مقدمة

استمرت الانتهاكات لكافة صور التعبير عن الرأي في الأردن خلال عام 2017، ولكن ظهر بشكل واضح زيادة عدد الانتهاكات ضد المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت.

وتعاملت السلطات الأردنية بمنهج استبدادي مع الحق في حرية التعبير وقامت بحجب عدد من المواقع الإخبارية داخل الأردن دون حكم قضائي ودون إنذار مسبق، ولم تفرق بين المواقع الأردنية أو غير الأردنية على شبكة الإنترنت، في محاولة منها لمنع وصول الصوت الآخر إلى المواطنين.

واستخدمت تلك السلطات كل المبررات والادعاءات الواهية التي تجعل المواطن الأردني يقبل تلك الانتهاكات، مرة تبرر الانتهاكات والقرارات الجائرة بأنها ضرورة لحماية العادات والتقاليد الأردنية، وأخرى بدعوى الحفاظ على الأمن العام ومحاربة الإرهاب وثالثة بزعم رفض التمويل الأجنبي.

وطالت الانتهاكات عام 2017، مركز حماية وحرية الصحفيين المعني بحرية الإعلام وهو ما يدل على أن السلطات الأردنية تعتبر المنظمات غير الحكومية التي تعمل في الدفاع عن حقوق الإنسان خصوما يجب السيطرة عليهم.

كما شهد هذا العام انتهاك الحريات الإعلامية والاعتداء على الصحفيين والمبدعين على خلفية التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بالوسائل السلمية.

*ورصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان العديد من الانتهاكات خلال عام 2017، منها على سبيل المثال:

أ. انتهاكات ضد الصحف الإلكترونية

1- حجب موقع صحيفة ”وطن” :

حجبت السلطات الأردنية الأحد 19نوفمبر 2017، الموقع الإلكتروني لصحيفة ”وطن – يغرد خارج السرب” عن متابعيها في الأردن دون حكم قضائي أو إنذار بالحجب ودون إبداء أية أسباب.

وجاء في تصريح صحفي لمصدر لم تكشف عنه الصحف “إن هيئة الإعلام رصدت موقعا إلكترونيا إخباريا، ينشر محتوى أردنيا، من خارج الأردن، دون الحصول على ترخيص”، وأوضح المصدر “أن الهيئة، حجبت هذه المواقع، بموجب المادة “49”، من قانون المطبوعات والنشر الأردني”.

الجدير بالذكر ان موقع “وطن” بدأ نشاطه عام 1996، وفي العام التالي مباشرة قامت السلطات السعودية بحجبه، ثم حجب في دولة الإمارات 2010، ومع قرار كل من السعودية، البحرين، الامارات، ومصر، بمقاطعة قطر قامت مصر والبحرين بحجب الموقع أيضا.

2- حجب موقع My.Kaliالمعني بشؤون المثليين والمتحولين جنسيا:

قرر مدير عام هيئة الإعلام المرئي والمسموع، المحامي محمد القطيشات، في 31يوليو حجب موقع مجلة (My.Kali) بدعوى عدم التسجيل والترخيص بالبث ومخالفة المادة 49من قانون المطبوعات والنشر، وجاء قرار الهيئة عقب شكوى تقدمت بها النائبة في البرلمان اﻻردني ديمة طهبوب، ضد موقع المجلة المعنية بشؤون المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيا في الأردن.

وتمنح المادتان 48و49من قانون المطبوعات المعدل عام 2012، مدير دائرة المطبوعات والنشر سلطة حجب المواقع الإلكترونية غير المرخصة أو التي تعتبر مخالفة للقانون، وإغلاق مقر الموقع الإلكتروني دون إبداء أسباب أو استصدار حكم قضائي. ويمكن للمواقع الطعن على القرار أمام محكمة العدل العليا، وهي محكمة إدارية.

