استهداف وقتل واعتداءات واعتقالات ومصادرة، هذا كان حال حرية الرأي والتعبير والصحافة في العراق، خلال 2018، وعلى الرغم من القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وإعلان تحرير العراق بالكامل من سيطرته نهاية 2017، إلا أن القمع لم يتراجع.

وكالعادة في العراق كان للصحفيين دور الأسد في الانتهاكات، التي وصلت حد اقتحام المنازل والاعتقال والإخفاء، فقط بسبب العمل الصحفي.

ولعل عملية استهداف نجمات المجتمع وملكات الجمال والمختلفين جنسيا، كان الأبرز في هذا العام، بحالتين قتل، استهدفت الأولى عارضة أزياء شهيرة ووصيفة لملكة جمال، والثانية استهدفت طفل لم يتجاوز الـ16 عاما بزعم أنه مثلي الجنس.

واستخدمت السلطة العراقية نفس العقلية فيما يتعلق بمواجهة ظاهرة الغش في الامتحانات، واللجوء للحل الأسهل (حجب مواقع التواصل الاجتماعي)، كما قررت السلطة العراقية مواجهة احتجاجات البطالة والغلاء في البصرة ومدن عراقية جنوبية، بحجب موقع “فيسبوك”، لأكثر من أسبوعين.

فيما كان نشطاء المجتمع المدني والحقوقي في قائمة الانتهاكات أيضا، وليس فقط اعتقالهم، ولكن اعتقال المتضامنين معهم والمطالبين بحريتهم، كما هو الحال في واقعة اعتقال الناشط والمحامي العراقي البازر “باسم خشان”.

وفي يلي أبرز الانتهاكات التي شهدتها العراق عام 2018.

انتهاكات حرية الصحافة وحرية التعبير

  • في 30 مارس، اعتقلت قوات الأمن في إقليم كردستان العراق، عشرات الصحفيين الذين توافدوا على مناطق الاحتجاجات الشعبية التي شهدها الإقليم ضد السياسات الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتأخر صرف رواتب الموظفين.

ولم يتوقف الأمر عند الاعتقال فحسب، بل ذكر صحفيين تعرضهم للضرب واساءة المعاملة أثناء الاعتقال، وصلت لإصابات بالغة في الجسم والرأس ونقل على أثرها بعضهم للمستشفى.

ومن بين الذين تم اعتقالهم أثناء عملية التغطية، الصحفيين آراس عزيز ومُتلب خوشوي، مراسلا قناة “بيام” الفضائية، وأيضا تعرض الصحفيين “ياسر عبد الرحمن” مراسل قناة “سبيدة” في دهوك، ومراسل قناة “خندان”، والصحفي “دلشاد هيمو” للضرب والإحتجاز.

بينما تعرض مراسل موقع “دواروز”، هاني شواني، للتعذيب والضرب المبرح أثناء الاحتجاز التعسفي في مركز أمني في محافظة أربيل.

فيما أطلقت القوات الكردية سراح جميع الصحفيين الذين تم اعتقالهم من عملية التغطية، على مراحل مختلفة، بدأت بعد 48 ساعة من الاعتقال.

  • وفي 14 مايو 2018، اعتدى مجهولون على صحفيين ومراسلين إعلاميين خلال تغطية انتخابات إقليم كردستان العراق، وصلت حد الاعتداءات الجسدية وإطلاق النار في الهواء.

وتضمنت الانتهاكات ،احتجاز الصحفيين ومنعهم من التغطية، وأيضا مصادرة معدات قنوات تلفزيونية ومنعها من التسجيل.

وجاءت أبرز القنوات التي تعرض طاقم مراسليها لانتهاكات ومنعوا من التصوير وممارسة عملهم، “أن أر تي”، و”كوردستان تي في”، و”خندان”، و”تلفزيون السليمانية”، و”كوردستان 24″، وموقع “سبي”.

  • وفي 21 يوليو 2018 اعتدت قوات أمنية على الصحفي عيسى العطواني، في محافظة بابل العراقية، أثناء تغظيته المظاهرات الشعبية التي اندلعت للمطالبة بإصلاحات اقتصادية.

