• نظرة عامة 

تخشى السلطات الجزائرية المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، بعدما استطاعت تدجين وسائل الإعلام التقليدية، وحاولت خلال هذه الفترة السيطرة على الرأي العام من خلال حجب المواقع وحجب الانترنت نفسه في بعض الأحيان، وترهيب الصحفيين الإلكترونيين والنشطاء بواسطة الاعتقالات التعسفية والمحاكمات السياسية الجائرة. ولكن رغم كل ذلك نجد أن عدد المشتركين في خدمات الإنترنت وعدد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي قد زاد زيادة ملحوظة، وحصل المواطنون على الفرصة في الوصول إلى المعلومات من أكثر من مصدر، وساهموا في نقل الأحداث وقت حدوثها. ولعب الانترنت في الجزائر دورا أساسياً في كشف ملفات الفساد في السلطة، وحشد وتنظيم المحتجين خلال المظاهرات، التي خرجت في عموم البلاد منذ شهر فبراير 2019، للاعتراض على تمديد ولاية بوتفليقة تحت شعار “لا للعهدة الخامسة”، تلك المظاهرات التي أدت إلى رحيل بوتفليقة ومحاكمة عدد من رموز نظامه.

  • التطورات في قطاع الاتصالات

يبلغ عدد سكان الجزائر نحو 43 مليون نسمة، وشهد قطاع الاتصالات تطورا ملحوظا خلال الفترة التي يتناولها هذا التقرير، حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع عدد المشتركين في خدمات الهاتف المحمول ليصل إلى نحو 51 مليون مشترك، فيما تظهر الأرقام أن عدد مشتركي الهاتف الثابت تجاوز 4 ملايين مشترك.

وتعمل ثلاث شركات على تقديم خدمات الهاتف المحمول في الجزائر، بينما تحتكر مؤسسة “اتصالات الجزائر” تقديم خدمات الهاتف الثابت وشبكة الانترنت “ADSL”، في الجزائر، و”اتصالات الجزائر- SPA”، هي مؤسسة عامة اقتصادية ذات أسهم برأس مال اجتماعي.

أما شركات الهاتف المحمول الثلاث فهي “مؤسسة اتصالات الجزائر (موبيليس)، وتستحوذ على نحو 42% من حصة سوق الاتصالات في الجزائر، والشركة الثانية هي “مؤسسة أوراسكوم تيليكوم الجزائر (جازي)، وهي تعد فرعا من فروع المجموعة المصرية أوراسكوم تيليكوم، وتستحوذ على 30% تقريبا من حصة السوق. والشركة الثالثة هي “وطنية تيليكوم الجزائر (أوريدو)، وهي شركة مساهمة، وتستحوذ على 27% من السوق.

  • البيئة القانونية لقطاع الاتصالات والإنترنت 

صادق مجلس الأمة يوم 19 أبريل 2018، على مشروع القانون رقم 18- 04، المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الالكترونية. ودخل القانون حيز النفاذ بعدما نشر في الجريدة الرسمية، يوم 13 مايو 2018 . ويتضمن القانون جملة من الإجراءات الجديدة المنظمة للقطاع، ويؤكد القانون على أن نشاطات البريد والاتصالات الإلكترونية “تخضع لرقابة الدولة”، وتقوم الدولة بـ “تحديد وتطبيق معايير إنشاء واستغلال مختلف الخدمات”.

كما صدق المجلس في نفس اليوم على مشروع القانون رقم 18- 05، المتعلق بالتجارة الإلكترونية، ونشر القانون في الجريدة الرسمية، يوم 16 مايو 2018، ويتضمن مشروع القانون عدة أحكام لضمان أمن التجارة الإلكترونية.

كما كشف الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في خطاب ألقاه نيابة عنه وزير العدل، يوم 24 مارس 2018، بمناسبة “اليوم الوطني للمحامي”، عن الإعداد لمشروع قانون للتصدي للجرائم الإلكترونية، ولكنه لم يعلن عن موعد محدد لتقديم مشروع القانون.

  • الشبكات الاجتماعية

تشهد الجزائر نموا ملموساً في عدد مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تشير الأرقام إلى زيادة عدد مستخدمي الإنترنت لتصل إلى 25.4 مليون مستخدم، بنسبة انتشار تزيد عن 59%. أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي فيميل الجزائريون لاستخدام موقع “فيسبوك”، الذي تجاوز عدد مستخدميه نحو 19 مليون مستخدم. في الوقت الذي بلغ فيه عدد مستخدمي موقع تويتر نحو 480 ألف مستخدم فقط. وتجاوز عدد مستخدمي انستجرام نحو 4 مليون مستخدم، بينما يقدر عدد مستخدمي سنابشات بنحو 2 مليون مستخدم.

