من الصعب الحديث عن معصوم مرزوق. هل نتحدث عن معصوم المقاتل؟ أم الدبلوماسي؟ أم الباحث؟ أم الأديب؟ أم المناضل؟

كان الشاب المتفوق معصوم مرزوق قد حصل على مجموع عال في الثانوية العامة يؤهله للالتحاق بكلية الهندسة، إلا أن معشوقته التي سخر حياته من أجلها: مصر، كانت تمر بمحنة عصيبة، وهي هزيمة 1967، لذلك، قام الشاب اليافع معصوم مرزوق بسحب أوراقه من كلية الهندسة، للالتحاق بالكلية الحربية. اختار الشاب ذو الثامنة عشرة أن يعرض حياته لموت محقق إذ اختار أن يكون جنديا في جيش كسرته الهزيمة، وعقد هو، وزملائه من دفعته والدفعات التالية، أن يقاتل ليرد لوطنه اعتباره.

شارك الشاب معصوم مرزوق في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973، حيث كان ضابطا في سلاح الصاعقة. جاءت المشيئة بأن يخرج معصوم مرزوق من الحرب على قيد الحياة سليما معافى.

إلا أن الشاب الوطني معصوم مرزوق لم يركن إلى ما قدمه في الحرب من تضحيات وحمل روحه على كفه، حيث استمر في العطاء بعد ذلك في كل المجالات، لا يرجو إلا وجه الله والوطن.

حصل على ليسانس الحقوق ودبلوم عالي للدراسات الإسلامية، كما أعد مجموعة دراسات في الاستراتيجيات والاقتصاد والفلسفة والأدب المقارن والتاريخ.

ساهم في إثراء ثقافة الوطن بعدة أبحاث حول السياسات الأمريكية والدبلوماسية المصرية، كما أثرى المكتبة العربية بعدد من الروايات.

عمل سفيرا لمصر في كل من: أوغندا وفنلندا وإستوانيا.

شغل منصب مساعد وزير الخارجية المصري، وعمل كدبلوماسي في الإكوادور ونيويورك والأردن.

حين قامت الثورة ، ثورة يناير، لم يكن متفرجا، أو منظرا، وإنما شارك بنفسه وبجهده وفكره. دافع عن مصر ضد فساد مبارك واقصائية الأخوان.

ومع تزايد الغضب والاحتراب السياسي خلال حكم السيسي ، لاسيما بعد التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ، وإيمانا منه بحق الوطن عليه، ولإنه وهب حياته لهذا البلد، فقد نشر معصوم مرزوق على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرة سياسية لحل الأزمة التي يمر بها الوطن.

مبادرة تعبر عن رأيه في كيفية تجاوز الازمة السياسية الحادة في مصر.

إلا أن النظام المصري، وبعد هذا التاريخ الحافل من النضال والتضحيات والتمثيل المشرف للوطن، وبدلا من تكريمه وربما إطلاق اسمه على أحد الميادين أو الشوارع كما يستحق، قام باعتقاله في 23 أغسطس 2018 لمجرد أنه قال أن الوطن يمر بأزمة!

الآن يقبع هذا الرجل الوطني الشريف في غيابات زنزانة انفرادية، محروم من أبسط حقوق السجين، حياته مهددة بسبب حالته الصحية.

معصوم مرزوق: أحد شموس الوطن التي تقبع خلف القضبان.