تقديم

  • في 20 سبتمبر 2019 شهدت مصر حراك اجتماعي واسع ،سواء في الشارع المصري ،أوعلى مواقع التواصل الاجتماعي ، اسفر عن حملات واسعة من القبض العشوائي على أعداد هائلة من المواطنين من جميع الفئات والاعمار .

 هذا الحراك لم تشهده الدولة المصرية منذ ما يقرب من 6 سنوات وتحديدا بعد أحداث 30 يونيو 2013 ، ذلك الحراك أثار حالة من الهلع والهيستريا داخل مؤسسات الدولة المصرية مما جعل أجهزة الأمن  تقوم بشحذ حراسها وقواتها  والقبض على الآلاف من المواطنين ،من بينهم بعض أنصار النظام نفسه فى واقعة تعيد إلى أذهاننا ما حدث فى انتفاضة الخبز عام 1977 والتي قبض النظام المصري على اثرها على  من شارك فيها ومن لم يشارك بل طالت قبضته أنصاره ومريديه أيضا آنذاك .

  • فما الأسباب التي أدت إلى حراك سبتمبر 2019 وما الذي آل إليه هذا الحراك بعد مرور عام وما الذي حدث إذا ؟!

هذا ما تحاول هذه الورقة الأجابه عنه.

أولا  : – أسباب تظاهرات 20 سبتمبر 2019 . ” الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وظهور محمد علي”.