وكان لشبكات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها موقع “فيسبوك”، دورًا محوريًا في خروج مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشارع، يوم الجمعة 22 فبراير 2019، للاعتراض على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رئاسية خامسة، وهي المظاهرات التي أطاحت ببوتفليقة، يوم الثلاثاء 2 أبريل 2019، بعدما أمضى نحو عشرين عاما في الحكم.

  • الحجب والرقابة 

لجأت السلطة التنفيذية في الجزائر إلى قطع الانترنت في أوقات الاحتجاجات السلمية، وخلال فترات امتحانات الثانوية العامة. واتجهت إلى استخدام سياسة الحجب دون إذن قضائي، للحد من تأثير المواقع الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي على الرأي العام في البلاد.

وعلى سبيل المثال اشتكى المحتجون في الجزائر من انخفاض سرعة الانترنت وتقطعه، يوم 1 مارس 2019. وحجبت العديد من المواقع الاخبارية من بينها موقع “كل شيء عن الجزائر” منذ يونيو 2019، بسبب تغطية الحركات الاحتجاجية في البلاد، وسبق أن حجب الموقع يوم 5 أكتوبر 2017، على شبكات “ألجيري تيليكوم” و”موبيليس”، دون إعلان أسباب واضحة من الحكومة.

ومع انطلاق امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة) خلال شهر يونيو من كل عام تمنع السلطات الجزائرية الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” و”إنستغرام” و”يوتيوب”، فضلا عن تطبيق “واتساب”، ويستمر المنع طول فترة الامتحانات، بدعوى منع الغش وإحباط محاولات تسريب الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما حجبت شركة “اتصالات الجزائر” الحكومية، موقع “يوتيوب” والعديد من خدمات “جوجل” في الجزائر، مساء 8 أغسطس 2019، واستمر الحجب حتى منتصف الليل، وذلك بعد نشر فيديو دعا فيه وزير الدفاع الجزائري السابق، خالد نزار، أفراد الجيش الجزائري، إلى “أن يدركوا مطالب الشعب”، وهو ما فُسر على أنه طلب للإطاحة بقائد الجيش، أحمد قايد صالح.

  • الملاحقة والتهديدات الامنية 

محاكمة الناشط الحاج غرمول

اعتقلت قوات الشرطة في ولاية معسكر (غرب العاصمة الجزائر)، الناشط في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وعضو اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين، الحاج غرمول، يوم 27 يناير 2019، على خلفية نشره صورة على موقع فيسبوك يظهر فيها مع زميل له وهو يحمل لافتة تعارض ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وفي 6 فبراير 2019، أصدرت محكمة ولاية معسكر بالجزائر حكما بسجن الحاج غرمول، لمدة 6 أشهر نافذة، وغرامة مالية قدرها 30 ألف دينار جزائري (250 دولار تقريباً)، بزعم “إهانة هيئة نظامية“، بموجب المادة 145 من القانون الجنائي الجزائري. واستمر الحاج غرمول في سجن سيدي إمحمد بولاية معسكر نحو ستة أشهر، حتى تم الإفراج عنه يوم 20 يوليو 2019.

اعتقال الناشط الحقوقي كمال الدين فخار

اعتقلت الأجهزة الأمنية، يوم 31 مارس 2019، الناشط الحقوقي دكتور كمال الدين فخار، بسبب تدوينات على صفحته في موقع فيسبوك. وبعد 48 ساعة قضاها في مقر الشرطة القضائية بمجلس الأمن بولاية غرداية، تم تقديمه يوم 2 أبريل أمام النائب العام بمحكمة غرداية، الذي قدمه إلى قاضي التحقيق والذي أمر بحبسه بعدة تهم منها “تقويض الأمن العام والتحريض على العنف”، و”سب مؤسسات الدولة، بما في ذلك هيئة العدالة”.

وفي يوم 28 مايو 2019، أُُعلنت وفاة كمال الدين فخار، في مستشفى “فرانز فانون” بالبليدة (تبعد 50 كم عن العاصمة)، بعدما نقل إليها بسبب مضاعفات صحية ناجمة عن إضرابه عن الطعام الذي استمر نحو شهرين احتجاجا على سجنه.

