مقدمة

الحق فى الدفاع القانوني والحق في المحاكمة العادلة من أهم الحقوق التي كفلتها الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية والدستور والقانون. وقد كانت مهنة المحاماة دائماً صاحبة الريادة فى الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين في مواجهة انتهاك الأنظمة لها، والداعم الأول لتطبيق نصوص القانون ومحاسبة المخطئين والمساواة أمام القضاء. فمن المعروف أن مهنة المحاماة هي أحد أضلع المثلث المكون للعدالة القضائية (القضاة – النيابة العامة – المحامون)، حيث أن مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن تنص على أن الشخص المحتجز له الحق فى الحصول على المساعدة القانونية من المحامين والاتصال بهم والحصول على مشورتهم. وحيث أن القواعد الدنيا لمعاملة السجناء توصي بضمان توفير المساعدة القانونية والاتصال بالمحامين فى إطار من السرية للسجناء الذين لم يحاكموا بعد. و حيث أن للرابطات المهنية للمحامين دور حيوي فى إعلاء معايير المهنة وآدابها و حماية أعضائها من الملاحقة القانونية و القيود والانتهاكات التى لا موجب لها. كما تكفل الحكومات كافة الضمانات لأداء المحامين لمهامهم وللمحامين شأنهم شأن أي مواطن آخر، الحق في حرية التعبير وتكوين الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات. ويحق لهم، بصف خاصة، المشاركة في المناقشات العامة المتعلقة بالقانون وإقامة العدل وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، والانضمام إلى المنظمات المحلية أو الوطنية أو الدولية أو تشكيلها وحضور اجتماعاتها بدون أن يتعرضوا لقيود مهنية بسبب عملهم المشروع أو عضويتهم في منظمة مشروعة، وعند ممارسة هذه الحقوق، يتصرف المحامون دائما وفقا للقانون والمعايير المعترف بها وأخلاقيات مهنتهم.

وقد ظهرت في الآونة الاخيرة العديد من حالات القبض والملاحقة الأمنية لبعض المحامين، وذلك بشكل غير مسبوق للتعدى على حصانة المحامين بسبب آرائهم السياسية وعملهم فى الدفاع عن متهمين فى قضايا معينة، أو مواقف ليس لها علاقة لا بمهنة المحاماة أو بالآراء الخاصة بهم. وذلك فى ظل انتهاك صارخ للتشريع الدستوري والقانوني لحماية وحصانة المحامي من القبض عليه. والهدف من هذه الورقة القانونية هو إظهار ما وصلت إليه مهنة المحاماة والمحامين فى قضايا الشأن العام، مع ضرب أمثلة لحالات قبض تمت على محامين بسبب وبمناسبة عملهم المهني.

تقدم هذه الورقة أولا خلفية مختصرة حول الضمانات التي تقرها المواثيق الدولية والدستور والقانون للمتهمين ولمحامييهم، ثم تعرض لعدد من اﻷمثلة للانتهاكات التي لحقت بمحامين أغلبهم من المدافعين عن حقوق اﻹنسان والمشتغلين بقضايا الشأن العام. وتعتمد الورقة على المعلومات المتوافرة لمحامي الوحدة القانونية للشبكة العربية لمعلومات حقوق اﻹنسان من خلال حضورهم للتحقيقات وجلسات المحاكمة واطلاعهم على محاضر التحقيق.

الخلفية التشريعية

يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجموعة من الحقوق الأساسية الخاصة بعلاقة الفرد بالقانون تبدأ بالحق في اللجوء إلى المحاكم بغية اﻹنصاف من ضرر وقع عليه (المادة 8)، حظر الاعتقال والاحتجاز التعسفيين (المادة 9)، الحق في المساواة أمام القانون والمثول أمام محاكم تتصف بالاستقلالية والحياد (المادة 10)، الحق في افتراض البراءة لكل متهم حتى تثبت إدانته في محاكمة علنية توفر له ضمانات الدفاع عن نفسه (المادة 11).

يسرد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية هذه الحقوق بمزيد من التفصيل ويضيف، وجوب إبلاغ الشخص عند توقيفه بأسبابه مباشرة وضرورة سرعة إبلاغه بالتهمة الموجهة إليه (مادة 9 – 2)، عدم جواز أن يكون احتجاز المتهمين (على ذمة التحقيق أو المحاكمة) هو القاعدة العامة (مادة 9 – 3)، حق التظلم من التوقيف أو التعليق أمام محكمة تفصل في قانونيتهما على وجه السرعة (مادة 9 -4)، الحق في التعويض حال التوقيف أو الاعتقال غير القانونيين (مادة 9 – 5).

