مقدمة
تحافظ السلطات الإماراتية على شكل براق لعلاقتها بالمواطنين، وتدعي أنها أكثر بلاد الشرق الأوسط انفتاحا على العالم واهتماما بمواطنيها لدرجة أنها  استحدثت وزارة جديدة أسمتها “وزارة السعادة”، تلك الوزارة والتى أعلنت ضمن أهدافها تحقيق السعادة لمواطني الإمارات والقاطنين فيها على حد سواء.

ولكن هذا الشكل البراق يخفي العديد من انتهاكات حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص الحق في حرية الرأي والتعبير والاعتقاد.

وعلى الرغم من قلة أعداد اﻻنتهاكات التي رصدتها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان خلال عام 2017، إلا أن هذه اﻻنتهاكات توضح مدى عداء هذه السلطات لوسائل التعبير عن الرأي من خلال ما كشف عنه من محاولة اختراق هاتف المدافع الحقوقي أحمد منصور، ومحاولة السيطرة على هاتفه عن بعد.

 

كما تحكم السلطات في دولة الإمارات سيطرتها على وسائل الإعلام والتواصل اﻻجتماعي بتقنين قمع حرية التعبير، وتشريع قوانين فضفاضة وتهم جاهزة تستخدم لقمع المعارضة واعتقال أصحاب الرأي المخالف لتوجهات السلطة السياسية.

وخلال عام 2017استخدمت السلطات في دولة الإمارات نصوص مثل “التحريض والكراهية والتمييز والحث على الإرهاب”في الحكم بسجن أصحاب الرأي من المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الإنترنت.

قانون الجرائم الالكترونية ينص على عقوبات تصل إلى عشر سنوات وغرامات تصل إلى مليون درهم بحق كل من يهدد الأمن والسلم العام ، أو حتى يستخدم وسائل للتعمية من أجل دخول مواقع الكترونية تم حجبها فى الإمارات مثل تقنيات VPNوالبروكسي . كما أن قانون مكافحة التمييز والكراهية التى تطبقه الامارات يحتوي على نصوص فضفاضة تحت اسم “التحريض”وقد تم سجن الكثير من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمغردين بناءا على اتهامات منصوص عليها فى تلك القوانين.

 

ويشار إلى أن السلطات الإماراتية لم توقع حتى إعداد هذا التقرير على “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري”، وتعرض العديد من النشطاء للإخفاء القسري ليظهروا بعد ذلك متهمين في قضايا رأي.

ورصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان خلال عام 2017، اﻻنتهاكات التالية على سبيل المثال:

 

انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان


اعتقال الناشط الحقوقي أحمد منصور

اقتحم رجال الشرطة الإماراتيين منزل الحقوقي أحمد منصور، فى 20مارس 2017،  وهو نفس اليوم الذي اعتبرته الإمارات عيدا قوميا للسعادة.

وقام رجال الأمن بتفتيش بيت أحمد منصور، ومصادرة الأجهزة الإلكترونية ومن ثم تم اقتياده لجهة مجهولة ،ولاحقا أعلنت نيابة الجرائم الالكترونية والتقنية فى الإمارات القبض عليه، ووجهت له تهمة نشر “معلومات مغلوطة” و”أخبار كاذبة” من أجل “إثارة الفتنة الطائفية والكراهية” و”نشر معلومات مغلوطة تضر بالوحدة والانسجام الوطني والإضرار بسمعة الدولة”.

بسبب تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

أحمد منصور هو ناشط ومدون إماراتي بارز، حائز على جائزة مارتن إينالز للمدافعين عن حقوق الإنسان لسنة 2015.

أطلق منصور حملات ضغط منذ سنة 2006حول حرية التعبير والحقوق المدنية والسياسية، وكان أحد المبادرين لإطلاق عريضة في منتدى حوار الإمارات بتاريخ 03مارس 2011للمطالبة بالإصلاح الديمقراطي لبرلمان دولة الإمارات، وسجن هو وأربعة آخرين في وقت ٍلاحق بتهمة “إهانة ​​قيادة الإمارات في قضية “UAE5”، وقضى معظم سنة 2011بالسجن بسبب معارضته عبر الإنترنت حتى صدر عفو عنه في نوفمبر 2011. ومنذ إطلاق سراحه لم يبق صامتاً.

اُستهدف أحمد منصور بإستمرار بسبب نشاطه الرقمي. كما تعرض للتهديد بالقتل، وتم اختراق حسابه على تويتر والبريد الإلكتروني في أكتوبر 2014.

 

انتهاكات ضد نشطاء مواقع التواصل اجتماعي


سجن الأكاديمي ناصر بن غيث


قضت محكمة الاستئناف الجنائية الاتحادية فى 29مارس 2017، على الأكاديمي ناصر بن غيث بالسجن 10سنوات، بتهمة نشر “معلومات كاذبة للإضرار بسمعة ومركز الدولة وإحدى مؤسساتها”، على خلفية قيامه نشر سلسلة من التغريدات على موقع تويتر قال فيها انه لم يحاكم محاكمة عادلة في إحدى القضايا السابقة مع أربعة إماراتيين آخرين والمعروفة باسم “الإماراتيين الخمسة”

كما أدين بتهم الاتصال والتعاون مع أفراد ينتمون إلى جمعية الإصلاح التي تحظرها السلطات الإماراتية

ولم يتمكن الغيث من ممارسة حقه في الحصول على محاكمة عادلة فقد فرضت السلطات قيودا على اتصاله بمحاميه

 