الجدير بالذكر أن مجلة (My.Kali)، هي المجلة الأولى في الشرق اﻻوسط وشمال أفريقيا المعنية بالاندماج الاجتماعي لمجتمع أصحاب الميول الجنسية غير المغايرة والمتحولين جنسيا، وتحدث بانتظام في الأردن.

وكانت المجلة قد تأسست عام 2007، على يد مجموعة من الطلبة ، بهدف الاشتباك مع رهاب المثلية ورهاب المتحولين جنسيا، وتحدي الثنائيات الجنسية في المنطقة العربية.

3- حجب موقع كل الأردن الإخباري:

حجبت السلطات الأردنية موقع  “كل الاردن” الاخباري صباح يوم الجمعة 13يناير 2017، بدون حكم قضائي أو إنذار مسبق بعد نشر خبراً عن اعتقال اللواء متقاعد محمد العتوم.

وكان موقع كل الاردن الاخباري قد نشر يوم 14يناير 2017، بياناً أعلن فيه تعرض موقعه إلى عملية قرصنة منذ صباح يوم الجمعة 13يناير 2017، استهدفت في البداية خبر اعتقال اللواء المتقاعد محمد العتوم، وبعد إعادة نشر الخبر مرة أخرى بدأ الموقع يختفي عن الشبكات العاملة في الأردن مع استمرار عمل الموقع خارج البلاد.

وأكد البيان، أن بقاء الموقع عاملا في الشبكات المتوفرة خارج الأردن، يعني أنه ليس عمل تخريبي، وإنما عمل القصد منه وقف الموقع داخل البلاد، دون إذن من القضاء.

اللواء العتوم، هو ناشط سياسي، من مؤسسي تيار المتقاعدين العسكريين والناطق الرسمي باسمه، ومن أبرز المطالبين بالعودة إلى دستور 1952، وكذلك هو أحد المطالبين بمحاسبة الفاسدين ووقف نهب المال العام.

ب. انتهاكات ضد نشطاء الإنترنت

1- القبض على الناشط هشام عياصرة ومحاكمته:

ألقت أجهزة الأمن الأردني القبض على  الناشط في الحركة الطلابية هشام عياصرة، مساء اﻻريعاء 26يوليو على خلفية آراء نشرها على حسابه الشخصي في موقع التواصل اﻻجتماعي “فيسبوك”.

ومثل العياصرة الخميس أمام نيابة أمن الدولة التي وجهت له تهمة التحريض على نظام الحكم السياسي، ورفض العياصرة الاتهامات الموجهة له مؤكداً على حقه في حرية التعبير التي يضمنها له الدستور الأردني وكافة التشريعات الدولية، وقررت النيابة احتجازه على ذمة التحقيق.

وظل العياصرة محتجزاً حتى وافقت محكمة أمن الدولة يوم الأحد 30يوليو، على الافراج عنه بكفالة.

وجاء احتجاز العياصرة على خلفية عدة تدوينات عبر فيها عن مشاعره إزاء سماح الحكومة اﻻدرنية بسفر حارس أمن إسرائيلي بالسفارة اﻻسرائبلية في عمان دون محاكمة بعد ارتكابه جريمة قتل مواطنين أردنيين.

وكانت أزمة حارس الأمن الإسرائيلي قد تفجرت يوم الأحد 23يوليو بين الأردن وإسرائيل عقب إقدام حارس الأمن على قتل فتى أردني يبلغ من العمر 16عاماً بزعم أنه هاجمه بمفك في مجمع السفارة بعمان، كما قتل مالك المنزل الذي يعيش فيه الحارس أيضا.

2- احتجاز مجموعة من الصحفيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي:

قرر مدعي عام عمان يوم الأربعاء 25أكتوبر 2017، احتجاز مجموعة من الصحفيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أثر شكوى تقدم بها الأمين العام للديوان الملكي يوسف العيسوي يوم 9أكتوبر من نفس العام، بزعم سب وقذف العيسوي بالاستناد إلى قانون الجرائم الإلكترونية، وذلك على خلفية قيامهم بنشر أخبار حول أملاك يوسف العيسوي المزعومة

يذكر أن الصحفيين هم: رئيس تحرير موقع هوا الأردن الإخباري “إسلام العياصرة”، الكاتب الصحفي في موقع وكالة الظل الإخبارية “جهاد البطاينة”، الصحفي بموقع جفرا نيوز “ليث الكردي”.