فبينما كان الصحفي العطواني يسير بالقرب من المسيرة الشعبية المشار إليها لتغطيها، قامت قوات من الشرطة العراقية بإطلاق النار على المتظاهرين، وأثناء عملية الكر والفر ألقي القبض على الصحفي.

ورغم محاولة العطواني الكشف عن هويته الصحفية وأسباب تواجده للتغطية، قامت القوات الأمنية بالاعتداء عليه بقوة، ما تسبب في حدوث إصابات بالغة أدت إلى كسور في اليدين.

لكنه نجح بمساعدة صديق في المنطقة التي وقعت فيها المظاهرات، بالهروب من الاعتداء، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.

  • وفي 1 أكتوبر 2018، اعتقلت قوات الأمن الصحفي في بغداد “سيف العزاوي”، مدير ومؤسس صحفية “الأعظمية نيوز” الإخبارية، والتي يتابعها ما يقرب من مليون وربع المليون متابع على “فيسبوك”.

حيث اقتحمت قوات أمنية مسلحة، لم تكشف عن الجهاز الذي تنتمي إليه، منزل الصحفي شمال العاصمة العراقية بغداد، وقامت باعتقاله واصطحابه لمكان غير معلوم، دون حتى الكشف عن سبب الاعتقال.

ولأكثر من 4 أيام ظل مكان ومصير سيف العزاوي مجهولا، حتى أطلقت القوات الأمنية سراحه، بعد تحقيقات حول الصفحة التي يديرها والأخبار التي تنشر عليها ومصادرها.

النشطاء والمدافعين الحقوقيين

  • في 3 فبراير 2018، اعتقلت قوات الأمن العراقية، الناشط الحقوقي “باسم خزعل خشان”، من مدينة المثنى، جنوب العراق، على خلفية اتهامه في قضايا متعلقة بكشف الفساد في المحافظة الجنوبية.

وأسفر اعتقال خشان عن خروج مظاهرات للمطالبة بإطلاق سراحه، قبل أن تقرر المحكمة إطلاق سراحه في 27 فبراير، فيما قررت المحكمة في 9 يونيو الحكم عليه بالسجن 5 سنوات، إلا أن القضية مازالت أمام محكمة الاستئناف.

يذكر أن خشان رفع ما يزيد عن 360 دعوى فساد ضد محافظ المثنى ومسئولين في المحافظة يتهمهم بالفساد والتربح من وظائفهم، ما أدى إلى اعتقاله على خلفية اتهامه للقيادات في هذه القضايا.

  • وفي 9 فبراير، اعتقلت قوات الأمن عشرات المحتجين أمام مقر محافظة المثنى، أثناء تظاهرهم للمطالبة بالإفراج الفوري عن الناشط الحقوقي والمحامي باسم خشان.

وتضامنت منظمات حقوقية ونقابية، مع المعتقلين وطالبت بالإفراج عن المحتجين ضمانا لحرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي، وفي اليوم التالي أطلقت الشرطة سراح جميع المحتجين المعتقلين.

  • وفي 9 مايو 2018، اختفى الناشط الحقوقي “فرج البدري”، من محافظة ذي قار، جنوب شرق العراق، ولم يستدل على مكانه حتى الآن، مع استمرار المطالب بالكشف عن مصيره.

وفي مساء هذا اليوم، عثر على سيارة البدري في منطقة نائية في المحافظة العراقية، المشار إليها، ولا يوجد بها أي آثار لتكسير أو محاولة سرق.

انتهاكات حرية التعبير الجماعي ” التظاهرات”

  • خرجت مسيرة في 26 أكتوبر 2018، توجهت حتى مبنى ديوان عام قضاء الشيوخ، إحدى مدن محافظة ذي قار، للمطالبة بالكشف عن مصير الناشط المختفي “فرج البدري” الذي لم يستدل على مكانه حتى الآن.

وتقدم المسيرة عدد من النشطاء والسياسيين والمهتمين بحقوق الإنسان. وسبق واقعة اختفاء فرج البدري، مطالبته بمقاطعة الانتخابات العراقية والتظاهر ضد السلطة العراقية والقرارات الحكومية، بالإضافة إلى تدوينه عن الفساد الإداري والمالي في المحافظة.