الجدير بالذكر أن ناصر بن غيث المري، هو أكاديمي حصل على الدكتوراه في القانون، تخصص التجارة الدولية والقانون الاقتصادي الدولي عام 2007، سبق اقتحام منزله من قبل أفراد جهاز أمن الدولة واعتقاله من العمل عام 2011، ضمن أفراد المجموعة المعروفة باسم “الإمارات٥”، ووجهت له تهمة “إهانة ولي عهد أبوظبي”، على خلفية مداخلات على بعض المنتديات في القضية رقم (313 / 2011أمن الدولة )، وحكم عليه في نوفمبر 2011، بالسجن سنتين بتهمة “إهانة إلى رئيس الدولة، ونائب رئيس الدولة، وولي العهد” ثم عفا عنه رئيس بعد استنكار دولي

 

استمرار اعتقال أسامة النجار رغم انقضاء مدة العقوبة

تستمر السلطات الإماراتية في اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان والناشط على الإنترنت, أسامة النجار، رغم انقضاء فترة حكمه في فترة حكمه في 17مارس 2017، بعد أن أمضى في السجن ثلاثة سنوات على خلفية ممارسته السلمية للحق في حرية الرأي والتعبير.

وكانت السلطات قد ألقت القبض على أسامة النجار، في 17مارس 2014وحكمت عليه في 25نوفمبر 2014، بالسجن ثلاث سنوات ودفع مبلغ قدره ٥٠٠ ألف درهم إماراتي (حوالي 136ألف دولار)، بعد محاكمة غير عادلة استغرقت أقل من عشر دقائق، وذلك على خلفية إرساله تغريدات إلى وزير الداخلية أعرب فيها عن قلقه بشأن إساءة معاملة والده في السجن.

واحتجز أسامة في مكان مجهول لمدة أربعة أيام دون أي تواصل مع أسرته أو محام، ولم بقدم إلى المحاكمة سوى في 23سبتمبر 2014عندما جرى اتهامه بالانتماء إلى “حركة الإصلاح”، والتحريض على الكراهية ضد الدولة ومخالفتها، وكما واجه تهمة نشر الأكاذيب عن والده حسين النجار، الذي يعد واحداً من أعضاء مجموعة الإمارات 94، والذي يقضي حالياً عقوبة ١١ عاماً بالسجن.

انتهاكات ضد الصحفيين

الصحفي الأردني تيسير النجار

يعاني الصحفي الأردني المحبوس في سجن الوثبة، تيسير النجار من اشتداد مرض الكلي، فضلا عن إصابته بأمراض في عينيه قد تؤدي إلى فقدانه البصر لعدم رؤيته الشمس، في سجن الوثبة.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا بإمارة أبو ظبي قد أيدت في 19يونيو 2017، الحكم بسجن الصحفي الأردني تيسير النجار  لمدة 3سنوات وتغريمه 500ألف درهم إماراتي (نحو 136ألف دولار)، وإبعاده عن البلاد بعد انقضاء فترة العقوبة، ورفض الطعن الذي تقدم به موكله بزعم “إهانة رموز الدولة”.

يذكر أن الأجهزة الأمنية في الإمارات قد اعتقلت تيسير النجار في 13ديسمبر 2015، ولم يكشف عن اعتقاله سوى في 22يناير 2016، وظل الغموض يحيط بقضية إعتقاله حتى مارس 2016،حينما تمكنت زوجته ماجدة حوراني، من التحدث إليه هاتفيا بعد نقله إلى سجن الوثبة. وعلمت الحوراني من زوجها أن السلطات الإماراتية حققت معه بشأن تعليقات نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي في يوليو 2014، قبل عام تقريبا من انتقاله للعمل في الإمارات، لكن دون ان توجه له أي اتهامات.

 

الإهمال الطبي الجسيم تجاه المسجونين في قضايا الرأي

يعاني المحبوسين على خلفية قضايا النشر والتعبير عن الرأي الإهمال الطبي الجسيم الذي يصل إلى حد القتل البطيء داخل سجون دولة الإمارات، ولا يجد المسجونين الرعاية داخل السجن وترفض السلطات الإفراج الصحي عن هؤلاء المرضى لتتولى أسرهم رعايتهم الطبية.

ومن بين حالات الإهمال الطبي الجسيم، والتعنت في الإفراج الصحي حالة مريضة السرطان علياء عبدالنور، والصحفي الأردني تيسير النجار.

 

علياء عبد النور محمد عبد النور

تتعرض حياة المعتقلة الإماراتية علياء عبد النور محمد عبد النور للخطر، نتيجة رفض الجهات الأمنية والقضائية بالإمارات الإفراج الصحي عنها أو السماح لأسرتها بمعالجتها على نفقتهم الخاصة وذلك بعد انتشار أورام سرطانية في جسدها، و إصابتها بهشاشة العظام، وتليف الكبد.

علياء من مواليد 20نوفمبر 1977، وتقضي حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات في القضية 150لسنة 2015، أمن الدولة بعد محاكمة تفتقر لشروط المحاكمة العادلة حيث حرمت علياء من التمثيل القانوني.

 

وكانت أجهزة الأمن قد اعتقلت علياء من محل إقامتها بالإمارات في 28يوليو 2015، دون إعلان أسباب، واختفت قسريا مدة 4شهور قبل أن تعلن السلطات الإماراتية احتجازها وطوال 9جلسات محاكمة أمام القضاء الإماراتي بزعم تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد، وذلك على خلفية مشاركتها في جمع تبرعات ومساعدات مالية للنساء والأطفال المتضررين من الحرب في سوريا.