وما بعد يوم ، تتآكل مساحات حرية الرأي والتعبير التي يتمتع بها المواطنين في الكويت، فخلال سنوات قليلة تحولت الدولة التي كانت الأولى عربيا في حرية الصحافة وحرية التعبير إلى دولة تصدر أحكام بالسجن على نشطاء بسبب تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وتمنع كتب من الطباعة والتوزيع.


ومنذ إصدار قانون الجرائم الإلكترونية في يناير 2016 أحالت النيابة العامة عشرات النشطاء للمحاكمة بسبب آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي أومشاركتهم على القنوات التلفزيونية، ويحاكم النشطاء بتهم الإساءة إلى الذات الأميرية والقضاء والإساءة إلى السعودية والإمارات والبحرين وأيضًا الإساءة للدين الإسلامي وهي تهم فضفاضة تخلط بين النقد والسب والقذف.
وفيما يلي نماذج للانتهاكات التي شهدتها حرية التعبير والصحافة .

السجن والملاحقة بسبب التغريد على تويتر:

• في بداية عام 2018 وتحديدًا 31 يناير أيدت محكمة الاستئناف الكويتية، حكم حبس المحامي والنائب الكويتي السابق عبد الحميد دشتي، سنة مع الشغل والنفاذ، بتهمة الإساءة إلى القضاء، ليصل إجمالي أحكام السجن الصادرة بحقه إلى 56 عامًا.

وتشمل اتهامات دشتي المتواجد خارج الكويت في القضايا المرفوعة ضده ” الإساءة إلى القضاء والسعودية والبحرين والإضرار بالمصالح القومية والعلاقات بين الكويت والسعودية والبحرين”.
واشتهر الدشتي بانتقاد النظامين السعودي والبحريني كما انتقد مشاركة بلاده في التحالف الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن.

• في 4 فبراير أصدرت محكمة الجنايات حكماً جديداً بسجن المغرد عبد الله الصالح -الذي قدم على لجوء سياسي لبريطانيا-، لمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهمة الإساءة إلى الإمارات لترتفع مدد الحكم عليه بالسجن إلى 31 عامًا بتهم الإساءة إلى الإمارات والسعودية والبحرين.

• كما أصدرت محكمة الجنايات بالكويت في 26 يوليو 2018 حكمًا غيابيًا بسجن المدون المتواجد خارج الكويت “صقر الحشاش” 10 سنوات، بسبب تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”بتهمة الإساءة إلى الذات الأميرية، لترتفع الأحكام القضائية ضد الحشاش إلى 80 عامًا سجن على خلفية تغريداته على موقع تويتر بتهم الإساءة إلى الذات الأميرية والإساءة إلى القضاء ونشر أخبار كاذبة.

#التغريد_ليس_جريمة
في بداية فبراير 2018 دشن نشطاء حملة “#التغريد_ليس_جريمة” للضغط على النظام ومجلس النواب الكويتي لتغيير القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير وأيضًا للإفراج عن المحبوسين بتهم على خليفة تغريداتهم وإسقاط التهم عن الهاربين.

ورصدت الحملة الأحكام في قضايا حرية الرأي والتعبير بمدد حبس وصلت إلى 543 سنة فيما بلغ سجناء الرأي 40 مواطنًا وعشرات الهاربين من الأحكام بالسجن منهم 5 مواطنين كويتيين طلبوا اللجوء السياسي معلنين عدم العودة للكويت بسبب أحكام سجنهم بسبب آرائهم.

الإساءة للذات الأميرية
استمرت الملاحقات والاحكام بسبب تغريدات ، تزعم أنها تسيئ لأمير الكويت ، منها:
1- حامد تركي بويابس
في 8 يناير 2018 قضت محكمة الجنايات الكويتية بحبس الكاتب حامد تركي بويابس رئيس تحرير جريدة الشعب السابق سنتين مع وقف التنفيذ لمدة 3 سنوات، بتهم بالإساءة إلى الذات الأميرية الحاكمة في الكويت.

وقضت المحكمة بحبس بويابس المعروف بانتقاده للسعودية وللإمارات أيضاً سنتين مع الشغل، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة 3 سنوات، على أن يلتزم حسن السير والسلوك، كما أمرت بمصادرة هاتفه.
وأسندت النيابة العامة إلى بويابس تهم الإساءة إلى الأمير، والعيب على صلاحياته والطعن في مسند الإمارة، على خلفية كتابته عدة تغريدات في حسابه على تويتر، إلا أنه أنكر الاتهامات المنسوبة إليه من النيابة مؤكداً عدم صحتها.

