1. نظرة عامة 

تعاني خدمة الاتصالات والانترنت في العراق من الضعف الشديد وزيادة أسعارها، وتعود أسباب تلك الحالة إلى عدة عوامل منها تدمير أجزاء من الشبكة على أيدي الجماعات المسلحة، وضعف الشركات المقدمة للخدمة، والصراعات بين أصحاب الأبراج الذين يمدون المواطنين بالخدمة، وتلاعب بعض الشركات النافذة في تهريب سعات الإنترنت وإدخال سعات مهربة، إلى جانب ضعف الحكومة بسبب استشراء الفساد، ونظام التقسيم الطائفي للسلطة، وتغليب المصالح الحزبية الضيقة. وتعد سرعة الانترنت هي التحدي الأكبر أمام المستثمرين في العراق، وتخسر الشركات والبنوك ووسائل الإعلام العراقية ملايين الدولارات نتيجة ضعف الإنترنت وانقطاعه بشكل متكرر نتيجة قرارات حكومية خاطئة.

 

  1. التطورات في قطاع الاتصالات

يعاني العراق من الاضطرابات السياسية منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، وهو ما انعكس على ضعف البنية التحتية والقانونية لقطاع الاتصالات. كما انعكست تلك الاضطرابات على سياسة الحكومة تجاه المستخدمين ومقدمي خدمات الاتصال والانترنت، فلم ترتق خدمات الاتصال إلى مستوى طموح العراقيين ولا يزال استخدام الإنترنت في العراق متواضعاً.

تختص كل من هيئة الإعلام والاتصالات، ووزارة الاتصالات بإدارة شركات الاتصالات والترخيص لها، وتقوم وزارة الاتصالات بتشغيل الشركة العامة للاتصالات والبريد، والشركة العامة لخدمات الإنترنت. أما بالنسبة للشركة العامة للاتصالات فهي المسؤولة عن شبكة الألياف البصرية، فيما تتعامل الشركة العامة للاتصالات والبريد مع مشتركي خدمات واتصالات الإنترنت في العراق، وتوفر خدمة الإنترنت اللاسلكية للوكالات الحكومية.

تقدم 3 شركات خاصة خدمات الاتصالات في العراق هي (آسيا سيل، وزين العراق، وكورك تيلكوم)، ويقدر عدد المشتركين بين عدد سكان العراق المقدرين بنحو 40 مليون نسمة ، في خدمات اتصالات الهاتف المحمول بـ 36 مليون مشترك، بينما بقدر عدد مشتركي الهاتف الثابت بنحو 2.1 مليون مشترك.

ويعاني مستخدمو الإنترنت في العراق من السعات الوهمية التي تقدمها شركات الإنترنت، وارتفاع أسعار الخدمة، إلى جانب الانقطاع المتكرر لها.

 

 

  • البيئة القانونية لقطاع الاتصالات والإنترنت 

 

يُطبق قانون العقوبات العراقي المعدل رقم 111 لسنة 1969، على مستخدمي الإنترنت. ويتضمن القانون العديد من مواد التشهير الجنائية التي تصل فيها العقوبة في قضايا النشر إلى الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت أو مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وغيرها من العقوبات.

وتحاول الحكومات العراقية المتعاقبة، منذ عام 2011، تمرير قانون يمكنها استخدامه في السيطرة على حرية التعبير التي أتاحها استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي شجعت المستخدمين على إبداء آرائهم. حيث قدمت الحكومة في عام 2011، مشروع قانون “جرائم المعلوماتية” للبرلمان لمناقشته. ولكن تحت ضغط منظمات المجتمع المدني، اضطر البرلمان في 6 فبراير 2013، إلى رد القانون للحكومة لتعديله.

وفي 12 يناير 2019، بدأ مجلس النواب مناقشة قانون “جرائم المعلوماتية”، الذي قدمته الحكومة للنقاش أمام البرلمان. وانتهى المجلس من القراءة الأولى للقانون في نفس اليوم، إلا أن القراءة الثانية لمشروع القانون تم تأجيلها بعد تصاعد الاحتجاجات الحقوقية ضده، مما دعا البرلمان إلى تكليف اللجان المعنية في المجلس بمراجعة القانون وإجراء التعديلات الضرورية على صياغته. وفي 14 مارس 2019، أدرج رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بالفعل مناقشة مشروع القانون في جدول أعمال الجلسة، إلا أن لجنة حقوق الإنسان في المجلس تقدمت بطلب رفع فقرة مناقشة التقرير الخاص بمشروع القانون من جدول أعمال الجلسة، وهو ما تم بالفعل.

ويحتوي مشروع قانون جرائم المعلوماتية على أربعة فصول، يتضمن الفصل الأول منها التعاريف والأهداف، ويتضمن الفصل الثاني الأحكام العقابية، أما الفصل الثالث فإنه يتضمن إجراءات جمع الادلة والتحقيق والمحاكمة، فيما يتضمن الفصل الرابع احكامًا عامة وختامية. ويعد القانون تقنيناً لكتم الأصوات وتهديداً لنشطاء الإنترنت، حيث يحتوي القانون على العديد من التعبيرات المطاطة التي تفرض عقوبات قاسية بالسجن والمؤبد والغرامة ضد نشطاء الإنترنت على جرائم مبهمة مثل “المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا”، وجريمة “تكدير الأمن العام أو الإساءة إلى سمعة البلاد”، وأيضا “الإضرار بالاقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة”.

