أو أمين شرطة بعمل الفحص الشرجي لزملائي واحد تلو الآخر، وعندما رفضت الامتثال للكشف قام عدد من المخبرين وأمناء الشرطة بتكبيلي ليتم انتهاكي جنسيا كما حدث لزملائي.

تم ايداعنا زنزانة تأديب ولم يتم تسجيلنا رسميا. استمرت فترة احتجازنا في سجن 15 مايو 18 يوما بالتقريب حيث كنت قد أعلنت إضرابي عن الطعام واضطرب احساسي بالوقت بعد أيام.

 طلبت أكثر من ثلاث مرات صراحة عمل محضر باضرابي عن الطعام تم تجاهلها جميعا. زارني طبيب السجن مرتين ليقنعني بالعدول عن الإضراب لكنني أصررت.

خلال فترة احتجازي هناك قام أهلي والمحامون بزيارة السجن ومحاولة التأكد من وجودي هناك إلا أن إدارة السجن أنكرت وجودي حتى المرة الثالثة التي أقروا فيها بوجودي وسمحوا لأهلي بالزيارة. 

في يوم الزيارة قاموا بتسجيل أسمائنا رسميا وأعطونا الملابس الميري وحرصوا على ألا يقترب منا احد من الجنائيين بالسجن. لم أكن أقوى على المشي، حملني اثنان من المسيرين حتى مكان الزيارة التي كانت “زيارة قفص” أقف في قفص حديدي يفصله متر عن قفص حديدي آخر تقف فيه عائلتي. هددني رئيس المباحث قبل الزيارة حتى لا أخبر أهلي عن الإضراب. 

كانت الزيارة تحت رقابة الأمن، هل هي المباحث  أمن دولة لا أعلم؟!

 كان يقف معي في نفس القفص ثلاث رجال منهم رئيس المباحث وكذلك خلف عائلتي. أخبرت عائلتي عن الإضراب وكانت الزيارة لمدة عشر دقائق. في اليوم التالي قام رئيس مصلحة السجون بزيارتي في الزنزانة وسألني إن كان أحدهم قد اساء إلي في السجن وعن سبب إضرابي عن الطعام ثم انصرف. بعد وقت قليل استدعاني مأمور السجن لمكتبه، وذهبت محمولا من المسيرين مرة أخرى. حاول مأمور السجن أن يقنعني بأن أقر كتابة أنني لم أكن مضربا عن الطعام وإنما كنت أعاني من الاكتئاب وفقدان الشهية. 

https://www.high-endrolex.com/23

كان أخي قد قدم شكوى في مكتب النائب العام مباشرة بعد انصرافه من الزيارة. حاول المأمور بكافة الطرق ثم جاء دور التهديد والترهيب. كان كل ما أطلبه لفك الإضراب هو نقلنا ل”سجن طبيعي” يمكن لنا فيه أن نحصل على حقوق السجناء التي تكفلها اللوائح. وعدني المأمور بنقلنا جميعا إلى طرة إن قمت بفك الإضراب، وأصررت على أن يتم نقلي وزملائي أولا ثم سأقوم بفك الإضراب. بالفعل تم نقلنا في نفس اليوم إلى مجمع طرة، لكن إلى سجن شديد الحراسة اتنين”.


موقع المقاولون العرب، وزير الداخلية يفتتح سجن 15 مايو المركزي، تاريخ النشر 4 يونيو 2015، تاريخ الزيارة 8يوليو 2020

https://arabcont.com/Release-2015-988

مركز النديم، تاريخ النشر 2019 ، تاريخ الزيارة 4يونيو 2020

https://elnadeem.org/wp-content/uploads/2019/03/Detainees-Testimonies-Jan-Feb-2019-AR.docx

شهادة مرسلة من سجين الرأي السابق المقيم في المانيا ، احمد سعيد ، في سبتمبر 2020