بانوراما زمنية

  • جاءت احتجاجات 20 سبتمبر فى سياق متصل مع ما مرت به مصر في آخر 9 سنوات بداية من ثورة 25 يناير 2011 على نظام مبارك مرورا بالاحتجاجات التي تلتها فى 30 يونيو 2013  اعتراضا على حكم محمد مرسي والإخوان المسلمين إلى أن تمت إزاحتهم عن الحكم في 3 يوليو من عام 2013  مرورا بفض اعتصام رابعة والنهضة وما حدث فيهم من قتل وقبض عشوائي لم تشهده مصر قبل ذلك  فى عصرها الحديث !
  • لم  تختلف طبيعة الاحتجاجات التي حدثت فى 20 سبتمبر عن احتجاجات ما قبلها كثيرا حيث ان مطالبها كانت تتمثل أيضا فى المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية خاصة أن حال الدولة المصرية لم يعد مختلفا عما كان قبل ثورة 25 يناير ، بل على العكس اصبحت الحياة أسوأ كثيرا فقد زاد معدل البطالة أكثر مما كان ، كما اطلقت الدولة المصرية  قبضتها الامنية على كل أشكال الحياة فى مصر، ولم يعد هناك اي متنفس لرأي أو تعبير ، ولم يعد هناك أي مساحة تعبير غير لممثلي النظام فى الاعلام وفى الجامعات ، حتى الأحزاب السياسية  فى مصر اصبحت أقرب لأحزاب كرتونية ، بل ويصرح  الكثير منها عن ولائها للرئيس بشكل علني بمناسبة وبدون مناسبة فى مشهد يبدو لمن يراه أشبه بمسرحية هزلية ،بالإضافة إلى برلمان قيد حياة المصريين السياسية والاجتماعية والاقتصادية بقوانين قمعية تزيد من معاناته وفقره وتحجيم حريته .
  • مع بداية شهر سبتمبر 2019 ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي الممثل والمقاول المصري المقيم بإسبانيا محمد علي بمجموعة فيديوهات يتحدث فيها عن تعاونه مع الجيش المصري خلال ما يقرب من  15 عام من خلال شركة المقاولات التي يمتلكها هو عائلته بموجب عقود عمل ،عن طريق تلك العقود قامت شركته  ببناء عدة قصور رئاسية ، واتهمه بإهدار المال العام وطالت اتهاماته العديد من كبار المسئولين.
  •  لاقت فيديوهات محمد علي تلك انتشارا واسعا على منصات  التواصل الاجتماعي ،وتفاعل معها ملايين المتابعين على تلك المنصات ، وكعادة الإعلام المصري ، أدار الإعلام المصري حملة ممنهجة للهجوم على محمد علي ووصمه بالخيانة والعماله للجهات الأجنبية من أجل تأليب الرأي العام وإشاعة الفوضى فى البلاد على حد قولهم !
  • لم تنجح تلك الحملة الممنهجة التي قادها النظام المصري للهجوم على محمد على عن طريق أبواقه الاعلامية فى دحض تلك الاتهامات التي أطلقها محمد علي عن طريق فيديوهاته بل زادت من حدة التفاعل والانتشار لتلك الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأصبحت حديث الشارع المصري بشكل واسع.
  • بعد ما يقرب من أسبوع من تداول وانتشار فيديوهات محمد على على مواقع التواصل الاجتماعي ، والجدل الكبير الذي أثارته تلك الفيديوهات فى الشارع المصرى  ظهر السيسي لأول مرة حينها بمؤتمر الشباب بشكل غاضب متحدثا عن تلك الفيديوهات قائلا فيما معناه ان جميع الاجهزة الامنية والمخابراتية فى مصر قد أخبرته بعدم التطرق للحديث عن تلك الفيديوهات بأي شكل ، لكنه فضل أن يتحدث عنها معلقا ان كل تلك الاتهامات ما هي إلا “كذب وافتراء ” وعن بنائه لقصور رئاسية أكد السيسي أنه بالفعل يقوم ببناء العديد من القصور ولكنها ليست له أو لأسرته ولكنها لمصر على حد قوله .
  • كما ظهر مرة أخري على ساحات التواصل الاجتماعي الناشط وائل غنيم ، المقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية فى عدة فيديوهات أيضا يتحدث فيها عن ادارة محمود السيسي للحياة السياسية فى مصر وعن تلقيه عدة عروض من السفارة المصرية بواشنطن بتوقفه عن الحديث عن تلك الأمور مقابل الأمان وضمان عودته لمصر مرة أخري ، جاء ذلك قبل القبض علي الطبيب حازم غنيم شقيق الناشط وائل غنيم فى مصر فى 19 سبتمبر 2019 ،واتهامه بالانضمام لجماعة ارهابية وحبسه على ذمة القضية رقم 1338 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا وهي القضية التي تم اتهام وحبس كل من قبض عليه فى أحداث سبتمبر بعد ذلك على ذمتها ، والتي عرفت إعلاميا بقضية ” تظاهرات احداث 20 سبتمبر “
  • جاء كل ذلك بالتزامن مع دعوات المقاول والممثل المصري محمد علي  للمصريين بالنزول والتظاهر يوم 20 سبتمبر 2019 ضد السيسي ونظامه الحاكم .
  • بدأت شوارع المدن الكبرى ولاسيما القاهرة تشهد حالات استيقاف واسعة للشباب من الجنسين وتفتيشهم وتفتيش هواتفهم المحمولة والقبض على الكثير منهم ممن قد يكون له صلة بثورة يناير أو معارض ، من خلال الموجود على هاتفه وشبكاته الاجتماعية.
  • استغل العديد من المواطنين مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك وعقب انتهائها انطلقت عدة تظاهرات في عدة مدن ومحافظات  وميادين مصرية تهتف بسقوط النظام الحالي  أبرزهم ميدان التحرير بالقاهرة ،وميدان الأربعين بالسويس ، المحلة الكبري والإسكندرية غالبيتهم من الشباب الغير مصنفين سياسيا ،فى مشهد غاب عن مصر ما يقرب من 7 سنوات .
  • بدأت المؤسسات الحقوقية تتلقي سيلا من البلاغات باختفاء المواطنين من الميادين المختلفة وانقطاع التواصل بينهم وبين ذويهم ، منهم من كان عائدا من عمله ، منهم من كان متواجدا بالصدفة بمحيط الأحداث ، ومنهم من كان متواجدا لأغراض أخري  .

ثانيا :  القبض العشوائي التي طالت أنصار النظام قبل المعارضين والهجمة الامنية التي طالت رموز معارضة وأكاديميين وصحفيين ، وحقوقيين ، واعتداءات طالت العديدين”


“مشهد1” 

  • بتاريخ 21 سبتمبر 2019 وداخل نيابة أمن الدولة بالقاهرة الجديدة، حيث انتهي المحامون المستقلون والحقوقيون  من أعمالهم داخل النيابة  ،وهم على وشك الخروج للذهاب لمكاتبهم وبيوتهم إذ تفاجأوا بوجود عدد ضخم من المتهمين مساقين إلى نيابة أمن الدولة للتحقيق معهم بأعداد هائلة ، شيوخا وأطفال وشباب وسيدات وبنات فى مشهد موجع ومؤلم  لكل من حضره من المحامين آنذاك ، جميعهم تم القبض عليهم بشكل عشوائي من أماكن ومحافظات مختلفة ، السواد الأعظم منهم غير مصنفين سياسيا على أي تيار .
  • استمرت التحقيقات مع تلك الأعداد من المواطنين حتى ظُهر اليوم التالي 22 سبتمبر 2019 موزعين على نيابات أمن الدولة ، القاهرة الجديدة ، نيابة الأموال العامة ، التهرب الضريبي  ، نيابة الشئون المالية والتجارية ، قدرت أعداد المقبوض عليهم والذين تم التحقيق معهم فى اليوم الأول حوالي 500 متهم .

