تقديم

ساهم الموقع الجغرافي للكويت وانتمائها لدول مجلس التعاون الخليجي، واتخاذ حكومة الكويت موقف الحياد الإيجابي في الأزمة بين قطر من ناحية، والسعودية والامارات والبحرين من ناحية أخرى، في رسم صورة ذهنية جيدة للحكومة الكويتية، ولكن تلك الصورة الذهنية لم تمنع نشطاء منصات التواصل من إعلان رأيهم في الأوضاع الداخلية للكويت، ونقد موقف السعودية والإمارات والبحرين، وهو ما قابلته السلطات بالحبس والمحاكمة، وحملات التشويه.

كما ساهم تنامي الحركات اليمينية مثل “مجموعة الثمانين”، (تدعو لأن تكون الاولوية في التوظيف للمواطن الكويتي، وتصدت لأي تعديلات في قانون الجنسية تضمن حقوق البدون)، وزيادة مظاهر الفساد الإداري، وقمع نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في نمو الحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي.

أولاً: التطور التشريعي والقانوني

ناقشت لجان مجلس الأمة عددًا من الاقتراحات بقوانين، من بينها تعديل بعض أحكام القانون رقم 3 لسنة 2006، بشأن المطبوعات والنشر، وأصدرت اللجنة التشريعية تقريرها الخاص بمشروع قانون حق الاطلاع على المعلومات، ورغم تلك المناقشات لم يصدر عن البرلمان قوانين ذات صلة بحرية الرأي والتعبير في الكويت.

بخلاف ذلك أصدر نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية الكويتي، الشيخ خالد الجراح، قراراً يوم 31 يوليو، حدد ضوابط استخدام الأسلحة النارية وإطلاق النار لرجال الأمن، أعاد خلاله السماح بإطلاق النار على أقدام المتظاهرين شرط ألا تكون الإصابة قاتلة.

ثانياً: القضايا الأكثر تأثيراً في حرية التعبير

لا تزال قضية المحرومين من الجنسية (البدون) في الكويت دون حل، ولا تزال الأحزاب السياسية تستخدم قضية البدون للحصول على الأصوات في الانتخابات البرلمانية، ولا يزال المواطنين المحرومين من الجنسية يدفعون من أعمارهم، وكرامتهم، وسمعتهم الكثير من أجل الحصول على حق المواطنة، حق المساواة مع أبناء وطنهم، ولكن الحكومة الكويتية واللجان التي تشكلها تأبى إلا أن تظل هذه الفئة ضحية التمييز، وتقمع صوتها إذا ارتفع بالشكوى أو محاولة الاعتراض على تلك الانتهاكات.

ففي  يوم 12 يوليو، اعتقلت أجهزة الأمن عددًا من المدافعين عن حقوق فئة البدون وأحالت المعتقلين إلى السجن المركزي على خلفية تنظيم اعتصام للمطالبة بحقوق البدون بعد تأكيد خبر انتحار الشاب عايد حمد مدعث، يوم 7 يوليو، بسبب الإحباط الذي كان يعاني منه لعدم امتلاكه لأية أوراق ثبوتية يستطيع استخدامها للدراسة والعمل والحصول على الخدمات العامة.والمعتقلون هم، المدافع البارز عن حقوق البدون، عبدالحكيم الفضلي، أحمد العونان، عواد العونان، عبدالله الفضلي، متعب العونان، محمد خضير العنزي، يوسف العصمي، نواف البدر، حامد جميل، يوسف الباشق، جار الله الفضلي، و أحمد شايع العنزي، وآلاء السعدون التي أطلق سراحها بعد توسط عضو بمجلس الأمة.

ومن القضايا المثارة خلال عام 2019، والتي شغلت اهتمام الرأي العام، قضية الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصلت هذه القضية إلى أروقة مجلس الأمة بعد مطالبة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت بضرورة إصدار تشريع يضبط منصات التواصل التي تعج بتلك الحسابات.

كما شغلت قضية صاحب حساب “عتيج المسيان” اهتمام الرأي العام في الكويت، حيث تناول الحساب قضية الشهادات المزورة، حتى أعلن في 21 يوليو خبر القبض على صاحب الحساب بتهمة الإساءة للمغردين وشخصيات.

كما كانت قضية ترحيل مصريين متهمين بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين مثار نقاشات وجدال واسع في الكويت، حيث أعادت السلطات الكويتية 8 معارضين مصريين إلى بلدهم في 15 يوليو 2019 ، رغم المخاطر الجسيمة القائمة بالتعرض للتعذيب والاضطهاد في مصر.

ثالثاً: الإنتهاكات التي نالت من حرية التعبير

أخذت انتهاكات حرية الرأي والتعبير في الكويت عدة أشكال أشكال من بينها المحاكمات، الاعتداءات، والحبس وحملات الترهيب، وتركزت الانتهاكات بشكل عام ضد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب المدافعين عن حقوق “البدون”.