أما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فهم: “أحمد المغربي”، الناشط على صفحة المهباش نيوز “أحمد الزبن”، الناشط على صفحة صخر نيوز “عامر التيلاوي”، والناشط على صفحة رصيفة نيوز “مراد الداوود”.

وبعد سماع اقوال الصحفيين والنشطاء تم الافراج تم الإفراج عنهم باستثناء أحمد المغربي الذي قرر المدعي العام توقيفه لمدة أسبوع قابلة للتمديد في سجن الجويدة.

ج. انتهاكات ضد المبدعين

1- وزير الداخلية يلغي تصريح حفل فريق ”مشروع ليلى” الغنائي:

قرر وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي منع إقامة حفل غنائي لفرقة “مشروع ليلى” كان من المقرر إحياؤه في العاصمة الأردنية عمان يوم 27يونيو 2017، وذلك بزعم احتوائه على فقرات “تستفز المشاعر العامة”.

مشروع ليلى هي فرقة موسيقى روك مكونة من 5أعضاء، وكانوا جميعا طلابا في الجامعة الأمريكية في بيروت وتشكلت الفرقة أثناء ورشة عمل موسيقية بالجامعة في فبراير 2008، وقامت الفرقة بعرض صغير في افتتاحية حفل موسيقي بالجامعة، لاقي قبول الجماهير.

2- التحقيق مع فنان الكاريكاتير عماد حجاج بسبب رسم ينتقد بطريرك الأرثوذكس في القدس:

استدعت مديرية البحث الجنائي الأردنية، بطلب من المدعي العام رسام الكاريكاتير عماد حجاج؛ يوم الإثنين 30أكتوبر2017، وذلك للتحقيق معه بسبب شكوى تقدَّم بها أحد المواطنين على خلفية نشر عماد حجاج لرسم كرتوني ينتقد فيه البطريرك ثيوفيلوس وبيع أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس المحتلة ومختلف المدن الفلسطينية.

ورسم عماد حجاج كرتون يمثل المسيح وكتب إلى جانبه “أنا المسيح عيسى ابن مريم أعلن براءتي من البطريرك ثيوفيلوس الثالث وكل من تورط في بيع أملاك الكنيسة الأرثوذكسية الشريفة للاحتلال الإسرائيلي”.

وجرى التحقيق مع عماد في مقاصده من الرسم وانتهت الجلسة بإخلاء سبيله على أن يتم حضوره يوم 31أكتوبر أمام النيابة.

وفي 31أكتوبر امتثل عماد حجاج للحضور أمام النيابة التي حققت معه في تهمة “الإساءة لأرباب الشرائع السماوية”التي يعاقب عليها قانون العقوبات، وتهمة “السب والقذف”الواردة في المادة 11من قانون الجرائم الإلكترونية.

وفي نهاية التحقيق قرر المدعي العام إخلاء سبيل فنان الكاريكاتير حجاج بدون كفالة، كما قرر محافظ العاصمة عدم توقيف حجاج وإخلاء سبيله.

د. انتهاكات ضد الصحفيين

1- اعتقال مراسل شركة “يا ميديا”أثناء تصوير تقرير تليفزيوني:

اعتقلت مجموعة من الأمن الوقائي والمركز الأمني بمنطقة دير علا غرب محافظ البلقاء، مراسل شركة “يا ميديا”في لواء الأغوار الشمالية الصحفي ماجد دبيس، واحد زملائه، وصادرت قوات الأمن كافة معدات التصوير مساء الخميس 2نوفمبر 2017، أثناء إعداد تقرير تلفزيوني عن الزراعة المائية، بزعم التصوير بدون ترخيص.