“مشهد 2” 

  • استمر سيل البلاغات باختفاء المواطنين من الميادين والمحافظات المختلفة على مؤسسات حقوق الانسان ،منها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ، ومؤسسات حقوقية اخرى   بشكل مستمر دون توقف ، وخصص جميعهم أرقاما ساخنة لتلقي تلك البلاغات على مدار اليوم ، كانت بعض المؤسسات تعلن أولا بأول عن اعداد المقبوض عليهم وتحديث تلك الأعداد على مدار الساعة ،بينما اكتفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بالنشر عن الحالات الذين ظهروا وتم التحقيق معهم وقدم لهم محامو الشبكة العربية الدعم القانوني فقط ، مع استمرارها في تلقي بلاغات المواطنين بشأن القبض والاختفاء .
  • لم تستوعب نيابة امن الدولة هذا الكم الهائل من المواطنين المقبوض عليهم مما دعاها الى توزيعهم بدءا من يوم  22 سبتمبر على مجمع محاكم ونيابات وسط وجنوب وشرق القاهرة بمجمع محاكم منطقة زينهم بالسيدة زينب ،ومن هنا دخلنا فى مرحلة جديدة من العبث بالقانون ،حيث اعداد غفيرة من البشر تساق إلى محكمة جنوب القاهرة بمنطقة زينهم بأتوبيسات مغلقة ، لا تستطيع رؤية من بداخلها ، آباء وأمهات ، ازواج وزوجات يقفون عند مدخل المحكمة فى انتظار من يطمئنهم على ابنائهم وذويهم ، محامون يهرولون داخل المحكمة هنا وهناك بحثا عن اسماء تم تبليغهم بها على امل حضور التحقيقات معهم وطمأنة ذويهم عليهم ، سيدات ورجال وشيوخ واطفال وشباب متهمون ،و تحقيقات عبارة عن نماذج اسئلة مطبوعة وموزعة على كل النيابات من الدور الأول حتي الدور السابع داخل المحكمة ، مواطنين ومواطنات من أسوان ، من اسكندرية ، من بورسعيد ، اسماعيلية ، القاهرة ، سوهاج ، المحلة ، السويس ، مصريون من  كل فج عميق حرفيا مقبوض عليهم ويحقق معهم باتهامات ليست منطقية  انضمام لجماعة ارهابية / مشاركة جماعة ارهابية ونشر اخبار كاذبة ، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في قضية رقمت ب 1338 لسنة 2019 حصر امن دولة عليا / منهم من لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، منهم العامل والفلاح والسباك والمهندس والطبيب ، والطالب ، المحامي ، ربة المنزل ، الموظف ، والتاجر – تنوع من كل فئات المجتمع – من له علاقة بالسياسة ومن لا يعرف معناها – منهم من ضد هذا النظام برمته ، ومنهم من انتخب السيسي  واقر بذلك فى التحقيقات !
  • لم تنتهي تلك القبضه على هؤلاء المواطنين العاديين وفقط بل امتدت يد  تلك الهجمة الامنية الغير مسبوقة لتشمل القبض على حقوقيين وصحفيين وأكاديميين ايضا ، فبتاريخ 22 سبتمبر 2019

تم اختطاف المحامية الحقوقية ماهينور المصري من امام نيابة امن الدولة والقبض عليها لتظهر بعد ذلك بنيابة امن الدولة متهمة على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019  باتهامات مشاركة جماعة ارهابية ونشر اخبار كاذبة ، كما تم القبض ايضا على الصحفي خالد داوود الرئيس السابق لحزب الدستور والدكتور حسن نافعة ، والدكتور حازم حسني أساتذة  العلوم السياسية وادراجهم متهمين على ذات القضية ، وبحلول منتصف شهر أكتوبر من نفس العام  تم القبض على المحامي الحقوقي عمرو إمام ، الذي كان له دورا بارزا في الدفاع عن المقبوض عليهم فى أحداث 20 سبتمبر واصبح متهما على نفس القضية رقم 488 قبل ان يتم تدويره من داخل محبسه فى قضية جديدة الشهر الماضي .