 

كما أنهى مجلس النواب، يوم 13 أبريل 2019، القراءة الأولى لمشروع قانون الاتصالات والمعلوماتية. كما أنهى يوم 15 أبريل القراءة الأولى لمشروع قانون وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تمهيداً للتصويت عليهما في جلسة عامة.

 

  1. الشبكات الاجتماعية

يعتمد العراقيون على شبكات التواصل الاجتماعي في تداول الأخبار، وتشكيل الرأي العام، وتنظيم الاحتجاجات الجماهيرية، في ظل غياب المنظمات الاجتماعية الفاعلة. وأدت مواقع التواصل الاجتماعي دورا فاعلا في كشف الفساد الإداري، ومواطن الخلل في النظام السياسي في البلاد. وتقدر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عدد مستخدمي الإنترنت في العراق بنحو 11 مليون مستخدم، بنسبة انتشار 27.5% من عدد السكان، الذي يقدر بنحو 40 مليون نسمة، منهم نحو 9 مليون مستخدم لموقع فيسبوك، فيما يبلغ عدد مستخدمي موقع تويتر نحو 600 ألف مستخدم.

 

  1. الحجب والرقابة

يتعرض الإنترنت بشكل عام، ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص، للرقابة من جانب السلطات التنفيذية، التي لا تتورع عن تحريض أجهزة الأمن والمخابرات على اعتقال وتعذيب نشطاء الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. وقد تعرض بالفعل العديد من الموظفين في الحكومة، ونشطاء المجتمع المدني، للحبس على أيدي أجهزة الأمن، بناءً على بلاغات من مسؤولين في السلطة التنفيذية، على خلفية تناول النشطاء بالنقد مستوى الخدمات العامة، أو تفشي الفساد الإداري في الأحياء أو الوزارات الخدمية.

أما فيما يتعلق بحجب الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي فقد بات شيئاً مألوفاً في العراق؛ فكثيرا ما تقوم الحكومة بقطع شبكة الإنترنت، وحجب شبكات التواصل الاجتماعي، مع امتحانات المدارس، أو مع اندلاع الاحتجاجات السلمية، وتلقي باللائمة على من تصفهم بـ “مثيري الشغب”.

وعلى سبيل المثال وليس الحصر أعلنت وزارة الاتصالات العراقية، في 21 يونيو 2018، عن عزمها قطع الإنترنت، عن محافظات عراقية، تزامنا مع إجراء امتحانات الشهادة الإعدادية. وعللت الوزارة قرارها بقطع الإنترنت، بمواجهة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “فيسبوك”، في الغش الإلكتروني.

وفي الساعات الأولى من يوم 13 يوليو 2018، قطعت السلطات العراقية الإنترنت بشكل جزئي، بعد الاحتجاجات التي اندلعت جنوب البلاد، يوم الأحد 8 يوليو، بسبب ارتفاع مستويات البطالة، وعدم كفاية الخدمات الحكومية. ثم سجلت منظّمة “Netblocks”، انقطاعًا كاملًا لخدمة الإنترنت، يوم 14 يوليو 2018، في أغلب المحافظات العراقية، ومن بينها العاصمة بغداد.

 

  1. الملاحقة والتهديدات الامنية 

اعتقال الكاتب سمير عبيد حسن بسبب مقال على موقع “فيسبوك”

داهمت قوات الأمن منزل الكاتب الصحفي سمير عبيد حسن، الذي يحمل الجنسيتين العراقية والنرويجية، في حي القادسية من العاصمة بغداد، مساء 22 أكتوبر 2017. وفتشت قوات الأمن المنزل، وصادرت كمية كبيرة من الأوراق الشخصية، والكمبيوتر الشخصي، وهواتف محمولة تخص سمير. ثم اقتادوه في سيارة دفع رباعي إلى مكان مجهول.

وبعد اختفاء استمر لمدة 4 أيام، علم أهله أنه محتجز لدى “جهاز المخابرات”، بسبب مقال نشره على حسابه في موقع “فيسبوك”، يوم 21 أكتوبر 2017، ينتقد فيه رئيس الوزراء.

ومثل سمير عبيد حسن، أمام قاضي تحقيق في بغداد بعد عدة أيام من القبض عليه. ووجهت إليه تهمة “بث شائعات وأخبار كاذبة وتضليل الرأي العام”، بمقتضى المادة 210 من قانون العقوبات المعدل. واستمر اعتقال سمير عبيد، بناءً على شكوى من جهاز المخابرات، بتهمة التخابر، حتى أصدرت محكمة الجنايات المركزية ببغداد، في 11 ديسمبر 2018، قراراً بالإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة.