 

  • وفي 6 سبتمبر 2018، تجدد المظاهرات والاحتجاجات في مدينة البصرة العراقية، والتي سبق وخرجت في يوليو، ضد تدني الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وزيادة البطالة في المحافظة العراقية الكبيرة.

واشتبكت قوات الأمن العراقية مع المظاهرات السلمية التي خرجت في البصرة، وأطلقت النار والرصاص المطاطي على المتظاهرين المحتجين، ما أسفر عن مقتل 11 متظاهرًا وإصابة العشرات.

وردا على الاحتجاجات، قررت السلطات العراقية فرض حظر التجوال، إلا أنها تراجعت عن تنفيذه قبل موعده بقليل، نتيجة زيادة الرفض الشعبي للقرار ومطالب سياسيين وحقوقيين ومنظمات بإلغاء الحظر.

قطع الانترنت وشبكات التواصل

  • وفي 21 يونيو 2018، أعلنت وزارة الاتصالات العراقية، عزمها قطع الانترنت عن محافظات عراقية تزامنا مع إجراء امتحانات الشهادة الإعدادية.

وعللت الوزارة قرارها بقطع الإنترنت، لمواجهة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على رأسها “فيسبوك”، في الغش الإلكتروني، ما يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان والحق في استخدامه.

  • وفي 19 يوليو خرجت مظاهرات واسعة جنوب العراق، للمطالبة بإصلاحات اقتصادية ومواجهة البطالة، تعاملت معها قوات الشرطة بالعنف واستخدام الذخيرة الحية والرصاص المطاطي.

ولم يقف الأمن عند هذا الحد، بل قررت الحكومة وقتها تعطيل شبكة الإنترنت، ما اعتبره شهود عيان ومحتجين، محاولة للتعتيم على عمليات العنف والقتل والفض العنيف للمظاهرات السلمية.

وتسببت الاحتجاجات في إصابة العشرات من المتظاهرين، مع إصرار من رئيس مجلس الوزراء العراقي على عدم إقالة المسئولين الذين طالب المحتجون بعزلهم من وظائهم.

ومن التشدد ما قتل

  • في 27 سبتمبر 2018، اغتيلت عارضة الأزياء العراقية ووصيفة ملكة جمال العراق، تارا فارس، داخل سيارتها بعد تلقيها 3 طلقات بجسدها في العاصمة العراقية بغداد، فيما لا زالت الشرطة العراقية تحقق في عملية الاغتيال والدوافع ورائها.
  • وبعد ثلاثة أيام من مقتل تارا في 30 سبتمبر، أعلنت شيماء قاسم، ملكة جمال العراق لعام 2015، تلقيها تهديدا هي الأخرى بالقتل.

وظهرت يومها شيماء قاسم في فيديو مباشر على حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تكشف فيه عن تلقيها رسالة في اليوم التالي لمقتل تارا فارس، نصها “جايلك الدور”.

وأعربت عن مخاوفها من القتل والاستهداف، مطالبة بالحماية الأمنية لها ولكل المشاهير الذين من الممكن أن يكونوا عرضة للقتل والاستهداف.

  • في 13 أكتوبر، تداول نشطاء على مواقع “فيسبوك”، مقطع فيديو يكشف عملية قتل الطفل “حمودي المطيري”، وتصويره دون تقديم المساعدة رغم الاستغاثة وطلبه المساعدة.

ويكشف الفيديو، شق معدة الطفل المطيري، وتصويره وهو يردد “عايز أمي.. عايز أمي”، حيث يظهر في الفيديو أحد المحيطين به وهو يقول له “عارف أية اللي طالع ده؟، دي أحشائك”.

وزعم البعض أن عملية اغتيال الطفل المطيري، مواليد 2003، لأنه مثلي الجنس، وزادت شهرته على موقع الصور “انستجرام”، بعد نشره صورا شخصية تكشف ميوله الجنسية.

لبنان ، قطر ، فلسطين ، تونس ، المغرب ، الكويت ، السودان ، الاردن ، الامارات ، مصر ، البحرين ، الجزائر