” قدرت أعداد المقبوض عليهم بشكل عشوائي والذين تم التحقيق معهم  خلال تلك الأحداث وتحديدا من يوم 20 سبتمبر حتى يوم 25 سبتمبر حوالي أكثر من 1000 متظاهر

ثالثا: بيانات النائب العام بخصوص الأحداث ومدى جدية تطبيقها على أرض الواقع .

  • بتاريخ 26 سبتمبر 2019 أصدر النائب العام بيانا يتحدث فيه عن إجراء النيابة العامة تحقيقات موسعة بشأن تظاهرات 20 سبتمبر التي وقعت بالمحافظات داخل ربوع مصر لكشف حقيقة تنظيمها  والمشاركة فيها ، وأن النيابة العامة استجوبت عدد لا يتجاوز ألف متظاهر من المقبوض عليهم خلال تلك الأحداث  ، والتحفظ على كاميرات المراقبة الكائنة بنطاق أماكن تلك التظاهرات ـ وفحص صفحات و حسابات المتهمين على مواقع التواصل الاجتماعي ، كما اشار البيان الى اعتراف بعض المتهمين بالتظاهر لعدة دوافع منها سوء الأحوال المعيشية والاقتصادية ،بينما أرجع بعض المعترفين اشتراكهم فى التظاهرات الى خداعهم من قبل صفحات انشئت على مواقع التواصل الاجتماعي  منسوبة لجهات رسمية وحكومية تدعو المواطنين الى التظاهر واكتشافهم بعد ضبطهم عدم صحة تلك الصفحات
  • وانتهى البيان بتحذير النيابة العامة المواطنين من الانخراط فى مخططات يستغل فيها المواطنون للاضرار بوطنهم .
  • لم يتطرق هذا البيان الى الاعداد الفعلية التي تم القبض عليها وغير معلوم مكانها منذ بداية الأحداث في 20 سبتمبر ، حيث تقدر تلك الأعداد بحوالي أكثر من 4 آلاف مواطن تم القبض عليهم من أماكن متفرقة بالبلاد طبقا لاحصائيات المؤسسات الحقوقية التي كانت تتلقى بلاغات المواطنين على مدار الساعة .
  • بتاريخ 3 أكتوبر 2019 أصدر النائب العام بيانا يتحدث فيه عن إخلاء سبيل عدد من الأجانب الذين تم ضبطهم أثناء تظاهرات وأحداث 20 سبتمبر وترحيلهم إلى بلادهم بناء على طلب سفاراتهم ، وكانت وزارة الداخلية  قد أعلنت  فى وقت سابق القبض على أجانب منهم طلاب، بتهم تتعلق بالمشاركة في احتجاجات 20 سبتمبر، كما ظهروا في فيديو مصور لهم فيما سمته ” اعترافات” بضلوعهم في التهم الموجهة إليهم ، وذكر البيان  أن النيابة استجوبت عدد من المتهمين الأجانب ووجهت إليهم اتهامات مشاركة جماعة الإخوان الارهابية مع العلم بأغراضها فى القيام بمحاولة خلق حالة من الفوضى، وكذلك قيام بعضهم بتمويل عناصر تلك الجماعة مع إعداد وتدريب أفراد بتعليمهم أساليب ومهارات لاستخدامها فى ارتكاب تلك الجرائم، واستخدام طائرة محركة لاسلكيًا بغير تصريح من الجهة المختصة بغرض ارتكاب جريمة
  • جدير بالذكر ان الإعلام المصري أثناء نشر فيديو اعترافات هؤلاء المتهمين ، الذي نشرته وزارة الداخلية قاد حملة ممنهجة و هجوما شديدا على كل من شارك فى تلك المظاهرات اعتمادا على ذلك الفيديو المصور ذاكرا أن المستجيبين لتلك الدعوات مغرر بهم من جهات أجنبية ضلعت فى توريطهم ودعوتهم للتظاهر لزعزعة الاستقرار وهدم الدولة على حد قولهم ، فى حين لم نسمع لهم صوتا حين أخلت سبيلهم النيابة العامة رغم تورطهم باعترافات بحسب ما جاء ببيان وزارة الداخلية وبيان النيابة العامة فيما لم يتم الإفراج عن المصريين الذين تم القبض عليهم فى تلك الأحداث أيضا ، مما يشكك فى مصداقية ما جاء بفيديو اعترافهم المزعوم ذلك !
  • بتاريخ 23 أكتوبر 2019 أصدر النائب العام بيانا آخر ملحقا للبيان السابق إصداره فى 26 سبتمبر 2019 ولكن هذه المرة تحدث عن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع المقبوض عليهم فى تلك الأحداث  ” ولم يذكر أرقام هذه المرة ” حيث تبين أنه من ضمن المتهمين الذين قبض عليهم من كان متواجدا اثناء الاحداث بشكل عرضي ولم يثبت تورطهم في أي أعمال عنف او تظاهر ، وذلك بعد أن حققت النيابة العامة دفاع هؤلاء المتهمين وفحصت ومحصت أدلة الإثبات  ،و التماسا للرأفة قررت إخلاء سبيل الأطفال ، والطلاب والنساء  والشيوخ الذين ثبت تظاهرهم ، ولم يثبت ارتباطهم بدعوات الجماعات التي تستهدف هدم مؤسسات الدولة المصرية بحسب ما جاء فى البيان
  • ولكن حقيقة ما تم على ارض الواقع ان عدد كبير من الأطفال كان ما زال مقبوضا عليه ويجدد حبسه كل 15 يوم منهم من كان مودعا بالمؤسسة العقابية بالمرج ، ومنهم من كان محبوسا مع بالغين بالسجون المختلفة واقسام الشرطة بالمخالفة للقانون  ، بالإضافة إلى عدد كبير من الشيوخ  والمسنين الذين لم يخلي سبيلهم ـ رغم قرارات اخلاء السبيل التي جاءت عقب هذا البيان .