وتفصّل المادة 14من العهد بعض شروط المحاكمة العادلة وتوضح الشروط التي تجيز سرية بعض أو كل المحاكمة مع ضرورة أن تكون الأحكام دائما علنية إلا فيما يمس بمصالح المتقاضين (فقرة 1)، ضرورة تسهيل سبل الدفاع للمتهم ومنها الحق في الاستعانة بمحامي (فقرة 3 – ب)، الحق في مناقشة شهود الاتهام وفي استدعاء شهود نفي (فقرة 3 – هـ)، عدم جواز الإكراه على الشهادة أو الاعتراف بالجرم (فقرة 3 – ز). الحق في درجات أعلى للتقاضي (فقرة 5)، الحق في التعويض في حال صدور أحكام بطريق الخطأ (فقرة 6)، حظر محاكمة الشخص على نفس الجريمة أكثر من مرة (فقرة 7).

يقرر الدستور المصري المساواة أمام القانون (مادة 53)، وتنظم المادتان 54و55شروط تقييد الحرية وحقوق المحتجزين، ومنها حق من تقيد حريته في الاتصال بذويه ومحاميه، وفي أن يقدم إلى سلطات التحقيق خلال 24ساعة من تقييد حريته، وعدم جواز محاكمة شخص باتهامات يجوز فيها حبسه دون حضور محام موكل أو منتدب. حظر التعذيب أو الترهيب أو اﻹكراه أو الأذى البدني أو المعنوي، واﻹلزام بعقوبة من يخالف ذلك.

كذلك يقر الدستور في مادته رقم 96مبدأ أن “المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.”ويلزم بأن ينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات إقرارا بالحق في التظلم من الأحكام في درجات تقاض أعلى. أما المادة 97فتحظر أن يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي كما تحظر المحاكم الاستثنائية، وتنص المادة 98على أن “حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع.”

ويفرد الدستور في الفصل الخاص بالسلطة القضائية مادة خاصة بممارسة المحاماة هي المادة 198وتنص على:

المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلا، وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام. ويتمتع المحامون جميعاً أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال. ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامى أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون.

أما قانون المحاماة فينص في مادته الأولى على أن “يمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال، ولا سلطان عليهم فى ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون.”وينظم من خلال المادتين 49و50استثناء المحامين من الأحكام الخاصة بالعقوبة على الاخلال بنظام جلسات المحاكم من حيث اﻹجراءات التأديبية والجنائية الواقعة عليهم جراء ذلك، فيما تنص المادة 51على:

لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة.ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة العامة أو مجلس النقابة الفرعية إذا كان محاميا متهما بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين التحقيق. ولمجلس النقابة العامة ولمجلس النقابة الفرعية طلب صور التحقيق بغير رسوم.

وتنص المادة 54على:

يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة.

أمثلة لوقائع القبض على محامين في الفترة من يناير 2018

 

  • محمد رمضان عبد الباسط

 

ألقي القبض عليه في10ديسمبر 2018، وظهر في اليوم التالي، 11ديسمبر 2018، بنيابة المنتزه أول، حيث تم اتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية، والترويج لأغراضها، ونشر أخبار كاذبة، والتحريض على مؤسسات الدولة، والدعوة للتظاهر؛ فى القضية رقم ١٦٥٧٦ لسنة ٢٠١٩، إداري المنتزه أول، والتي عرفتإعلاميا بقضية “السترات الصفراء”.

جاء القبض على المحامي محمد رمضان، بعد ظهوره في صورة، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وهو يرتدي سترة صفراء، وذلك تزامنا مع التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها فرنسا، نهاية العام الماضي. ولرمضان سابقة مع الدولة فى قضية تم اتهامه فيها بإهانة رئيس الجمهورية، وتم الحكم عليه بالسجن خمس سنوات، والمنع من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لخمس سنوات أخرى.