وقال بويابس في تغريدة عبر حسابه في “تويتر” عقب إصدار الحكم “لله الحمد والمنّة محكمة الجنايات برئاسة المستشار محمد جعفر تقضي بحبسي سنتين مع إيقاف تنفيذ الحكم لمدة 3 سنوات لحسن السير والسلوك في قضية العيب في الذات الأميرية والتطاول على مسند الإمارة اللهم لك الحمد والشكر” .

وكانت محكمة الجنايات أخلت سبيل بويابس بعد اعتقال دام شهرين على ذمة القضية، مقابل كفالة مالية بقيمة ألف دينار كويتي (أكثر من 3 آلاف دولار).

2- عبدالله فيروز
وقضت محكمة التمييز وهي أعلى درجات التقاضي في الكويت في 15 أكتوبر 2018، بتأييد حكم محكمة أول درجة والاستئناف القاضيين بحبس الناشط والمدافع عن حقوق الإنسان عبدالله فيروز 5 سنوات مع الشغل والنفاذ في قضية أمن دولة بتهمة المساس بالذات الأميرية.

كانت الدائرة الجزائية بمحكمة الاستئناف أيدت في وقت سابق حكم محكمة أول درجة القاضي عام 2014 بحبس فيروز 5 سنوات مع الشغل والنفاذ وإبعاده عن البلاد لأنه مصري الجنسية فيما كشف عبد الله فيروز أن والدته مصرية ووالده كويتي ويتمتع بجنسيتين وتماطل وزارة الداخلية الكويتية تنفيذ حكم ازدواجية جنسيته وقدم حيثيات الحكم لمحكمة التمييز، التي رفضت عقوبة إبعاده عن البلاد وأيدت سجنه 5 سنوات.

وكانت النيابة العامة أسندت لفيروز أنه عاب علنا عن طريق الكتابة في ذات الأمير و”تطاول” على مسند الإمارة وطعن في حقوق الأمير وسلطته بأن نشر العبارات المبينة بالأوراق في حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر”.

انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان
1- حل جمعية الحرية والحكم بحبس أنور دشتي بسبب تغريدة
أصدرت هند الصبيح وزيرة الشئون الاجتماعية بالكويت في 28 يونيو 2018 قرارًا بحل مجلس إدارة جمعية الحرية الكويتية وعينت مجلس إدارة مؤقت لمدة 6 أشهر بدعوى مخالفة النظام الأساسي للجمعية في حين يرى العديد من النشطاء الحقوقيين الكويتيين أن أسباب الحل تتعلق بتغريدة لأحد الأعضاء وهو المغرد الليبرالي أنور دشتي، فسرها بعض النواب بأنها إساءة وتطاول على الشريعة الإسلامية على حد قولهم، ما جعلهم يضغطون على الوزيرة لحل الجمعية.

وفي 23 أكتوبر 2018 قضت محكمة تمييز الجنح بحبس الناشط أنور عبد الصمد دشتي 3 أشهر مع وقف تنفيذ العقوبة مدة 3 سنوات، وكفالة 100 دينار (330 دولارًا) بتهمة الإساءة إلى الدين الإسلامي على تويتر.
وكان دشتي قد سلّم نفسه في أول شهر يوليو لتنفيذ حكم قضائي صادر بحقه بالحبس 6 أشهر مع الشغل والنفاذ في نفس القضية إلا أنه طعن في محكمة النقض.

2- المحامية عبير الحداد
اختراق مجهولون حساب تويتر الخاص بمحامية حقوق الإنسان عبير الحداد في الكويت، في 6 أكتوبر 2018 بعد 4 أيام من رفعها دعوى قضائية ضد رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) لتقصيره في عمله.
ففي 2 أكتوبر 2018، قدمت عبير شكوى قانونية لدى المحكمة الإدارية ضد رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، صالح الفضالة، لإخفاقه في إصلاح وضع مجتمع “البدون” في الكويت وحماية حقوقهم المدنية والإنسانية، متهمة الجهاز بزيادة تعقيد الحياة اليومية لمواطني الكويت من البدون.

ومنذ أن أعلنت عن عزمها على مقاضاة الفضالة وذك في شهر أغسطس 2018، تلقت عبير الحداد عدداً كبيراً من التهديدات من مناصري رئيس الجهاز تطالبها بالتوقف عن حملتها ضده وتقوم بالتشهير بها إعلامياً وذلك عبر حسابات وهمية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، لقد اتهموها بالبحث عن الشهرة والتشكيك بوطنيتها واتهامها بتشويه سمعة البلاد.

انتهاكات ضد الاعلام:

• قضت محكمة الجنح المستأنفة في 5 يونيو 2018 بحبس الكاتب الكويتي عبد العزيز القناعي لمدة شهرين بتهمة الإساءة إلى الدين الإسلامي، خلال مشاركته في برنامج “الاتجاه المعاكس” المذاع على قناة الجزيرة في شكوى قدمتها إدارة الجرائم الإلكترونية للنيابة.