الاعتداءات

اختطفت قوة من الأشخاص مجهولي الهوية، المدافع عن حقوق البدون والصحفي البارز حمود الرباح، يوم 23 يوليو 2019 أثناء تناول الطعام مع زوجته في أحد المطاعم بوسط مدينة الكويت، ثم ظهر حمود في تحقيقات النيابة على ذمة قضية المدافعين عن حقوق البدون.

الحبس

يأتي الحبس والاعتقال في المرتبة الثانية بعد المحاكمات كوسيلة من وسائل قمع حرية التعبير في الكويت، ففي 19 مارس،

داهمت قوات الأمن الكويتية مقر مجلة “الهدف” وألقت القبض على مديرها مازن الترزي، رجل الأعمال السوري الأصل، و4 من معاونيه، وصادرت أجهزة الكمبيوتر وكاميرات المجلة والهواتف الخاصة بالترزي، ثم أطلقت سراحه ومساعدية بعد 3 أيام من حبسه دون توجيه اتهامات.

وفي 20 مايو، ألقت السلطات الكويتية على الناشط والمرشح السابق لـ”مجلس الأمة”، محمد خالد الهاجري، لتنفيذ حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات بزعم الإساءة إلى السعودية والأمير محمد بن سلمان، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي يوم 28 يونيو،اعتقلت أجهزة الأمن، السياسي وعضو مجلس الأمة السابق ناصر الدويلة بزعم الإساءة للسعودية على خلفية تغريدة نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ثم أفرجت عنه النيابة بكفالة مالية بعد يومين من اعتقاله.

كما اعتقلت أجهزة الأمن ما يزيد عن 14 من المدافعين عن حقوق فئة المحرومين من الجنسية (البدون) يوم 12 يوليو، وأحالتهم إلى السجن المركزي على خلفية قيامهم تنظيم اعتصام للمطالبة بحقوق البدون بعد تأكيد خبر انتحار الشاب عايد حمد مدعث.

وفي 21 يوليو أعلن القبض على صاحب الحساب الوهمي “عتيج المسيان” على موقع تويتر، بتهم أبرزها الإساءة إلى مسند الإمارة والقضاء وإذاعة أخبار كاذبة عن الأوضاع الداخلية في البلاد وإفشاء أسرار وظيفية وإساءة استعمال الهاتف.

المحاكمات

شهدت المحاكم الكويتيةقضايا متعلقة بحرية الرأي والتعبير والنشر، بكافة مراحل التقاضي،ويعد استخدام القضاء هو أعلى أشكال الاعتداء على الحق في حرية التعبير في الكويت خلال عام 2019، حيث لا يخلو شهر من عدة محاكمات للمغردين على خلفية نشر آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وشهد هذا العام مئات المحاكمات، منها محاكمة الكاتب أحمد الصراف وجريدة ”القبس“ الكويتية بتهمة الإساءة إلى إيران على خلفية مقال للكاتب، حيث قضت محكمة النقض في 10 مارس، ببراءة الكاتب والصحيفة واعتبرت المحكمة أن المقال لا يعتبر مخالفًا للقانون، ولم يتجاوز حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور.

كما شهدت محكمة النقض، يوم الخميس 14 مارس، حكماً باستبعاد صالح جرمن من قوائم المرشحين للانتخابات التكميلية لمجلس الأمة على خلفية حكم صدر ضده سابقا في قضية تظاهر؛ واعتبرت المحكمة أن الحكم الصادر ضده عام 2017، من محكمة النقض بالحبس سنتين مع وقف تنفيذ العقوبة قد أفقده أحد الشروط القانونية للترشح للانتخابات.

وشهد شهر مارس كذلك محاكمة الكاتب الكويتي عبد الله الهدلق، بتهمة إثارة الفتنة الطائفية عبر تغريدة كتبها بحسابه في شبكة التواصل الاجتماعي تويتر، حيث قضت محكمة الجنايات في 19 مارس، بحبس عبد الله الهدلق، ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، وذلك بعد شكوى رفتعها ضده إدارة الجرائم الإلكترونية والمحاميان علي العلي وخليل الطباخ.

وكذلك استمرت تداعيات خطاب “كفى عبثاً” الذي ألقاه النائب السابق مسلم البراك عام 2012، في ساحة الإرادة على مقربة من مجلس الأمة، وردد الخطاب العديد من النواب والنشطاء، حيث قضت محكمة الاستئناف يوم 6 مايو، بحبس عدد من المواطنين لمدة سنتين ووقف تنفيذ الحكم لمدة 3 سنوات بتهمة العيب بالذات الأميرية، والطعن بصلاحيات الأمير، والتطاول على مسند الإمارة، نتيجة ترديدهم للخطاب المذكور.