 

  • مصطفى كمال

 

تم إلقاء القبض عليه أثناء مغادرته لمكتبه بمدينة الفيوم، في الساعات اﻷولى من صباح الخميس 30أغسطس2018، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم اختفى فيه لمدة 45يومًا، وتبين لاحقا أن هذا المكان هو مقر الأمن الوطني بالفيوم.تقدمت أسرته،خلال فترة اختفائه، بعدد من التلغرفات إلى النائب العام، ووزير العدل، ووزير الداخلية والمحامي العام لنيابات الفيوم، ومدير أمن الفيوم. وخلال هذه الفترة وردت إلى نقابة محامين مذكرة بالاستعلام عن اسم مصطفى كمال، ووردت إلى نيابة الفيوم إشارة من مكتب النائب العام بطلب فتح تحقيق، وسماع شهادات المحامين بخصوص الواقعة.

ظهر مصطفى كمال، ﻷول مرة، بنيابة أمن الدولة العليا، في مساء يوم 14أكتوبر 2018، وتم التحقيق معه على ذمة القضية 1330لسنة 2018، حصر أمن الدولة العليا، ووجهت له النيابة تهمة “الانضمام لجماعة إرهابية”، ولم تواجهه بمسمى الجماعة، كما لم يتم مواجهته بأية أحراز أو أية أدلة، سوى محضر التحريات، وأمرت النيابة بحبسه لمدة 15يوما، وتم ترحيله ليتم حبسه في مركز شرطة الفيوم، حيث مكث فيه لمدة شهرين.

يذكر أنه لا توجد أية صلة بينمصطفى وبين أي من المتهمين في هذه القضية، وأن أغلبهم من محافظات مختلفة، ولا يوجد أحراز مع أغلب المتهمين فيها، كما أنه من الواضح أنها قضية من قضايا “التدوير”، ﻷن عددا كبيرا من المتهمين فيها تم تدويرهم من قضايا سابقة.

في أولى جلسات التجديد المنعقدة بالنيابة، في يوم 23أكتوبر 2018، حضر ممثل عن نقابة محامين الفيوم، وقرر بأن النقابة تضمن حضور المتهم للتحقيقات متى تم استدعاؤه. ومع ذلك تم تجديد أمر حبسه احتياطيا على ذمة التحقيقات.وبعد جلسة التجديد السادسة، في 7ديسمبر 2018، تم إيداعه بسجن طرة استقبال، ومازال محبوسا به حتى اﻵن.وكانت آخر جلسات نظر أمر تجديد حبسه في الثلاثاء،25فبراير 2020، وقد قررت المحكمة تجديد أمر حبسه لمدة 45يوما أخرى على ذمة التحقيقات.

 

  • سيد على عبد العال “سيد البنا”

 

ألقي القبض عليه في14أكتوبر 2018، وظهر في17أكتوبر 2018، بنيابة أمن الدولة العليا، على ذمة القضية 621لسنة 2018، حصر أمن دولة، وتم اتهامه بالانضمام لجماعة محظورة، وإذاعة ونشر أخبار كاذبة على مواقع التواصل ضد الدولة. يطلق علي سيد البنا لقب “محامي الغلابة”، وهو مهتم بقضايا الشأن العام ذات الطابع السياسي.

 

 

  • حمد ناصر ضيف الله

 

ألقي القبض عليه في10أبريل 2019، وظهر في15أبريل 2019، بنيابة القاهرة الجديدة، وتم سؤاله على سبيل الاستدلال إلى أن تم طلب تحريات الأمن الوطني، وبعد عرض التحريات تم إرساله إلى نيابة أمن الدولة العليا، على ذمة القضية 631لسنة 2019، حصر أمن دولة، وتم اتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية ومشاركتها في تحقيق أغراضها.

هو محام ليس له دور فى الشأن العام، ولا يقوم بالدفاع عن المتهمين فى القضايا السياسية. كان يقوم بمهام عمله الخاص فى مكتب النائب العام فى منطقة الرحاب. وكان يبدو عليه علامات الانبهار من شكل المبنى،ورغبفي التقاط صورة للمبنى بكاميرا هاتفه المحمول. ولكن تم استيقافه من الحرس، عند دخوله إلى المبنى، وطلب جهاز الهاتف المحمول، وتم تفريغه، وعلى هذا تم تحرير مذكرة، وتم التحفظ عليه، وإخفائه داخل قسم التجمع، حتى يوم 15أبريل، وعرضه على نيابة التجمع، التي قررت عرض المحامى صباح باكر لورود التحريات. وجاءت تحريات الأمن الوطني بأنه منضم لجماعة إرهابية فى تحقيق أغراضها، وتم عرضه على نيابة أمن الدولة.