وقال عبد العزيز في رسالة منشورة على موقع جريدة الوطن المصرية إنه تعرض لتهديدات بالقتل هو وأسرته، ووصف المهددون بالزنديق.

كانت محكمة الجنح بالكويت قد قضت بحبس عبد العزيز القناعي في ديسمبر 2017 6 أشهر قبل أن يستأنف على الحكم.
أيضًا قضت محكمة الجنح في 11 أكتوبر 2018 بحبس الإعلامي ثامر الدخيل الشهير بـ “بوراشد” شهرا مع النفاذ والغرامة ألفي دينار وذلك عن تهمة إساءة استخدام الهاتف، كما قضت ببراءته من تهمة الإساءة إلى السلطة القضائية عبر برنامج التواصل الاجتماعي تويتر.

الجدير بالذكر أن النيابة العامة حجزت الدخيل وأخلت سبيله في اليوم التالي بعد التحقيق معه في الشكوى المقامة من إدارة مكافحة الجرائم الالكترونية بتهمة الإساءة إلى السلطة القضائية والنيابة.

وكان الدخيل واجه التهمة على خلفية تغريدة دونها وانتقد فيها قيام الشركة المنفذة لأعمال المبنى الجديد للنيابة بوضع اسمها عليه، غير أنه أنكر الاتهام، موضحا انه لم يقصد الإساءة إلى القضاء بل كان بمعرض انتقاد عمل حكومي.

قضية دخول المجلس:
في 8 يوليو 2018 أسدلت محكمة التمييز ( محكمة النقض) الستار على القضية المعروفة إعلاميا بقضية (دخول مجلس الأمة) بالحكم بحبس 13 متهماً لمدة 3 سنوات و6 أشهر، وسنتان بحق 3 متهمين بينهم نائبين حاليين في مجلس الأمة لم يرفع عنهم المجلس الحصانة وهما النائبان د. جمعان الحربش، ود. وليد الطبطبائي، إضافة الى 6 نواب سابقين هم : خالد الطاحوس، فيصل المسلم، مبارك الوعلان، سالم النملان، مسلم البراك، وفهد الخنة.

وامتنعت المحكمة عن النطق بالحكم على 33 متهما بينهم سليمان الجاسم أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في الكويت، كما قضت بالبراءة لـ18 متهماً.

وكان النائب السابق مسلم البراك قد استبق حكم محكمة التمييز، وغادر الكويت في مايو الماضي، متوجها إلى تركيا، وبعد صدور الحكم لحقه آخرون بينهم النائبان الحاليان.

يشار إلى أن أعضاء مجلس الأمة الكويتي، رفضوا في تصويت خلال الجلسة الأولى لدور الانعقاد الثالث للمجلس، والتي عقدت في 30 أكتوبر، إسقاط عضوية النائبين.
واستمرت قضية “دخول المجلس” متداولة 7 سنوات في المحاكم الكويتية.

المنع والرقابة:

• وألغت السلطات الكويتية محاضرة بعنوان “الأفق الروحي للإنسانية” للأديب المصري يوسف زيدان، كان مقرر لها أن تقام في 25 مايو 2018، في فندق راديسون بلو.

وكان عدد من النواب طالبوا الحكومة بمنع ندوة زيدان واتهموه بالتشكيك بالسنة النبوية والطعن بثوابت الدين.
وقال زيدان لموقع القبس الإلكتروني “كنت نائماً عصراً استعداداً لمحاضرة المساء.. فأيقظني رنين متواصل من تليفون الفندق يخبرونني بأن مسئول أمني يريدني فنزلت إليه.. فحدّق طويلاً في جواز سفري وتأشيرات دخولي الكثيرة إلى مختلف دول العالم.. وسألني: هل ستغادر يوم الأحد؟ فسألته: هل هناك مشكلة فلدي محاضرة الليلة.. فقال: أُلغيت .. فقلت له: سأعود لمصر فورًا”.

• كما منعت وزارة الإعلام في الكويت طباعة وتوزيع أكثر من 4 آلاف كتاب بينهم عناوين روايات عالمية كانت متاحة في الكويت منذ عقود مثل “ثلاثية غرناطة” للروائية رضوى عاشور و”مائة عام من العزلة” لجابريل ماركيز و”أحدب نوتردام” لفيكتور هوجو وغيرها من الكتب .
وتصاعدت الفعاليات التي ينظمها الكتاب والنشطاء والمواطنون ضد منع طباعة الكتب من بينها وقفات احتجاجية والمشاركة في وسوم على موقع التواصل الاجتماعي تويتر منها #ممنوع_في_الكويت و#صور_كتاب_ممنوع_في_مكتبتك.

لبنان ، قطر ، فلسطين ، تونس ، المغرب ، السودان ، الاردن ، العراق ، الامارات ، مصر ، البحرين ، الجزائر