وبعد ذلك، تم نقله إلى مركز أمن الشونة الجنوبية حيث جرى التحقيق معه حول عمله الصحفي وما إذا كانت له أي علاقة بقناة “اليرموك”الفضائية غير المرخصة، ثم نقل إلى النظارة وجرى احتجازه على ذمة التحقيق، وظل محتجزاً حتى اليوم التالي حيث دٌفعت له الكفالة وأطلق سراحه على أن يعود للتحقيق بعد يومين أمام المدّعي العام.

وفي الموعد المحدد حضر دبيس وتم التحقيق معه ثم نُقل إلى سجن السلط حيث مكث أربعة أيام، ثم أطلق سراحه.

يذكر أن يا ميديا”هي بوابة إخبارية إلكترونية يومية تصدر عن شركة ياء للمواقع الإخبارية وهي مرخصة عام 2013، ومقرها عمان.

2- منع مراسل المصري اليوم من دخول البلاد:

احتجزت الأجهزة الأمنية بمطار الملكة علياء الدولي يوم10يوليو 2017، مراسل جريدة المصري اليوم “وائل حسن” لمدة 15ساعة، تم ترحيله على أول طائرة متجهة إلى مصر، وذلك بعد إعلامه بقرار منع دخوله الأردن دون إبداء أي أسباب لهذا القرار.

وكان وائل حسن قد ذهب إلى الأردن للمشاركة في ورشة عمل تتمحور حول إنتاج وسرد التحقيقات الرقمية نظمتها شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية “أريج” في عمان.

3- إغلاق مكتب “الجزيرة” وسحب ترخيص عملها:

قررت السلطات الأردنية يوم 6يونيو 2017، إغلاق مكتب قناة الجزيرة القطرية في الأردن وسحب ترخيص عملها، ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) عن محمد المومني، وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة أنه “بعد دراسة أسباب الأزمة التي تشهدها العلاقات بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين مع دولة قطر، قررت الحكومة تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر وإلغاء تراخيص مكتب قناة الجزيرة في المملكة”.

ه. انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان  

1- تهديد مركز حماية وحرية الصحفيين:

هددت السلطات الأردنية “مركز حماية وحرية الصحفيين”على خلفية تلقيه تمويلا أجنبيا. وأبلغت السلطات الأردنية “مركز حماية وحرية الصحفيين”بأن فئة تسجيله تمنعه من الحصول على تمويل أجنبي بموجب القوانين الحكومية.

وارسل مراقب عام الشركات رمزي نزهة، في 28أغسطس 2017، كتابا حمل الرقم (م ش /16/18/64486 ) الى “مركز حماية وحرية الصحفيين”تضمن طلب العمل على التوقف عن الحصول على التمويل من أي جهة خارجية او داخلية وايضا عدم الإعلان عن الشركة (مركز حماية وحرية الصحفيين) على أنها شركة غير ربحية وتصويب بياناتها ووثائقها وذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية وشطب تسجيل الشركة اذا تبين استمرارها بمخالفة القانون .

ويأتي تهديد المركز على الرغم من أنه يعمل في الدفاع عن الصحفيين، ويستضيف ورش عمل وفعاليات سنوية حول حرية الإعلام دون شكوى رسمية طوال 19عاما.

وقد تأسس مركز حماية وحرية الصحفيين عام 1998كمؤسسة مجتمع مدني تنشط في الدفاع عن الحريات الإعلامية في الأردن بعد إصدار قانون المطبوعات والنشر المؤقت في عام 1997والذي وضع قيوداً متزايدة على الإعلام وتسبب في إغلاق العديد من الصحف.

ويحافظ المركز على دور مستقل، ولا يدخل طرفا في العمل السياسي ولكنه يتصدى لكل السياسات والتشريعات والإجراءات التي تشكل قيدا على حرية الإعلام.