رابعا : دور مؤسسات المجتمع المدني ومحاموها خلال تلك الأحداث  

  • قامت مؤسسات المجتمع المدني في هذه الأحداث بدور تاريخي يشهد لها فمنذ بداية الدعوة لتلك التظاهرات نشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، المفوضية المصرية للحقوق والحريات ، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومركز عدالة للحقوق والحريات أرقاما ساخنة  بمواقعهم على الانترنت وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتلقي بلاغات المواطنين لتقديم الدعم القانوني لكل من يقبض عليه ، ومع أول حالات قبض حدثت وظهور متهمين بنيابة أمن الدولة والنيابات الأخرى المنتدبة من قِبلها ، كان محامو تلك المؤسسات أول من تواجدوا آنذاك للدفاع عن هؤلاء المتهمين وحضور التحقيقات معهم التي استمرت بشكل يومي  صباحا ومساءا ، كما كانوا شهود عيان على كم الانتهاكات التي تعرض لها المتهمون ، والتي تعرضوا لها أيضا بداية من الاخلال بحقهم فى الدفاع أثناء عرض المتهمين بشكل جماعي  ، عدم اطلاعهم على أوراق تلك القضايا ،بالمخالفة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر، وبالمخالفة للدستور المصري ايضا وقانون الإجراءات الجنائية وقانون المحاماة .
  • كما تحول البعض من محامون تلك المؤسسات الى متهمون بسبب تقديمهم واجب الدفاع عن المتهمين فى تلك الأحداث ، فقد تم القبض على المحامية الحقوقية سحر علي من منزلها بتاريخ 23 سبتمبر عقب انتهائها من حضور التحقيقات مع المتهمين فى قضية أحداث سبتمبر تلك،وظلت قيد الاختفاء القسري لمدة 24 يوم حتى ظهرت بنيابة أمن الدولة متهمة على ذمة القضية رقم 1358 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا ، كما القي القبض ايضا على المحامي الحقوقي عمرو امام من منزله بتاريخ 15 أكتوبر 2019 بعد أن كان له دورا بارزا كمحام في تلك القضية خاصة أثناء نظر تجديدات حبس المتهمين بمحكمة زينهم بشكل جماعي  ، وهم مقيدون حفاة ، جوعي  يتخطفون الطعام والماء من بعضهم ،مشاهد تبكي الحجر على حال ما الت اليه العدالة والقانون بل والانسانية في مصر ، كما تم القبض علي المحامي محمد حلمى حمدون وشقيقه وزوجته الناشطة النسوية أسماء دعبيس  واتهامهم فى ذات القضية 1338 المعروفة بأحداث سبتمبر .
  • كما تم القاء القبض على المحامي الحقوقي محمد الباقر المدير التنفيذي لمركز عدالة للحقوق والحريات من داخل نيابة أمن الدولة بتاريخ 29 سبتمبر أثناء تواجده داخل النيابة لحضور التحقيق مع الناشط علاء عبد الفتاح واتهامه وحبسه على ذمة التحقيقات فى نفس القضية التي تواجد داخل النيابة لحضور التحقيقات بها مع موكله  وهي القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة ، وحتى الآن مازال المحامون الذين تم ذكرهم سلفا فى هذه الورقة محبوسون بل وتم تدويرهم فى قضايا أخري تنكيلا بهم وبالدور الحقوقي الذي قاموا به فى تلك الأحداث عدا المحامية الحقوقية  سحر على التي استبدل حبسها الاحتياطي بالتدابير الاحترازية الشهر الماضي ، رغم إخلاء سبيل نحو تسعون بالمائة من المقبوض عليهم فى تلك الأحداث  .

