بروفايل سجين رأي

الكاتب محمود امام

– فى زيه الأبيض يقف وحيدا مستندا إلى عامود خرسانى بالدور الخامس بمحكمة الخانكة مكبل اليدين يلهث بعيون زائغة شبه خائفة ، لكنها ليست كذلك .

– يحيطه مجموعة من رجال الأمن بالملابس السوداء الرسمية ،يسألنى عن ماذا سوف يفعل به رئيس النيابة أثناء نظر جلسة أمر حبسه فأحاول جاهدا أن اطمأنه بأنها مسألة وقت ليس إلا .

– كان ذلك قبل أن أفاجأ بأن النيابة العامة التى تنظر أمر حبسه تتخذ موقفا عدائيا ضده، نظرا – لطول لسانه – على حد قولهم بعد ذلك ، فتنهار كل أسباب الاطمئنان بداخلى والتى كنت أحسب نفسي بارعا فيها كمحام !

– كانت قوات من الشرطة يصاحبها قوات من الأمن الوطنى مساء يوم  11 أبريل 2018 قد قامت باقتحام منزل الكاتب محمود إمام بمنطقة الجبل الأصفر بمحافظة القليوبية ، و اقتياده الى  قسم شرطة الخصوص ومن ثم عرضه على نيابة الخصوص الجزئية بمحكمة الخانكة صباح ذات اليوم متهما بالانضمام لجماعة ارهابية اسست على خلاف احكام القانون هدفها التحريض على قلب نظام الحكم فى البلاد ، ونشر وإذاعة بيانات وأخبار كاذبة فى المحضر رقم 1959 لسنة 2018 ادارى الخصوص

– بعد التحقيق معه فى ذلك اليوم قررت نيابة الخصوص تعويده لليوم التالى رفقة تحريات الأمن الوطنى عنه ، والتى “بالطبع” اصبحنا نعرف ماذا سوف تتضمنه لاى مواطن قد تم القبض عليه واصبح تحت قبضتهم .. نعم هىّ كما جرت على لسانك الآن ” صحة واقعة “

– فى اليوم التالى بالفعل قررت النيابة حبسه لمدة 15 يوم !

– عندما وصلت إلى محكمة الخانكة  لحضور جلسة نظر أمر حبس إمام كانت هناك سيدة مسنة فى انتظارى ، من لهفتها وشدة ترحيبها عرفت انها والدته ، فيما بعد لم تتغيب لحظة واحدة من جلسات نظر أمر حبس ابنها رغم بُعد المسافة بين البيت الذي تسكنه ومقر محكمة الخانكة التى تنظر تجديد حبس ابنها كل 15 يوم ، حتى أصبحت جلسات تجديده أمام محكمة الجنايات كل 45 يوم بمحكمة بنها الكلية فيما بعد .

– قبل القبض عليه بأيام كان محمود امام على موعد للاحتفال فى معرض الإسكندرية الدولى للكتاب 2018 بحفل توقيع كتابه الثانى الجديد ” حكايات الفيل مرزوق رحلة مع حواديت المحروسة ” وهو كتاب يحتوى على مجموعة من الحكايات التاريخية لأحداث ومواقف تاريخية يرويها ” إمام ” بأسلوب ممتع ومشوق لكل من يهتم بحكايات هذا الوطن ، الذي أصبح مؤلفه هو نفسه الآن حكاية من ضمن حكاياته !

صدر لـ محمود امام قبل ذلك الكتاب كتابا أول بعنوان “شمس بين الضباب – خبايا ثورة يناير – “

– بعد أن جددت نيابة الخصوص الجزئية حبس الكاتب محمود إمام للمرة الثالثة على التوالى وذلك  بتاريخ 6 مايو 2018 قدمت بصفتي محاميه بطلب استئناف أمر الحبس الذى أصدرته النيابة والمقرر فى حالة قبوله أن تنظر محكمة الجنايات أمر الحبس و ان تصدر قرارها إما  برفضه واستمرار حبسه او قبوله وإخلاء سبيله .

– تمكنت حينها من تقديم طلب استئناف أمر الحبس وقد تحدد لنظره دائرة جنايات بمحكمة بنها الكلية ، كم كنت بصفتي محاميه آملا  أن يُقبل هذا الاستئناف و ان تقرر محكمة الجنايات إخلاء سبيله ولو بالضمان المالي ، خاصة ان محمود امام لم يتورط فى عنف او يحرض عليه بل هو  صاحب قلم ومؤلف مغرم بتاريخ هذا الوطن ويساعد على نشره وتبسيطه لعامة الناس، ولكنى تفاجأت أمام المحكمة بسؤالى باستخفاف عن سبب تقدمى باستئناف أمر حبسه والذي بدورى أجبت أنه حق المتهم القانونى في أن يستأنف قرار أمر حبسه فى أى وقت فإذا ما تم رفضه جاز له التقدم باستئناف جديد كل 30 يوم كما نصت المادة 166 من قانون الإجراءات الجنائية فكان رد رئيس الدائرة على ذلك ” وانا كمان من حقى ارفض طلب استئنافه ” وقد كان !

– ظل الكاتب محمود امام محتجزا لفترة داخل قسم شرطة الخصوص إلى أن تم نقله بعد ذلك إلى سجن بنها العمومي حتى الآن .

– بتاريخ 21 نوفمبر 2018 قررت محكمة جنايات بنها تجديد حبسه لمدة 45 يوم أُخر .

– الحرية لـ محمود امام ولكل صاحب رأى لم يتورط أو يحرض على عنف ، الحرية لكل أصحاب الرأى من نعرفهم وما لم نعرف.

عبدالله طنطاوي ، المحامي