 

الحكم بحبس الناشط باسم خزعل خشان 6 سنوات بتهمة الإساءة لمؤسسات الدولة

قضت محكمة جنايات المُثنى، يوم 6 فبراير 2018، بحبس الناشط، باسم خزعل خشان، لمدة 6 سنوات، بتهمة الإساءة لمؤسسات الدولة، في قضيتين أقامهما مجلس المحافظة، ومكتب هيئة النزاهة، بعدما نشر تعليقا على حسابه الشخصي في فيسبوك، ينتقد هيئة النزاهة ومجلس المحافظة، لعدم أخذهما بالوثائق التي قدمها ضد مسؤولين. وبعد مطالبات واحتجاجات جماهيرية واسعة، قررت محكمة التمييز الاتحادية (النقض)، يوم 27 فبراير من نفس العام؛ الإفراج عن باسم خشان، في إحدى الدعويين، لعدم كفاية الأدلة، فيما قررت نقض القرار الآخر وإعادة المحاكمة، بغية إكمال التحقيقات.

الجدير بالذكر أن باسم خشان يحمل الجنسية الأمريكية، ويدير منظمة “عيون على القانون”، وعمل من خلال القانون على كشف فساد الموظفين والمسؤولين في الوظائف العامة، وكسب بعض الدعاوى، وأعاد المليارات إلى خزينة الدولة. ومن بين القضايا التي كسبها، الحكم على مدير عام دائرة الصحة السابق في المحافظة.

 

مذكرة بالقبض على الإعلامي هاشم العقابي

أصدرت محكمة تحقيق الكرخ، يوم 26 يونيو 2018، أمراً بالقبض على الإعلامي والمفكر والناشط السياسي البارز، الدكتور هاشم العقابي، وفق المادة 226 من قانون العقوبات العراقي، بزعم “الإساءة للقضاء ونشر الأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

واستنكر عدد كبير من الصحفيين، والمنظمات المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير، صدور هذه المذكرة، واعتبروها مصادرة للرأي والرأي الآخر.

 

اعتقال الصحفي سيف العزاوي صاحب صفحة ”الأعظمية نيوز“

أقدمت قوة عسكرية خاصة على اعتقال الصحفي، سيف هلال حقي العزاوي، صاحب صفحة ”الأعظمية نيوز“ على موقع التواصل الاجتماعي ”فيسبوك“، من منطقة الأعظمية شمال العاصمة بغداد، يوم 1 أكتوبر 2018، واقتادته إلى جهة مجهولة. وتم الإفراج عن العزاوي، بعد يومين من اعتقاله، بكفالة مالية، بعدما وجهت له تهمة ابتزاز مواطنين وسياسيين من خلال صفحته الإخبارية، التي يتابعها أكثر من مليون و200 ألف مستخدم على فيسبوك.

 

الأمن الوطني يعتقل حسام الكعبي بسبب تدوينة على فيسبوك

اعتقلت مديرية الأمن الوطني في محافظة النجف، مساء يوم 8 مارس 2019، مراسل قناة “NRT عربية” في النجف، حسام الكعبي، قبل أن يفرج عنه، يوم 9 مارس، وذلك بعد نشره تدوينة على صفحته الشخصية في فيسبوك، انتقد من خلالها خطأ إملائياً برسالة “SMS” مرسلة من جهاز الأمن الوطني للمواطنين.

 

اعتقال الناشط محمد جاسم لانتقاد رئيس مدينة الحبانية

اعتقلت الأجهزة الأمنية المحلية في محافظة الأنبار، الناشط المدني محمد جاسم، من منزله، يوم 2 أبريل 2019، على إثر كتابته تدوينة على صفحته في موقع “فيسبوك”، ينتقد فيها أداء رئيس مدينة الحبانية، التابع لقضاء الخالدية غرب بغداد، إثر غرق شوارع مدينته بالأوحال، جرّاء موجة أمطار، دون تدخل الأجهزة الخدمية في المدينة. وفور اعتقال جاسم وإيداعه في الحبس، وقبل إحالته للتحقيق، قامت قوات الأمن، في مخالفة للقوانين، بحلق شعره، في محاولة انتقامية لإهانته والتحقير من شأنه. وبعد يوم من اعتقاله، أمر قاضي التحقيق، بإطلاق سراح جاسم، بكفالة مالية، بعدما وجه إليه اتهامات بـ “القذف والتشهير”، وفقاً للمادة 433 من قانون العقوبات العراقية.

 

اعتقال الناشط السياسي محمد كاظم العراقي

اعتقلت قوات الأمن بمحافظة المُثنى، الناشط السياسي محمد كاظم العراقي، يوم 5 سبتمبر 2019، على خلفية انتقاده المحافظ في منشور على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك”. وأخلت السلطات الأمنية سبيله، في اليوم التالي، عقب تظاهرات شارك بها العشرات من اهالي المثنى للمطالبة بالإفراج عنه، حيث اتهموا الحكومة والسلطات باتباع سياسة تكميم الأفواه، واستهداف كل شخص رافض للفساد والفشل اﻹداري.