خاتمة 

  • عام كامل مر على احداث وتظاهرات سبتمبر ، كانت احداث اشبه بالحجر الذي حرك المياة الراكدة في الشارع السياسي المصري بعد تجمدها منذ ما يقرب من سبع سنوات ،ومع تجدد الدعوات للتظاهر في هذا اليوم مرة أخري ، لم يعي النظام الحاكم فى مصر الدرس ولم يتعلم مما حدث العام الماضي فمع حلول تلك الذكري استبق الأمن المصري القبض العشوائي على المواطنين وانتهاك خصوصياتهم وحرياتهم باستيقافهم الغير مبرر وتفتيش هواتفهم واحكام قبضته الأمنية على الميادين الرئيسية  فى مصر ،و استدعاءات أمنية لناشطين ومواطنين ممن اخلي سبيلهم على خلفية تلك الاحداث العام الماضي ،  وسط حالة سخط شعبي من اخفاقات  وأزمات متكررة وفشل واضح فى كل الملفات التي تعامل معها هذا النظام خلال الفترة السابقة ، فهل سيتكرر نفس سيناريو العام الماضي أم

سيخيم الصمت على المشهد العام لسنوات أُخر ؟

التوصيات 

  • على النائب العام النظر في قرار اخلاء سبيل من تبقى محبوسا من المواطنين على ذمة القضية رقم 1338 والقضية رقم 1413 المنسوخة منها أسوة بمن أخلي سبيلهم على ذمة تلك القضايا واعمال صحيح القانون .
  • على وزارة الداخلية التوقف عن القبض العشوائي على المواطنين دون مبرر وتفتيش هواتفهم وارهابهم بالاستدعاءات الأمنية واختراق القانون .
  • يجب على النائب العام غل يد جهاز أمن الدولة عن المواطنين بصفته محامي الشعب والتوقف عن احالة قضايا حرية الرأي والتعبير لنيابة أمن الدولة العليا ، والاكتفاء فقط بإحالة قضايا الإرهاب الحقيقية لها ، والتأكيد على احترام الدستور والقانون بشكل عملي .
  • على النائب العام أن يعيد النظر فى ملفات المحامين المحبوسين على ذمة قضايا الرأي ، و المحامين المحبوسين بسبب ممارستهم حق الدفاع الذي نص عليه الدستور والقانون ، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر في هذا الِشأن ، وأن يقرر باخلاء سبيلهم جميعا دون قيد أو شرط .

[1]                 اسم الموقع –Egyptian Public Prosecution النيابة العامة المصرية – عنوان الموضوع -بيان النيابة العامة -تاريخ النشر -28 سبتمبر 2019 – الرابط  https://www.facebook.com/ppo.gov.eg/photos/a.2000327433408482/2483458748428679/?type=3&theater – تاريخ الزيارة – 17 سبتمبر 2020

[1]                 اسم الموقع – اليوم السابع –  عنوان الموضوع – النائب العام يخلي سبيل متهمين أجانب على ذمة قضية تظاهر 20 سبتمبر – تاريخ النشر 3 أكتوبر 2019 –  الرابط –https://www.youm7.com/story/2019/10/3/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%8A%D9%8F%D8%AE%D9%84%D9%89-%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%AA%D9%87%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B0%D9%85%D8%A9-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1/4443539 – تاريخ الزيارة 17 سبتمبر 2020 .

[1]                 اسم الموقع Egyptian Public Prosecution النيابة العامة المصرية على موقع فيس بوك – عنوان الموضوع -بيان من النيابة العامة – تاريخ النشر – 23 أكتوبر 2019 – الرابط https://www.facebook.com/ppo.gov.eg/photos/a.2000327433408482/2533696276738259/?type=3&theater – تاريح الزيارة 17 سبتمبر 2020 .