 

 

  • مهاب يسري رجب “مهاب الإبراشي”

 

ألقي القبض عليه في27يناير 2019، من منزله برفقة مجموعة من أصدقائه،في ذكرى ثورة 25يناير،وظهر في31يناير 2019، بنيابة أمن الدولة، على ذمة القضية رقم 1739لسنة 2018، حصر أمن دولة، وتم اتهامه بمشاركة جماعة إرهابية، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

بتاريخ4فبراير 2020، قررت محكمة جنايات القاهرة استبدال الحبس الاحتياطي للمحامي مهاب الإبراشي بتدبير احترازي، في القضية المشار إليها، ولم تستأنف نيابة أمن الدولة القرار. وبتاريخ 11فبراير 2020، بدلا من انهاء إجراءات إخلاء سبيله من قسم شرطة مصر القديمة،تم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا، والتحقيق معه في القضية رقم1898لسنة2019 –التي بدأت وقائعها أثناء وجوده داخل السجن- بذات التهم السابقة، لتقرر النيابة استمرار حبسه على ذمة تلك القضية ويبدأ رحلة جديدة مع الحبس الاحتياطي.

 

  • هيثم فوزي محمدين

 

ألقي القبض عليه في11مايو 2019، ثم ظهر في16مايو 2019، في نيابة أمن الدولة العليا، على ذمة القضية 741لسنة 2019، حصر أمن دولة، وذلك بعد أن كان يقوم بتنفيذ التدابير الاحترازية في قسم شرطة الصف،على ذمةالقضية 718لسنة 2018، حصر أمن دولة، وهي قضية الاعتراض على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، والتي تم الزج بهيثم بها دون أن يحتج أو يشارك بها. وبعد أن أنهى التدابير، في يوم القبض عليه، تواصل معه أحد ضباط الأمن الوطني، وطلب منه الحضور إلى القسم، وتم التحفظ عليه عند استجابته للطلب، حيث ظل مختفيا إلى أن ظهر على ذمة القضية المذكورة، وتم اتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.

 

  • عمرو نوهان

 

ألقي القبض عليه في10يونيو 2019،قبل أن يظهر في 13يونيو 2019، في نيابة أمن الدولة العليا،مدرجابالقضية رقم 741لسنة 2019، حصر أمن دولة. وتم اتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية. وكان نوهان قد تطوع بتوصيل زيارة إلى متهمة، بعد ماعرف في جلسة التجديد، أنها سترحل لسجن القناطر الخيرية. وبالفعل تسلم الزيارة من عائلة المتهمة أمام قسم كرموز، لإدخالها يوم الاثنين، الساعة الخامسة عصرا، وحينها تم التحفظ عليه، واحتجازه دون وجه حق، ورغم علم نقابة محامين الاسكندرية بالواقعة وقت حدوثها، لم يتم اتخاذ اللازم تجاه المحامي. وتم تسليمه إلى ضباط الأمن الوطني.

 

 

  • زياد العليمي

 

تاريخ القبض 24يونيو 2019، وذلك بعد أن تم عرض بيان من وزارة الداخلية عن تحالف يسمى “خطة الأمل”، و يشمل عددًا من الشخصيات من مختلف التيارات السياسية، وكان من ضمنهم المحامي والبرلماني السابق زياد العليمي. وتم عرضه على نيابة أمن الدولة بتاريخ 25يوينو، وتم التحقيق معه واتهامه بمشاركة جماعة ارهابية في تحقيق أغراضها و بتمويل الجماعة.

 

 

  • عمرو امام

 

في 16أكتوبر 2019، ألقي القبض على المحامي الحقوقي في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان،عمرو إمام، بعد أن اقتحم أكثر من ثلاثين فرد أمن بزي ميري ومدني، منزلهواقتادوه منه، وظل إمام مختفيا لمدة 36ساعة، دون إبلاغ النقابة بموقفه القانوني أو معرفة مكان احتجازه. وأصدرت الشبكة بيانا يوضح تفاصيل واقعة اختطافه. واستمر إمام قيد الاخفاء القسري، في مكان احتجاز غير قانوني بقبضة الأمن الوطني، معصوب العينين ومقيد اليدين، حتى ظهر في نيابة أمن الدولة، ظهيرة يوم 17أكتوبر. ولا يزال محتجزا في حبس انفرادي، وممنوع عنه التريض، منذذلك الحين.

