سواء اختلف المرء مع دكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو اتفق معه فكريا، فلا يمكن لأحد إنكار أن أبو الفتوح هو بصمة في تاريخ الحياة السياسية والإنسانية في مصر.

عبد المنعم أبو الفتوح هو ذلك الشاب، طالب كلية الطب، الذي وقف أمام الرئيس الأسبق ” أنور السادات” وواجهه بشجاعة، مختلطة بأدبه الجم الذي عرف عنه، بإن الرئيس يحيط نفسه بالمنافقين، ولم يهتز الطالب الشاب، وهو في مقتبل عمره، بثورة الرئيس الذي قال له غاضبا: أقف مكانك، فأجابه: ما أنا واقف!

هو ذلك المعتقل دوما في كل العصور: السادات، مبارك، والسيسي.

هو رجل الإغاثة والمساعدات الإنسانية بنقابة الأطباء، الذي طالما قدم المساعدة للمنكوبين.

وهو رجل السياسة الذي كان يحلم بصيغة توافقية بين الأضداد السياسية على الساحة الوطنية، إلا أن حلمه لم يتحقق.

يعتنق عبد المنعم أبو الفتوح فكر الإسلام السياسي، إلا أنه، وعلى عكس كثير من المنتمين إلى هذا الفكر، يؤمن بإمكانية، بل وبضرورة، التعايش، والتعاون مع كل الفرقاء السياسيين، تحت مظلة وطنية واحدة، وعلى أرض صلبة من الاحترام المتبادل والمساواة، دون أن يظن فريق من الفرقاء أنه الأفضل، أو الأطهر، أو الأقرب إلى الله، أو الاكثر وطنية ،،  ودون أن يتعامل فريق من الفرقاء من واقع التكبر والعنجهية المعروفة عن التيارات الإسلامية.

آمن عبد المنعم أبو الفتوح بما اعتنق، ولم يحقق مكاسب من خلف إيمانه، بل أفنى حياته في خدمة الآخرين، أيا كان توجههم السياسي أو ديانتهم، محاولا فهم الإسلام السياسي من واقع فكر مستقل تبناه هو، وللأسف لم يتبنه رفقاؤه في الفكر، فما كان منهم إلا أن طردوه من جنتهم، ليبقى عبد المنعم أبو الفتوح وحيدا، لا يمثل إلا نفسه.

عقب إعلانه الترشح في انتخابات الرئاسة، طردته جماعة الأخوان المسلمين من عضويتها بعد أن كان عضوا في مكتب الإرشاد. قام بتأسيس حزب مصر القوية، في محاولة لخلق تيار ثالث، يطرح صيغة توافقية تجمع التيارات الوطنية.

خلال حكم جماعة الاخوان عبر ممثلها ” الرئيس الاسبق محمد مرسي” وبشجاعته المعهودة، واجه عبد المنعم أبو الفتوح محمد مرسي، وطالبه بإجراء انتخابات مبكرة.

ثم عاد بشجاعة ليرفض الانقلاب العسكري.

إلا أن النظام المصري الجديد، اعتمد سياسة إخراس الألسنة، لكن عبد المنعم أبو الفتوح لم يصمت. في حوار له مع إحدى القنوات الفضائية،أثناء وجوده خارج مصر ،  تحدث بشجاعة، ممزوجة مرة أخرى بأدب جم. بعد إذاعة هذا الحوار، ناشده الناس على صفحات التواصل الاجتماعي ألا يعود إلى مصر، لكنه عاد، وهو يعلم أن احتمال القبض عليه كبير.

بالفعل، تم اعتقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، في 15 فبراير 2018، وتم التحقيق معه لمدة خمس ساعات، في القضية رقم 440 حصر أمن الدولة لسنة 2018، ثم صدر قرارا بحبسه على ذمة القضية بعد اتهامه بالتحريض والتشكيك وإثارة البلبلة من خلال وسائل إعلام معادية للدولة المصرية، والانضمام لجماعة أسست خلافا لأحكام القانون والدستور، والإضرار بسمعة مصر الخارجية .

تعرض أبو الفتوح للعديد من الانتهاكات منذ القبض عليه وحتى اليوم الحالي. فقد تم حبسه انفراديا ، ولا يتريض سوى في مكان ضيق معزولا عن الناس نصف ساعة في اليوم. يعاني أيضا الدكتور أبو الفتوح من الإهمال الطبي داخل السجن، حيث أنه مريض بالضغط والقلب ومشاكل في الظهر ويتم منعه من الذهاب للمستشفى لتلقي العلاج اللازم.

دكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ، سجين رأي يستحق حريته.