وشهد شهر مايو عدة محاكمات خاصة بحرية التعبير منها محاكمة المغرد طارق المطيري، بتهمة اﻻساءة للسعودية من خلال تغريدة نشرها على حسابه على موقع التواصل تويتر، حيث أيدت محكمة النقض في 9 مايو، الحكم السابق ببراءة المطيري، من التهمة.

وشهد الشهر نفسه محاكمة الناشطين والمغردين مساعد المسيليم وعبد الله الصالح، وقضت محكمة الجنايات يوم 27 مايو غيابيا، بحبسهمالمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بزعم القيام “بعمل عدائي ضد دولة الإمارات والعيب بالذات الأميرية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استعمال الهاتف”، وذلك بسبب تغريدات لهما عن دولة الإمارات.

فيما شهد شهر يونيو محاكمة المطرب خالد الملا، بزعم الإساءة إلى القضاء، حيث قررت نيابة الإعلام، يوم 17 يونيو، إخلاء سبيل الملا والمدير العام لقناة “ATV” أحمد الفضلي بضمان شخصي، في القضية المقامة من وزارة الاعلام وأحد القضاة على خلفية أغنية رددها الملا وبثتها القناة حول قضية التزوير في المجتمع.

الترهيب

برزت في الكويت خلال عام 2019، جماعات تنتهك حقوق الأقليات وتقمع المدافعين عنها، وتعرض المدافعون عن حقوق المحرومين من الجنسية (البدون) لحملة من التخوين والتشكيك واستخدام حملات الكترونية بهدف تخويفهم وقمع حقهم في التعبير عن حقوق هذه الفئة، فعلى سبيل المثال تعرضت الأكاديمية والمدافعة عن حقوق الإنسان، الدكتورة ابتهال الخطيب، للاتهام بالتشكيك بحق الكويت وأميرها، كما تعرضت لنشر معلومات شخصية خاصة بها وأسرتها من قبل بعض الحسابات على تويتر، بعد كلمة ألقتها في ندوة أقامها المنبر الديمقراطي يوم 10 أبريل، تحت عنوان، “أضواء على قضية البدون”، تحدثت فيها عن الانتهاكات المستمرة ضد مجتمع البدون، وطالت الحملة أيضا المدافعين عن حقوق الإنسان، هديل بوقريص، ويوسف بوحمد.

وسبق أن استدعت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، المدافعين عن حقوق الإنسان عبد الحكيم الفضلي، وخليفة العنزي، لاستجوابهم حول استخدام حسابهم على تويتر لدعوة المواطنين إلى للتظاهر أمام الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع البدون، كما استجوبت الإدارة، حامد جميل في مزاعم باستخدام حساب مزيّف على تويتر، لمهاجمة عضوين من مجموعة الثمانين.

كما خضع للاستجواب والترهيب المدافعين عنحقوق الإنسان أنور الروقي، و كريمة كرم، حول آراء نشراها على حسابيهماعلى موقع تويتر.

رابعاً: الاتهامات الأكثر شيوعاً ضد حرية التعبير

في الكويت قائمة طويلة باتهامات شائعة لحصار الحق في حرية الرأي والتعبير، من أبرز هذه الاتهامات:

الدعوة إلى تجمع غير مرخص، الانضمام إلى تجمع غير مرخص، إساءة استعمال الهاتف، الانقضاض على النظام في البلاد، العيب في الذات الأميرية، نشر أخبار كاذبة، الاساءة إلى مسند الإمارة، الاساءة إلى القضاء، إفشاء أسرار وظيفية، وإثارة الفتنة الطائفية.

خامساً: الضحايا

يأتي على رأس قائمة ضحايا قمع حرية التعبير في الكويت خلال عام 2019 على سبيل المثال وليس الحصر، خمسة عشر سجيناً من الناشطين والمدافعين عن حقوق فئة المحرومين من الجنسية وهم عبدالحكيم الفضلي، عبدالله الفضلي، أحمد العونان، عواد العونان، متعب العونان، محمد خضير العنزي، يوسف العصمي، نواف البدر، حامد جميل، يوسف الباشق، جار الله الفضلي، و أحمد شايع العنزي، حمود الرباح، خليفة العنزي، ورضا الفضلي، وتضم قائمة الضحايا، كل من المدافعين عن حقوق الإنسان الدكتورة ابتهال الخطيب، هديل بو قريص، يوسف بو حمد، عبد الحكيم الفضلي، حامد جميل، وآلاء السعدون، كما تضم القائمة النائب السابق مسلم البراك، عبد الله الصالح، المطرب خالد الملا، وسالم الدوسري “أبو رفعة”.