 

  • ماهينور المصري

 

تم إلقاء القبض على المحامية ماهينور المصري، يوم 22سبتمبر2019، من أمام الباب الرئيسي لنيابة أمن الدولة، عقب انتهائها من حضور جلسات تجديد حبس مع عدد من المتهمين.وفي أعقاب الواقعة توجه عدد من المحامين الى المحامي العام للنيابة، الذي أكد وجود أمر ضبط وإحضار لها في أحد القضايا. وظهرت ماهينور في اليوم التالي23سبتمبر داخل النيابة، وتم التحقيق معها في القضية رقم 488لسنة 2019، حصر أمن دولة، وتم توجيه التهم -المعتادة- من نشر أخبار كاذبة، وإساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية، ويستمر تجديد حبس المحامية الحقوقية حتى اﻵن.

 

  • محمد أبوهريرة

 

ألقي القبض على المحامي، محمد أبو هريرة، من قبل قوات أمن الدولة، من منزله في القاهرة، في 31أكتوبر 2018. وظل مختفيا حتى 21نوفمبر، حيث ظهرفي نيابة أمن الدولة، وتم التحقيق معه واتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف القانون، ومازال أبو هريرة محبوسا احتياطيا على ذمة هذه القضية حتى الآن.

 

  • وليد سليم

 

في 23أكتوبر 2018، قامت قوات الأمن باقتحام منزل وليد سليم،المحامي بالإسكندرية، وتفتيشه، ثم اقتادته إلى جهة مجهولة.  وظهر وليد لاحقا مدرجا على القضية رقم 1175، والتي تتضمن اتهامات بنشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومي للبلاد، والانضمام لجماعة أسست خلافا لأحكام القانون والدستور.

 

  • سحر علي

 

اقتحمت قوات من الأمن منزلها فجراً، يوم 23سبتمبر 2019، بعد ساعات من حضور التحقيقات مع مجموعة كبيرة من المعتقلين في نيابة جنوب القاهرة، على خلفية تظاهرات 20سبتمبر، وتم ضمها للقضية 1358لسنة 2019، حصر أمن دولة، والتي اتهمت فيها بالانضمام ومشاركة جماعة إرهابية لتحقيق أهدافها، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقى تمويل، والاشتراك في اتفاق جنائي، والتجمهر، واستخدام حسابات خاصة على شبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها في القانون، بهدف الإخلال بالنظام العام.

 

  • محمد الباقر

 

ألقي القبض على محمد الباقر في 29سبتمبر 2019، في مقر نيابة أمن الدولة،وأثناء طلبه حضور التحقيقات مع المدون والناشط علاء عبد الفتاح، في القضية رقم 1356لسنة 2019، حصر أمن دولة، حيث أخطره وكيل النيابة بأنه مطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة نفس القضية، ليتحول من محام إلى متهم، ويتم التحفظ عليه داخل النيابة. ووجهت النيابة إلى باقر تهم مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وإساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، وتمويل وإمداد جماعات إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة. ويستمر تجديد حبسه حتى اﻵن، ولا يزال رهن الحبس الانفرادي في سجن طرة شديد الحراسة 2.

 

  • إبراهيم متولي

 

في يوم 10سبتمبر 2017، تم توقيف المحامي الحقوقي إبراهيم متولي حجازي، وذلك أثناء سفره على متن طائرة مصر للطيران المتجهة إلى جنيف بسويسرا، تلبية للدعوة التي وجهت إليه من الفريق المعني بحالات الاختفاء القسري بالأمم المتحدة، لحضور وقائع دورته رقم 113، المنعقدة من تاريخ 11 إلى 15سبتمبر 2017، بداخل مقر مجلس حقوق الإنسان، بمقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف.

لم يقترف إبراهيم متولي حجازي جرما سوى تأسيس رابطة يضم فيها الآباء والأمهات، الذين يشاركونه الألم في البحث عن مصير أبنائهم، حيث يعاني متولي آلام البحث عن ابنه، المختفي منذ أحداث مجزرة الحرس الجمهوري،التي وقعت فى يوليو من عام 2013، وكانت الرابطة قد لعبت دورا كبيرا خلال الفترة الماضية،بتواصلها مع المنظمات الدولية، خاصة آليات الأمم المتحدة المختلفة، والتى اعتمدت على تقارير الرابطة فى الكثير من تقاريرها وتوصياتها الصادرة تجاه مصر.