يذكر أنه تم إطلاق سراح الدكتور كامل الدين فخار يوم الأحد 16 يوليو 2017، من سجن المدية بعد قضاء عقوبة بالسجن لمدة عامين، على خلفية أحداث العنف التي اندلعت بين المالكيين والإباضين في غرداية في العام 2015، وتسببت في سقوط نحو 20 قتيلا والمئات من الجرحى.

 

محاكمة الناشط الحقوقي رمزي شخاب بتهمة التحريض على التجمهر

تلقى المحامي والناشط الحقوقي رمزي شخاب، استدعاءً تليفونياً من شرطة الجرائم الالكترونية التابعة لأمن ولاية خنشلة، يوم 1 أغسطس 2019، ليعلم أن النيابة العامة بمحكمة خنشلة قد أحالت قضية ضده إلى المحكمة بجنحة “التحريض على التجمهر” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك على خلفية فيديو مدته 4 دقائق نشره على حسابه في موقع “فيسبوك” في شهر فبراير من نفس العام، يرفض فيه الولاية الخامسة لبوتفليقة.

 

اعتقال الصحفي إسماعيل جربال بسبب مقال في موقع “ألج 24”

اعتقلت المخابرات الجزائرية في صباح 9 أكتوبر 2018، الصحفي “إسماعيل جربال”، رئيس تحرير بقناة النهار، والمسئول عن النسخة الفرنسية للموقع الإلكتروني، بسبب مقال تحت عنوان “أين ذهبت مصالح الاستعلامات”، نشره في موقع “ألج 24” التابع لمجموعة “النهار” الإعلامية، ينتقد فيه عثمان طرطاق، مدير جهاز المخابرات التابع لرئاسة الجمهورية. وبعد ساعات من اعتقال إسماعيل جربال تم إطلاق سراحه بعد ضغط إعلامي ومطالب عديدة بالتوقف عن ملاحقة كتاب المقالات والرأي.

 

الحكم بسجن المدون مرزوق تواتي

قضت المحكمة الابتدائية في بجاية شرقي الجزائر، يوم 24 مايو 2018، بسجن المدون مرزوق تواتي، لمدة 10 سنوات، وغرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 430 دولار) بعدة مزاعم منها “التحريض على التجمهر والاعتصام في الساحات العمومية”، “تقديم “معلومات استخباراتية إلى عملاء قوى أجنبية من المرجح أن تضر بموقف الجزائر العسكري أو الدبلوماسي أو مصالحها الاقتصادية الضرورية”، وكذلك “التحريض على التجمهر غير المسلح”، وذلك على خلفية نشره حوارا مصورا مع متحدث باسم وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي على مدونته.

وفي يوم 21 يونيو 2018، خفّضت محكمة ولاية بجاية، الحكم إلى 7 سنوات سجن بدلا من الحكم السابق الصادر بسجنه 10 سنوات. ثم نقضت المحكمة العليا الحكم في يناير 2019، وأحالت القضية مجدّداً إلى محكمة استئناف في سكيكدة (500 كم شرق العاصمة الجزائر) التي قضت يوم 4 مارس 2019، بتخفيض العقوبة إلى السجن خمس سنوات بينها اثنتان مع النفاذ قضاهما بالفعل في الحبس.

 

محاكمة الصحفي عدلان ملاح

اعتقلت قوات الأمن الصحفي ومدير موقع “دزاير برس” عدلان ملاح، يوم 22 أكتوبر 2018، بعد شكاوى تقدم بها أنيس رحماني، صاحب قناة النهار الجزائرية الخاصة، بسبب مقالين كتبهما الملاح في موقع “ألجيري دايركت”، الذي يشرف على رئاسة تحريره، وتم تقديم الملاح للمحاكمة بزعم “الإساءة إلى المؤسسات العامة” و “تسجيل أو تصوير دون ترخيص أو موافقة” و”الاعتداء على الحياة الخاصة”، واستمر الملاح في الحبس لمدة شهر قبل أن يطلق سراحه على ذمة القضية. وفي 18 يونيو 2019، برأت محكمة الشراقة بالعاصمة ملاح، من 16 قضية قذف، رفعها ضده كل من المدير العام لمجمع “النهار”، ورئيس تحرير موقع “الجزائر 24” التابع لمجمع “النهار”.