بتاريخ 12سبتمبر 2017، ظهر الأستاذ إبراهيممتولي المحامي، في نيابة أمن الدولة، متهما على ذمة القضية رقم 900لسنة 2017، حصر أمن دولة عليا، بتهمة قيادة وتأسيس جماعة أسست على خلاف أحكام  القانون، والتواصل مع جهات أجنبية بهدف الإضرار بسمعة البلاد بإشاعة أخبار كاذبة. وتم حبسه على ذمة هذه القضية، بسجن شديد الحراسة 2، المعروف ب “سجن العقرب”، إلى أن أخلي سبيله على ذمتها، بعد أكثر من عامين حبس احتياطي، بتاريخ 14أكتوبر 2019، ولكنه للأسف اختفى قسريا مرة أخرى، قبل إطلاق سراحه، ليظهر متهما، للمرة الثانية، بنيابة أمن الدولة، على ذمة القضية رقم 1470لسنة 2019، حصر أمن دولة، متهما بالانضمام لجماعة إرهابية، وارتكاب جرائم تمويل الإرهاب، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ولايزال محبوسا حتى هذه اللحظة.

 

  • هدي عبد المنعم

 

هدى عبد المنعم محامية حقوقية وعضو سابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان.قامت قوة من الشرطة والأمن الوطني، في 1نوفمبر 2018، باقتحام منزلها، في حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحًا، واقتادتها معصوبة العينين لمنزل والدتها، حيث قامت القوة بتفتيشه قبل العودة، مرة أخرى، لمسكنها، حيث تركوها بسيارة تابعة لهم، تحت الحراسة،ومعصوبة العينين، مدة ساعتين ونصف، بينما كانوا يقومون بتفتيش منزلها، ثم اقتادوها لجهة غير معلومة، إلى أن ظهرت في نيابة أمن الدولة، بتاريخ 21نوفمبر 2018، بعد اختفاء قسري دام لمدة 20يوما. وقد تم التحقيق معها واتهامها بالانضمام لجماعة ارهابية، وارتكاب جريمة من جرائم التمويل. وتم حبسها على ذمة هذه القضية حتى الآن.

تعاني المحامية هدى عبد المنعم، والتي تبلغ من العمر أكثر من 60عاما من عدة مشاكل صحية، بحسب زوجها، المحامي خالد بدوي، فهي تعاني من خشونة شديدة في الركبة، وتآكل في الغضاريف، لاتستطيع معه الحركة أو المشي أثناء ساعة التريض المسموح بها بسجن القناطر، الأمر الذي ينذر بخطورة شديدة عليها حال نقلها لجلسات التجديد في سيارات الترحيلات، كما أنها ممنوعة من الزيارة منذ القبض عليها.

 

  • عزت غنيم

 

عزت غنيم محام وحقوقي مصري، وهو المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات. تولى غنيم في الآونة الأخيرة الدفاع عن قضايا المختفين قسريا، وهو محامي والدة “زبيدة”، التي ظهرت في فبراير 2018، في فيلم وثائقي، على شبكة بي بي سي البريطانية، وتحدثت عن اختفاء ابنتها قسريا،وذلك قبل القبض عليها لاحقا، وحبسها على ذمة التحقيقات معها بنيابة أمن الدولة،التي وجهت لها اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة ارهابية أنشئت على خلاف أحكام القانون.

وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض عليه في1مارس 2018، من محيط منزله بمنطقة الهرم بالجيزة، حيث انقطع الاتصال بينه وبين أفراد أسرته وأصدقائه.تعرض غنيم للإخفاء القسري، لمدة 3 أيام إلى أن ظهر، في نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 3مارس 2018، وتم التحقيق معه، دون حضور محام. وقد قررت نيابة أمن الدولة حبسه لمدة 15يومًا، مع استكمال التحقيقات معه في اليوم التالي، باتهامات الانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، وذلك على ذمة القضية رقم 441لسنة 2018، والمعروفة إعلاميا بـ” التحرك الإعلامي”.

بتاريخ 4سبتمبر 2018، قررت محكمة جنايات القاهرة، إخلاء سبيل الاستاذ عزت غنيم بتدابير احترازية، ولكن الأمن الوطني، كالعادة في مثل هذه القضايا، خاصة القضايا المتهم بها حقوقيون،والقضايا ذات الطابع السياسي، قام بإخفائه قسريا للمرة الثانية، من قسم شرطة الهرم،في تحد صريح لقرار محكمة الجنايات، الصادر بإخلاء سبيله، وتحد صارخ للقانون والدستور.وظهر غنيم بعدها بأسبوعين، في معهد أمناء الشرطة بطرة، بمحضر تهرب من التدابير الاحترازية.

خاتمة

ترسم الأمثلة السابقة صورة واضحة للملاحقة المستمرة للمحامين المدافعين عن حقوق اﻹنسان، على خلفية أدائهم لواجبهم، المتمثل في توفير الدفاع القانوني للمتهمين في قضايا الرأي. هذه الملاحقة لا يفسرها فقط رغبة النظام في تجريد المتهمين في قضايا الرأي من الحق في الدفاع القانوني. ولا شك أن الانصياع الكامل من قبل النيابة والقضاء للإملاءات الأمنية يفرغ هذا الحق من معناه بشكل شبه كامل. ولكن ملاحقة المحامين تتعلق أكثر بكونهم يلعبون، كجزء من عملهم، دور صلة الوصل بين المتهمين، وظروف التحقيق معهم، وأحوال احتجازهم وحبسهم، وبين العالم الخارجي، فهم بحكم عملهم شهود على الكم الهائل من الانتهاكات لحقوق موكليهم، وهم بالتالي من ينقل إلى المجال العام حقيقة هذه الانتهاكات، وذلك أيضا جزء من واجبهم مكمل للدفاع عن موكليهم. يدفع المحامون إذن ثمن قيامهم بعملهم في صورة التعرض للملاحقة والاعتقال والاحتجاز وكذلك الحبس والسجن بتهم ملفقة وأحكام جائرة.

برغم أن الانتهاكات في حق المحامين السابق التعرض ﻷمثلة لها تقع في معظمها بحق المحامين المدافعين عن حقوق اﻹنسان والمشتغلين بقضايا تتعلق بالشأن العام، إلا أن المحامين غير المشتغلين بمثل هذه القضايا يظلون عرضة لذات الانتهاكات كما أوضحت بعض الأمثلة المذكورة، كما أن نمو الظاهرة يقوض بشكل مستمر الحصانة التي يمنحها الدستور والقانون للمحامين بصفة عامة، وهي حصانة ضرورية ﻷداء عملهم، وهي من ثم ضرورية ﻷن تؤدي السلطة القضائية نفسها دورها، وﻷن تحقق منظومة العدالة أهدافها. وهذا يعني أن هذه الظاهرة تهدد ممارسة المحاماة، ليس في الوقت الحاضر فقط، بل مستقبلا أيضا، من خلال إرساء سوابق لانتهاك الحقوق الدستورية والقانونية لممارسي المهنة، لا يوجد ما يمنع من اتساع نطاقها وتكرارها حتى مع تغير الظروف المؤدية إليها.

الملاحظة الأساسية هي الغياب شبه الكامل ﻷي دور لنقابة المحامين في الدفاع عن أعضائها في وجه هذه الانتهاكات المتكررة، ولا يمثل هذا مجرد تقاعس للنقابة عن أداء دورها تجاه كل عضو بها، ولكنه يمثل تقاعسا أسوأ وأخطر للنقابة عن أداء دورها في الدفاع عن المهنة نفسها، وفي حين يتحمل النقيب ومجلس النقابة المسؤولية الأكبر عن هذا التقاعس، فإن أعضاء النقابة في مجملهم، يتحملون مسؤولية حمل المجلس الممثل لهم على أداء دوره، ومن ثم فإن هذه الورقة توجه توصياتها إلى هؤلاء؛ إذ تدعوهم إلى الانتباه إلى ما يمثله تكرار هذه الاعتداءات على زملاء لهم، وتحوله إلى ظاهرة، من خطر على مهنتهم، ومن ثم عليهم هم أنفسهم. وينبغي على جموع المحامين العمل معا؛ ﻹلزام نقابتهم بأن تقوم بدور فاعل في الدفاع عن المحامين ضد ما يلحق بهم من انتهاكات، وحماية المهنة، من خلال الضغط حتى تلتزم مؤسسات الدولة بمواد الدستور والقانون، التي تكفل لها حصانات وحقوق ضرورية لاستمرارها في أداء رسالتها.


النسخة ال pdf من الورقة

النسخة ال word من الورقة